صيادون: غياب التقنيات وجشع التجار أضر بنشاطنا ديوان الزكاة ينفي الاتهامات ويؤكد العدالة رئيس اتحاد الصيادين: نسعى لتغيير الواقع نحو الأفضل بورتسودان: نازك جيلاني وهو يتحدث معي من داخل مركبه المتوقف قبالة سوق السمك ببورتسودان، قال الصياد (عصام بطران) فقد كان حانقاً، وهذا ما كشفت عنه ملامح وجهه، وأكد أن الصيادين يعانون من مشاكل كثيرة أدت إلى تراجع التجارة، وأكد غاضباً أن من أبرز أسبابها طمع التجار الكبار الذين يتحكمون في السوق ويفرضون أسعاراً غير مجزية للصيادين نسبة لأنهم يمولون العملية بأكملها، وفي بعض الأحيان يحجمون عن الشراء حتى تتلف كمية الصيد ويخسر الصياد مجهود يوم كامل ويُلزم بتسديد مبلغ التمويل إلى التجار. معاناة وشكوى إذن، فإن أربعة آلاف مواطن ضاقت بهم الحياة فاتجهوا إلى شاطئ البحر الأحمر بمدينة بورتسودان للعمل في صيد (الأسماك) حتى يتمكنوا من توفير (لقمة) العيش، لكنهم اصطدموا بواقع مؤلم ومعاناة تلحقها أخرى وباتوا يعملون في ظل ظروف وعقبات تحيط بهم، فمرة يكسبون وتارة يخسرون، بسبب المشاكل التي تعوق الإنتاج والعملية التسويقية. وللوقوف على هذه المشاكل جلست (الصيحة ) إلى أصحاب الوجعة ليعكسوا معاناتهم. صعوبة الصيد تنطلق رحلة الصيادين من مدينة بورتسودان مع صلاة الفجر يسبق ذلك الإعداد الكامل للمعدات المساعدة في العملية من (قوارب وشبكات وغيرها) والتزود بالوقود (بنزين) حوالي (300) لتر للرحلة، إلى جانب تجهيز (الزوادة) والثلج اللازم لحفظ الأسماك أثناء الرحلة التي تستمر من (أربعة أيام إلى أسبوع) حسب ظروف الصيد، فكل صياد يحمل معه (14) لوح ثلج يتم حفظها في وعاء مجهز، من ثم يتجهون إلى مناطق الصيد في شمال بورتسودان صيفاً وجنوبها شتاء، ومناطق الصيد في شمال بورتسودان تمتد من منطقة شعب الرومي مروراً بمناطق (سلك صغير وسلك كبير وشعب (قرنة)، وشعب بايير قديم، وحول جبل مقرسم وشعب حنوان) الذي يقع جوار منطقة دنقناب، وعادة تبدأ عملية الصيد في الساعة السادسة صباحاً وتنتهي الثانية بعد الظهر، بعدها يتجه الجميع إلى الشعب المرجانية الضخمة للاحتماء خلفها من الرياح العاتية، وهناك يتم طهي الطعام، وبعدها يخلد الجميع إلى الراحة تحت المظلة الموجودة بالمركب للحماية من أشعة الشمس الحارقة، وفي الليالي المقمرة تتم عملية الصيد ليلاً من الخامسة عصراً حتى التاسعة مساء حيث يعود االصيادون إلى المرسى الآمن لقضاء الليل، ويتنقلون بين الشعب المرجانية بحثاً عن الأسماك بالتالي يضيعون وقتاً ثميناً بسبب غياب التقنيات الحديثة وجهاز ( fish finder) الباحث عن الأسماك، بالتالي يعتمد الصيادون على خبراتهم المتوارثة في تحديد مناطق الصيد والتي هى عبارة عن واحات بحرية شأنها شأن واحات الصحارى. إنهاء الرحلة من الأسباب التي تدفعهم إلى إنهاء الرحلة بالنهار تتمثل في الحصول على صيد كافٍ أو عندما يشارف الوقود والمواد التموينية على النفاد فيعودون أدراجهم معتمدين على الرؤية البصرية لمعالم معينة وليلاً يهتدون بالنجم، وعادة ما يصلون إلى بورتسودان عصراً حتى يتمكنوا من بيع الأسماك في صباح اليوم التالي باكراً، وحجم الإنتاج في الرحلة الواحدة يتراوح ما بين(150 – 220) كيلو من مختلف الأسماك، ويوجد من يبيع أسماكه إلى التجار الذين يتمركزون في سوق بورتسودان المركزي للأسماك وآخرون يقومون ببيعها في المزاد العلني. خلفية الجدير بالذكر أن سواحل ولاية البحر الأحمر مقارنة بدول حوض البحر الأحمر تمتاز بنسبة ملوحة أقل مما يجعله من أنسب الشواطئ للقيام بعملية الاستزراع المائي للروبيان والأسماك وتقوم ولاية البحر الأحمر بتصدير العديد من الأسماك إلى أسواق العربية السعودية، ويوجد في ولاية البحر الأحمر قرابة ال4000 صياد أسماك موزعين على المناطق الساحلية وتنقسم مناطق الصيد الإدارية إلى ثلاث مناطق، المنطقة الوسطى (بورتسودان – هوشيري – الرقبة) المنطقة الشمالية منطقة حلايب وجبيت المعادن والقنب والأوليب المنطقة الجنوبية سواكن، طوكر، وعقيق وتنتج المنطقة الجنوبية وحدها 45% من ناتج الإجمالي الذي يدخل إلى سوق بورتسودان المركزي. مدخلات الإنتاج وعن معاناتهم تحدث الصياد الشاب (مصعب محمد موسى) عن مدخلات الإنتاج والتي وصفها بأنها غالية الأسعار وغير مضبوطة التسعيرة، والتي تؤثر على هامش ربح الصياد، ويرى أن الدولة لم تدعم القطاع الذي يعتبر ركيزة أساسية عليها تقوم عملية الصيد. من جانبه أفاد محمد عثمان الشاذلي أن الدعم الوحيد للدولة يأتي من ديوان الزكاة للصيادين عبر مشروعات تمليك قوارب صيد مجهزة، وذلك في إطار دعم ديوان الزكاة لصائدي الأسماك بولاية البحر الأحمر فقط، وأشار إلى عدم وجود عدالة في توزيع القوارب وعدم استحقاق البعض لملكيتها إذا أن هناك أشخاصاً لا يتمون بصلة للصيد والصيادين يتم تمليكهم جزءاً من هذه القوارب ويقومون ببيعها فور استلامها، كما أن جميع الصيادين اتفقوا على انعدام دور اتحاد صائدي الأسماك بولاية البحر الأحمر، حيث أنه لا يقوم بالدفاع عن قضايا الصيادين. تأمين القوارب بالمقابل أكد يحيى على دعم الدولة لقطاع الصيد والصيادين من ناحية معدات الصيد المختلفة، وقال إن الصياد يحتاج إلى تأمين لقاربه ضد أخطار البحر من غرق وحريق فهو عرضة للأمواج والعواصف، وفي ظل غياب التأمين للقوراب في حالة الحوادث تقوم بعض الجهات الخيرية ومجموعات من الصيادين بدعم زميلهم المنكوب. تمويل وفي ذات السياق، تحدث تاجر الأسماك محمد البراوي متفقاً مع ما ذهب إليه زميله يحيى دهب، وأضاف أن التجار أيضاً لديهم التزامات عديدة تجاه الصياد، وأضاف: نحن اللذين نقوم بمده بمدخلات الإنتاج وإقراضه ما يحتاج من مال، وقد نختلف أو نتفق، فنحن كأسرة واحدة لا غنى لنا عن بعضنا البعض. منظومة متكاملة كما التقيت محجوب صاحب مطعم أسماك وجمبري، حيث قال إنه يمارس هذه المهنة منذ العام 1996م وأن يبيع يومياً 100 كيلو من الأسماك والجمبري، وقال إنهم يعملون ضمن منظومة متكاملة بها ما بها من العيوب والمحاسن لكنها مترابطة فيما بينها، فالصياد والتاجر وصاحب المطعم والزبون ينتمون إلى بعضهم البعض، فأنا مثلاً التزم بأسعار الأسماك للزبائن في المطعم إذ أن هنالك ارتفاع وانخفاض في أسعار الأسماك حسب الوفرة والندرة فرغم ذلك أسعاري ثابتة لاهتمامي بالزبون. غياب ثقافة كما ذكر مدير التشغيل الطيب محمود بمرسى هيدوب في حديثه عن الصيد والصيادين أن هنالك غياباً للثقافة الغذائية للمواطن ويعتبر هذا أحد الأسباب التي تجعل هذه الثروات تهدر في التصدير الخارجي، فيجب أن تكون هنالك توعية برفع مستوى الثقافة الغذائية وأفكار استثمارية كأسواق داخلية ومحطات تجميع يستفيد منها الصياد والمواطن، كمار أشار إلى ضرورة ضبط تسعيرة مدخلات الإنتاج ودعمها من قبل الدولة. جهات مختصة من جانبه قال الأستاذ حسن منيب رئيس اتحاد صائدي البحر الأحمر إنه توجد بولاية البحر الأحمر 17 جمعية تعاونية لصائدي الأسماك، ونحن كاتحاد نتصل بهذه الجمعيات عبر مناديب يمثلونها، وعن ما تم إنجازه في الفترة السابقة ذكر رئيس الاتحاد أنهم في مرحلة خطة شاملة في إطار النهوض بشريحة صائدي الأسماك بالولاية. جهود ولكن كما جلست إلى مدير إدارة المشروعات بديوان الزكاة ولاية البحر الأحمر يحيى أبو كنة الذي تحدث عن ميزة الولاية النسبية بإطلالة 7 محليات على الساحل الذي تتوفر فيه الأسماك مقارنة بسواحل البحر الأحمر بالدول الأخرى، وعن الصيد والصيادين ذكر أن صيادي الولاية يقومون بالصيد بطريقة غير مجزية اقتصادياً لهم وللدولة، كما يتميزون بالخبرة وجودة الأداء، ولكن تعوزهم الإمكانيات، ونحن في ديوان الزكاة نوجه جهودنا للنهوض بهذه الشريحة عبر مشاريع هادفة تستغل فيها مواردنا بصورة تفيد الجميع. وأشار إلى عدم صحة ما زعمه بعض الصيادين بعدم وجود عدالة في توزيع الدعم الذي يصلهم من ديوان الزكاة المتمثل في قوارب صيد مجهزة بكل المعدات. وعن هذا تحدث الأستاذ يحيى أبو كنة قائلاً: غن التوزيع يتم عبر لجان متخصصة يُمثل فيها الصيادون وكل الجهات الأخرى ذات الصلة، ويتم تمليك القوارب للصيادين استناداً على دراسات تشملهم وأسرهم وأوراق ثبوتية تثبت أنهم يمارسون هذه المهنة، ويدفع ديوان الزكاة نسبة 70% من قيمة القارب كدعم للصياد و30% يدفعها الصياد عبر البنك بأقساط مقسمة على 24 شهراً علماً بأن قيمة القارب " فايبر بلاس" 75 ألف جنيه. جرافات وتطور كما تحدث يحيى أبو كنة عن مشروعاتهم القادمة تتمثل في مشروع صناعة الجرافات وعملها بالبحر الأحمر في إطار الاستفادة من الموارد البحرية المحلية بصورة أشمل وأكمل ولكي تتم تغطية أكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة، وأضاف: تعتبر الجرافة وعاء كبيراً يمكن أن يستوعب عدداً من الصيادين يصل إلى 15 فرداً، وهذا يتيح إنتاجاً أعلى وفرص عمل أكبر، وهذا العمل الرائد كونت له لجنة فنية من ذوي الاختصاص لكي يتدارسوا كيفية تنفيذ هذا المشروع الوطني الخالص. 1200 قارب وفي سياق متصل، تحدثنا إلى الأستاذ سعيد جمعة مدير إدارة المصائد البحرية بولاية البحر الأحمر، الذي قال عن علاقتهم بقطاع الصيد والصيادين إننا الجهة الفنية التي تقوم بتنظيم هذا العمل وإصدار رخص الصيد للصيادين وتسجيل القوارب التي يبلغ عددها 1200 قارب، والإشراف على النشاط الكلي لقطاع الأسماك.