لم يدر بخلد المليجي والد عائلة المليجي الشهيرة بالضرب على (الإيقاعات) أن ملاحظة الإنجليز وإشادتهم بانضباطه في العمل عندما كان ينخرط في سلك البوليس بودمدني عاملاً، يمكنها أن تغير مسار حياته ليصبح واحداً من أشهر العازفين في السودان، حيث كانت بداتيه مع عزف (الهورن) و(الطربموت) في المارش، فاهتمامه بأناقته جعلت مهمة اختياره للعزف ضمن صفوف فرقة موسيقى البوليس الإنجليزي أيام الاستعمار من السهولة بمكان، فصار أول عازف سوداني في الفرقة، ثم ابتعث لدراسة الموسيقى بالقاهرة، ولدى عودته عمل مدرساً للموسيقى بمدرسة مدني الثانوية، لم يكتف مليجي بتعليم الأولاد في المدرسة، بل شرع في تعليم أبنائه في المنزل، حتى تحققت فيه المقولة الشهيرة (ابن الوز عوام). فلأسرة المليجي مساهمات واضحة في الساحة الفنية، ويعد أبناؤه من أمهر العازفين على الآلات الإيقاعية، وترى بصمتهم عبر الفرق الموسيقية وتجدهم يعزفون خلف أغلب الفنانين والمطربين في الساحة. التقت (اليوم التالي) في هذه المساحة بشريف مليجي الذي اختير ليشارك ضمن كوكبة العازفين في برنامج (أغاني وأغاني) لرمضان هذا العام، فماذا دار؟ مليجي بيت ولد شريف المليجي بمدينة ود مدني، نشأ وترعرع وسط أسرة تعشق الموسيقى بإيقاعاتها المختلفة، يعزف شريف على الإيقاع كذلك هو الحال بالنسبة لحاتم ونميري وفائز وبقية إخوته التسعة الذين يعزفون على جميع الإيقاعات السودانية، لكنه تميز بالعزف على (البونقز). وعن بدايته قلل شريف: "بدأت العزف في الفترة التي ظهرت فيها طلائع مايو أيام الرئيس الراحل جعفر نميري، بعدها كونت وإخوتي فرقة (مليجي بيت) وأنتجنا البوماً ونحاول إنتاج آخر". وأضاف: "لكن والدي هو سبب تعلقي بالموسيقى وساعدني ووضع رجلي على الطريق، ولاسيما أن الآلات الموسيقية كانت متوفرة في المنزل، الأمر الذي ساهم في إجادتهم للعزف على مختلف الآلات، فمثلاً الأخ الأكبر فائز يعزف على آلة الإيقاع، وسامر يعزف على الكمنجة". الإيقاع والآلة أشار شريف إلى أن هناك فروقات بين الإيقاع والآلة. وقال: "الإيقاعات لها نوتة والآلات كذلك، كلها تحتاج إلى دراسة من الألف إلى الياء، وفي ذلك يتفقان، إلا أن الإيقاع من أصعب الآلات، وذلك يرجع إلى ضرورة ضبطك الزمن". وتابع: "إذا حدث أي خلل هذا يعني أن كل القروب أصبح خارج الشبكة، وفي نهاية الأمر المبدع أصلاً مبدع، فقط يحتاج إلى تنمية مهاراته وقدراته بالدراسة حتى يبدع أكثر ويكون رائعاً جداً". مدارس الموسيقى قال شريف إن السودان فيه كليات للموسيقى لكنها ضعيفة. وأضاف: "تخصص كلية الموسيقى والدراما معهد الموسيقى والمسرح سابقاً في تدريس الموسيقى مع الفنون الأخرى، وكذلك قصر الشباب والأطفال لكن الدراسة فيهما ليست قوية بعكس المعاهد، نادي الفنانين مثلاً فيه أستاذة يدرسون الموسيقى بالنوتة". ولفت إلى أن المدارس المتخصصة تكشف المواهب وتولد الإبداع لأن الموسيقى روح الإنسان". مسميات الآلات الإيقاعية أشار مليجي إلى أن الإيقاع يتكون من ثلاث علب (التك، الدم، الممو) والطبلة مثل الدلوكة والكونغا، بالإضافة إلى التمباني، وهي تشبه التربيزة الكبيرة توجد في اتحاد الموسيقى والمسرح وتدرس، والروتودوم، وهناك أيضاً الباركشن الذي هو عبارة عن كشكوش والإيقات كلها باركشن، بجانب الدرامز والأورغن. وقال: "يعتمد الفنان على الإيقاع الذي بدونه لا يستطيع الغناء ويكون بطيئاً". ولفت إلى أنه عزف خلف فنانين كبار، منهم على سبيل المثال الموسيقار محمد الأمين، أبوعركي البخيت، صلاح ابن البادية، مجذوب أونسة، حمد الريح، عبد القادر سالم وحسين الصادق. اليوم التالي