متمسكون بإسقاط النظام عبر انتفاضة شعبية مازال تحالف قوى الأجماع الوطني متمسك بموقفه الرافض للألتحاق بالحوار الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية المشير عمر البشير ،والحزب الوحدوي الناصري واحدا من تلك القوى. (اخر لحظة ) جلست إلى الأمين العام للحزب ساطع الحاج وطرحت عليه، العديد من الأسئلة المتعلقة بالراهن السياسي وموقف المعارضة حول عدد من القضايا المطروحة في الساحة على رأسها التعديلات الدستورية التي أجازها البرلمان مؤخرا وحكومة الوفاق الوطني فإلى مضابط الحوار.. حوار: خديجة صقر البرزن *تقييمك للحوار الوطني ومخرجاته؟ -واحدة من أهم أسباب فشل الحكومة في إيجاد طريق صحيح للحكم والإجابة على سؤال كيف نحكم وما هي الأهداف التي نريد أن نحققها، وكان لا بد أن نجاوب على هذا السؤال منذ عشية الاستقلال في 1956م ،ولكن منذ تلك اللحظة لم تتم الإجابة حتى يتم رسم ملامح مستقبل السودان على كافة الأصعدة والمستويات، لذلك كانت فكرة إقامة مؤتمر دستوري تشترك فيه كافة الأحزاب السياسية للإجابة على ذلك السؤال، إلا أنه تأخر ولذلك عندما جاءت حكومة الديمقراطية الثالثة في حكومة الائتلاف الحزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي تم توقيع اتفاق مع الحركة الشعبية، ونص هذا الاتفاق على بند مهم جداً هو إقامة مؤتمر دستوري كان منذ حوالي 30 عاماً، لكن انقلاب الإنقاذ قطع الطريق على قيام المؤتمر وعمل على إقصاء الآخر وحكم بنظرية أحادية تماماً، وهناك العشرات الذين تمت إحالتهم للصالح العام مما أحدث إرباكاً في الحالة الاجتماعية والاقتصادية وتدمير شامل للبنى التحتية، ووصلت البلاد إلى مرحلة من التفكك اللا مسبوق، وعندها وجدت الحكومة نفسها فى وضع لا تحسد عليه ودعت لحوار الوثبة لتمديد مريح لسلطانها، ونحن في الحزب الناصري وتحالف قوى الإجماع تعاملنا بموضوعية كبيرة جداً مع الأمر من باب أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي، رحبنا بالحوار في ظل معطيات محددة. *لكنكم لم تشاركوا؟ -الحوار يا سيدتي يجب أن يكون متكافئاً وأن تنزع الخوف من الشخص الذي تحاورة، ولكن لا يمكن أن تحاور شخصاً وتصوب البندقية على رأسه، وكان لا بد من إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ووقف الحرب وخلق بيئة ملائمة للتفاوض تساعد على تشجيع كل القوى السياسية والمدنية لرسم ملامح السودان الجديد، لكن الحكومة رفضت هذا الأمر جملة وتفصيلاً، وأجرت حواراً شكلياً لضمان بقائها، اصطنعت في قاعة الصداقة أكثر من 100 من الأحزب الكرتونية الهلامية والتي لا وجود لها في الساحة السياسية من حيث القيادة والكسب السياسي والتاريخ والبرامج، والوطني حاور نفسه واستبعد كل القوى الحقيقية التي تؤثر على مسار الحركة السياسية مثل تحالف قوى الإجماع بما فيها حزب الأمة وحركة حق والناصريين والاشتراكيين، وكذلك الحركات المسلحة التي تقود القتال حقيقة على أرض الواقع ممثلة في الجبهة الثورية، ولذلك لم يكن جاداً في إيجاد صيقة يشترك فيها مع كافة القوى، والدليل على ذلك ما حدث في التعديلات الدستورية. *ماذا حدث بالتعديلات الدستورية؟ -كان يجب أن يدفع بالتعديلات الدستورية التي تتعلق بالحريات، ولكن المؤتمر الوطني دفع بالتعديلات الدستورية المتعلقة بالدستور التي تتحدث عن الأشكال الإجرائية المتعلقة برئيس الوزراء، والفصل بين منصب النائب العام وزير العدل، هذه المسائل ليست لها علاقة بالحريات أو بلب الحوار الحقيقي، وكان أن حدث تحايل على ما تم الاتفاق عليه داخل قاعة الصداقة، ثم جاء الأمر الثاني بعد الضغوط التي مارسها المؤتمر الشعبى في التعديلات الدستورية المتعلقة بالحريات، ولكن للأسف هذه التعديلات جاءت منافية لما تم الاتفاق عليه داخل قاعة الصداقة مع الأحزاب الكرتونية، وأثير زواج التراضي لإلهاء الناس عن التعديلات الحقيقية. *وأسقط زواج التراضي؟ -عندما برز زواج التراضي في التعديلات الدستورية كانت تلك محاولة ممنهجة لإفراغ التعديلات الدستورية من محتواها، والتعديلات الدستورية التي أصر عليها المؤتمر الشعبي معظمها يتعلق بإطلاق الحريات، وعندما ركز على هذا الجانب هذا يعني مباشرة الاستخفاف بمفهوم التعديلات الدستورية والتركيز على ملمح ثانوي جداً، وعندما أجيزت بشكلها الحالي الذي فرضه المؤتمر الوطني لإلهاء الناس عن جوهر ما يراد تعديله، وكأنما هذه التعديلات أصبحت تضرب في العمق الثقافي السوداني وأنها موبوءة وتدعو للانحلال، وعندما تسقط في البرلمان يتنفس الناس الصعداء. * تقليص صلاحيات جهاز الأمن؟ -طيب هذا أمر مهم جداً، أولاً أنا لست مع تقليص صلاحيات جهاز الأمن، أي دولة محترمة تمتلك جهاز أمن قوي، أنا مع إبعاد إحساس المواطن المباشر بجهاز الأمن. *ما هو الحل برأيك؟ -إسقاط هذا النظام عبر الانتفاضة الشعبية والوسائل السلمية ،ولن ينصلح حال البلد، لأن المؤتمر الوطني أصبح جزءاً من الأزمة وعقبة أمام أي تحول ديمقراطي حر. *المعارضة ضعيفة ولا تصلح لقيادة البلاد؟ -لا توجد معارضة دستورية ،وبالتالي ليست لها حقوق وواجبات تقاوم بشكل يكاد يكون مسلحاً من خلال الاعتقالات والمحاكمات والاتهامات الجزافية التي لم تتوقف، ومحاصرة دور الأحزاب ومنع النشاط الحزبي ومنع الأحزاب من ممارسة أدائها في التنوير، ونتكلم عن أوضاع غير متكافئة والمؤتمر الوطني يمتلك قوة من الترسانة وجهاز الأمن في ظل معارضة سليمة لا تمتلك نفس الأدوات وتجابه بالقوة، هي مخنوقة لأنها غير محمية بالدستور. *ألستم نادمون على عدم المشاركة في حكومة الوفاق الوطني؟ غير نادمين على عدم الالتحاق بالحوار الوطني، والآن اتضح جلياً صدق رؤيتنا عندما رفضت حكومة المؤتمر الوطني بناء البنية الصحيحة لإحداث حوار حقيقي، وهذا الحوار أرادت به تمديداً سلمياً لسلطتها ونحن ندعو لتداول سلمي للسلطة، وبدون إسقاط حكومة الإنقاذ بالوسائل السلمية لن نستطيع أن نخرج بالبلد لبر الأمان، والآن تكلفة استمرار المؤتمر الوطني في الحكم أعلى بكثير من تكلفة إسقاطه. *العلاقة بين مصر والسودان توترت حد الإساءة؟ -في الحزب الناصري علاقتنا مع الشعب المصري خط أحمر لا يمكن التلاعب بها ولا يمكن تجاوزها، ونعتقد أن الرقم الجغرافي بوجود مصر والسودان في هذه البقعة الجغرافية والتاريخ المشترك تحتم أن يكون هناك عمل إستراتيجي مشترك بين الدولتين، وأن ما حدث الآن لا يعبر عن الشعب المصري، ونحن مطمئنون على علاقة الشعبين وعلينا أن نفضح الهوجة الإعلامية، المشروع الإمبريالي هو المستفيد من إضعاف مصر، والشعبان أكبر من هذه الترهات وما يربطنا مع مصر أضعاف ما يربطنا بدول الخليج، وأمن السودان الإستراتيجي مرتكز مع أمن مصر الإستراتيجي. *كيف تنظر لتطور العلاقة بين السودان ودول الخليج؟ -كل حكام الخليج هم تلاميذ في مدرسة المشروع الإمبريالي، والآن تم استقطاب السودان لهذه المدرسة، نحن نربأ أن يكون السودان عصا لهذا المشروع في المنطقة، وعلى الحكومة أن تعي دورها الإستراتيجي في المنطقة، ولا تتحول إلى تابع لحكام الخليج، ولكن نرحب بالتكامل الاقتصادي بين كل دول الوطن العربي الذي يصب في مصلحة الدول العربية، وأعتقد أن السودان دولة مهزومة داخلياً واقتصادياً وسياسياً، وقبل أن تفتح جبهات خارجية متخبطة، عليها أن ترتب البيت الداخلي بشكل قوي حتى يصبح السودان قوياً على المستوى الإقليمي. *رفع العقوبات إلى أي مدى يمكن أن يساهم في عملية الاستقرار؟ -العقوبات الأمريكية عمرها ما كانت سبباً في انهيار الاقتصاد السوداني، والسبب الرئيسي في الانهيار تخبط السياسات الداخلية وتخبط الحكام في إيجاد مشروع ورؤية اقتصادية تحدث تقدماً حقيقياً في الاقتصاد، وتدهور الجنيه السوداني لم يكن بسبب العقوبات الأمريكية، بل لغياب الرؤية في استغلال موارد البلاد بشكل صحيح، فالسودان لم يكن رقماً إقليمياً عقب رفع العقوبات ولن يكون كذلك ما لم يخلق اقتصاد قوي، والآن محاولة إبرازه كرقم إقليمي، محاولة صورية لاستغلاله، ولذلك تقسيم السودان لخمس دويلات مخطط استعماري صهيوني إمبريالي سمعنا به ولم نكن نصدق، لكن الواقع الآن يتم استغلال الحكومة الحالية لتفتيت السودان، هذا يعني أن الثروة يتم استغلالها بصورة محترمة للمشروع الإمبريالي. * رأيك في خلافات الحركة الشعبية؟ -الحركة الشعبية يضعف فيها المنهج الديمقراطي، وعندما أتيحت لها الفرصة لتحكم السودان لست سنوات، لم تستطع أن تحدث أي اختراق حقيقي تجاه الديمقراطية أو التداول السلمي للسلطة، وهي ساهمت في تمرير قانوني الصحافة والمطبوعات والأمن القومي الوطني بشكلهما الحالي، وكل القوانين المقيدة للحريات فهي تدعو للممارسة الديمقراطية ولا تنفذها، والآن لست متعاطفاً معها، فضلاً عن أنها لم تقدم أي مشروع للولايات التي كانت تحكمها وتجاربها ليست مرضية، فالحركة تحتاج لوقفة مع النفس. *الحلو الآن يدعو لتقرير المصير؟ -أنا ضد تقرير المصير، وهذا ينسجم مع تقسيم السودان والمخطط الإمبريالي، عندما نقول تقرير مصير كأننا عجزنا أن نجد معادلة لإدارة التنوع، لم نعجز نحن، بل عجزت حكومة المؤتمر الوطني في ذلك وفشلت في إدارة التنوع، والانفصال يعني مزيداً من الإضعاف لصالح المشروع الإسرائيلي. *علاقتكم بالمؤتمر الشعبي؟ ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، فكل المعارضة لبناء الوطن وأن نحدث اختراقاً حقيقياً يؤدي لتداول السلطة بشكل سلمي.