تحولات الحرب في السودان وفضيحة أمريكا    ماذا قالت قيادة "الفرقة ال3 مشاة" – شندي بعد حادثة المسيرات؟    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأوضاع الثقافية والفكرية في المهدية
نشر في الراكوبة يوم 05 - 05 - 2017

تأثرت حالة الفكر والثقافة في المهدية بعوامل عدة منها :
-1 الحروب الداخلية والخارجية التي عاشتها فترة المهدية ، وبالتالى كان الهم الأكبر هو حشد الطاقات وتركيز الجهود في هذا المجال.
2 - قامت ايديولوجية المهدية على فكرة المهدى المنتظر ، فالمهدى هو امام القرن وخليفة رسول الله ، ومن مهامه تجديد الاسلام ورفع المذاهب والرجوع الى الأصل ، اى الى الكتاب والسنة، ومن هذا المنطلق. اعلن المهدى الغاء المذاهب والطرق الصوفية والدينية ، وبالتالى اصبح المهدى هو الاطار المرجعي الوحيد للدين ، هذا اضافة الى أن المهدى رأى أن تعدد الكتب والمذاهب ادى الى اختلاط أمر الدين على الناس واحدث بلبله في عقولهم وأمر باحراق كل الكتب الا الكتاب ( القرآن الكريم ) والحديث الصحيح .
كان الامر بحرق الكتب وبالا على حركة الثقافة والفكر في تلك الفترة ، تلك الكتب التى كانت نتاجا لتطور العقل البشري في مراحله المختلفة ، ولولا هذه الكتب والمؤلفات التى اطلع عليها الامام المهدى نفسه لما وصل الى فكرة (المهدى المنتظر) والتى كانت موحودة في مؤلفات (ابن عربي) وغيره ، ولما توصل للمعارف الصوفية والتاريخية التى ساعدته على قيادة الثورة بنجاح، هذا اضافة الى أنها كانت عملية غير مجدية لأن الناس كانوا يمارسون القراءة سرا ، ويذكر بابكر بدرى في كتابه (تاريخ حياتي) أنه كان يمارس القراءة سرا .. هذا اضافة الى أن قرار احراق الكتب ادى الى تعطيل وتجميد الحركة الفكرية والثقافية في المهدية ، وهذا نابع من ايديولوجية المهدية التى من أهم أركانها أن الايمان بالمهدية هى وحدها الاسلام الصحيح والوحيد ، وأن معارضتها كفر وخروج على الاسلام ، وهذا الأمر كان له نتائج سلبية على حركة الثقافة والفكر في المهدية ، وفي وضع كهذا تصبح كل الكتابات والمؤلفات هى تبرير السياسات القائمة، أو الكتابة عن سيرة المهدى أو الخليفة أو اعادة طبع منشورا ت المهدى أو اعادة طبع ما كتبه المهدى عن موقع الخليفة عبدالله بعد وفاة المهدى ، واختزال الحياة الدينية الخصبة في راتب المهدى .
3 - جاء الغاء التعليم المدني ليحرم دولة المهدية والمجتمع السوداني في تلك الفترة من مصادر جديدة للتعليم الحديث مثل علوم الرياضيات والهندسة والموسيقي واللغات الفرنسية والتركية والعلوم ( فيزياء وكيمياء ) التى كانت تدرس في المدارس الابتدائية وفي المدارس التبشيرية ، وكان من الممكن أن يستمر ضوء ذلك الشعاع مع ادخال التعديل المناسب الذي يتناسب مع ايديولوجية المهدية في نلك المدارس ، اضافة الى أن هذا النظام كان نتاجا للفكر الانساني الحديث الذي قامت على أساسه النهضة في اوربا في القرن الثامن والتاسع عشر ، وحتى نظام الخلاوى الذى رجعت اليه المهدية لم تحدث فيها تحولات في نظمها لتتناسب مع مستجدات العصر أو ربطها بمواد التعليم الحديث.
4 - من الناحية الاخرى نجد أن أغلب المؤلفات التى اصدرتها مطبعة "الحجر" كانت تدور حول المهدى والمهدية ، فتم طباعة رسالة الحسين ابراهيم زهرا والحسن العبادى عن المهدى والمهدية وكتاب (الرجبية) في المواريث.
وفي امدرمان كتب اسماعيل عبدالقادر الكردفاني تاريخ المهدى والمهدية والذي سماه : ( سعادة المستهدى بسيرة الامام المهدى ) ثم كتابه الصغير ( الطراز المنقوش في قتل يوحنا ملك الحبوش .(
وبتكليف من الخليفة عبدالله وضع الطاهر محمد التاتاى كتاب ( مجالس المهدى ) الذى دون فيه اقوال المهدى وحكمه الماثورة وما استشهد به وقد حذا حذوه آخرون من أمثال ابكر علون ووضعوا مصنفات في المجالس .
وبتكليف من الخليفة ايضا بدا جمع محررات المهدى التى كانت بايدى الناس وتوجه محمد الامين – وهو من كتاب الديوان – الى اقليم كردفان لهذا الغرض ، وفي ام درمان وضعت مصنفات كثيرة اخذ مصنفوها مادتها من الأجزاء المطبوعة من المنشورات ومن المحررات الأصلية التى كانت تكتشف من وقت لآخر في بيوت الكتاب والأمراء ، وقد كتب عوض الكريم المسلمي مجموعة الفيوضات ، وهى أوفى مجموعة لرسائل المهدى في ام درمان، ( محمد ابراهيم ابوسليم : الحركة الفكرية في المهدية ، ص 54 ).
ومن مراكز الثقافة المعروفة في المهدية كانت امدرمان ، وفي شرق السودان مركز ) قرية افافيت ) ومركز دنقلا . وفي هذه المراكز اضافة للمحررات التى تتعلق بثقافة النظام القائم . كانت هناك المؤلفات التى كان يصدرها كتاب المهدية واصحابهم في الاقاليم في الشعر الوجداني ، وكان ميدانهم المفضل هو موضوع الاخوانيات كالتهاني في المناسبات السعيدة وتقريظ المؤلفات والود الاخوى . هذا اضافة الى كثرة الشكوى من الغربة والشوق وعسر الحياة ، وهذا جانب له وزنه الخاص في المهدية ، اذ ترك معظم الناس أوطانهم ليستقروا في النقاط الحربية ويعيشوا حياة الجهاد القاسية بعيدا عن الاصدقاء والاحباب ، وهناك شعر المناسبات العامة وهو كثير ، وكان اغلبه في مدح المهدى وفي موضوع الحماس عامة ، ثم قيل شعر كثير في رثاء المهدى ومدح الخليفة ، الا أن اغلبه شعر ركيك . ( نفسه : 54 ).
ومن الجوانب الادبية التى كان يتبادلها الكتاب في الموضوعات الاخوانية أو فيما يتصل بأعمالهم الثقافية ومن قبيل ذلك محررات التهنئة أو الاعتذار التى كان يحررها الكتاب المتمكنون من أمثال محد مصطفى كاتب الأمير يونس الدكيم كانوا يجدون في هذا المقام المجال لابراز البراعة الادبية والحس الفني ( نفسه : 55 ).
ومن أهم كتاب ( مركز افافيت ) المجذوب يوسف الذي كان كاتبا للامير عثمان دقنه ومحمد المجذوب بن الشيخ الطاهر الذي اعد مخطوط وقائع الشرق الذي وصف وقائع المهدية في الشرق منذ أن حل به عثمان دقنه موفدا من المهدى .. كما صنف محمد المجذوب ايضا مجموعة ( الفيوضات الوهابية ) المحفوظة بمتحف باريس ( نفسه : 56 ).
كما كان من أهم الكتاب بمركز دنقلا الشيخ محمد عبدالرحيم صاحب المؤلفات العديدة في تاريخ السودان والذي توفي في سنة 1966 م .
هكذا نخلص الى أن نمط الثقافة والفكر والادب والشعر الذي كان سائدا في المهدية والذي كان يدور حول المهدى والمهدية والنتائج التى ترتبت على حروباتها مثل الحنين الى الوطن وغيره .
وفي مضمار الثقافة والفكر في المهدية ايضا ترد كتابات المعارضين أو خصوم المهدية مثل: كتابات العلماء والفقهاء ورسالة الشيخ دوليب المعارضة للمهدية وفي الادب والشعر ( للمزيد من التفاصيل راجع : بشرى أمين : مع شعرائنا القوميين ، دار الارشاد 1971 م ، ص 9 ، وما بعدها حول الادب القومى في المهدية ).
اى أن المهدية شهدت ثقافة منحازة لها وثقافة معارضة ، ولكن عموما وكتقويم عام ، يمكن القول أن المهدية شهدت قحطا ثقافيا وفكريا للاسباب التى أوردناها سابقا ..
مراجع:
تاج السر عثمان: دراسات في التاريخ الاجتماعي للمهدية، مركز عبد الكريم ميرغني 2010م.
محمد ابراهيم ابوسليم:الحركة الفكرية في المهدية، دار جامعة الخرطوم 1970م.
الاثار الكاملة للامام المهدى ( 1 -5)، تحقيق د . محمد ابراهيم ابوسليم ، دار جامعة الخرطوم للنشر .
الميدان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.