" عليّ إن لاقيتُها ضرابُها" هذا الشعار طالما رفعته الإنقاذ وهي تبحث خلال ثلاثة عقود لملاقاة أمريكا ومنازلتها وضرابها وسحقها .. غير أن أمريكا ظلت تتحاشى تلك المواجهة الخاسرة وتهرب من قوات الدفاع الشعبي التي كانت تقاتل أبناء الوطن بتسول زاد المجاهد .. لكن ولأن الزمن دولاب فقد تهافت هؤلاء الأوغاد للركوع والسجود أمام أمريكا ذليلين منكسرين وهم يدقون طبول الفرح ويتبادلون التهاني لمجرد التلويح بوعود أمريكا برفع العقوبات التي خنقت الإنقاذ وأرهقت الشعب السوداني لرعونة تصرفات نظام الإنقاذ ومكابرته. إن هذا النظام البائس ظل ينكد على شعبنا الصابر كل يوم بسوء سياساته وتصرفاته وسوء تقديراته وحماقاته . وقد استفزتني تلك الفرحة الغامرة التي طغت على حديث البشير لجريدة الشرق القطرية الأسبوع الماضي إذ صرح منتشيا بالقول " إن حضوره قمة يشارك بها الرئيس ترامب يعد نقلة نوعية في علاقات السودان مع المجتمع الدولي " ولم تسعه الفرحة فأضاف " إن هذه القمة هي رد على من يحرضون الدول على عدم دعوته لمؤتمرات دولية على أراضيها " .. هذا ما قاله صاحب شعار " عليّ إن لاقيتها ضرابها " وحين دقت ساعة لحظة الضراب هاهو يكاد يقسم " علي إن لاقيتها تقبيلها " .. السياسة السودانية فاشلة ولا يحتاج ذلك لعناء الإثبات والدبلوماسية السودانية البائسة كررت فشلها في عدم توقع المتوقع فإذا كان الرئيس المعروف بأنه لا يملك من أمر تجويد خطابه شيئا فما كان للدبلوماسية السودانية أن تتورط هذه الورطة الفضيحة حيث صرح وزير الخارجية إبراهيم غندور " أن البشير سيحضر قمة الرياض ".!! كان ينبغي عليكم أن تدركوا مبكرا أن البشير لا فرصة له في لقاء ترامب لسبب بسيط وهو أن أمريكا ما زالت تدرج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب لكن وزارتكم ، وزارة الواتساب تصدق ما يروجه البعض من أن أمريكا رفعت اسم السودان من الإرهاب لمجرد أن تقريرا غير ملزم ولا هو من جهة اتخاذ القرار في الولاياتالمتحدة لم يدرج اسم السودان في القائمة التي رفعها للكونغرس وذلك لا يعني بحال أن اسم السودان قد تم رفعه من اللائحة السوداء وإنما هي مجرد تكهنات تخضع في النهاية لتقييم من جهات أخرى. الصفعة جاءت الآن للرئيس من عاصمته وبالتحديد من السفارة الأمريكية بالخرطوم التي أكدت مجددا ردا على ما أسمته " الشائعات في وسائل الإعلام " أن الولاياتالمتحدة حسمت أمرها من رفض سفر الرئيس السوداني للرياض وقالت في بيانها " لم يطرأ أي تغيير على إدراج اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وكنا واضحين تماما مع حكومة السودان على مستوى الخطوات التي يتحتم إقرارها قبل النظر في إمكانية شطبها من قائمة الدول الراعية للإرهاب ولإحراز تقدم على مستوى تخفيف العقوبات الاقتصادية " انتهى البيان الصادم لأحلام البشير وزمرته بتقبيل يد أمريكا. لقد توهمت الدبلوماسية السودانية أن الدعوة الموجهة من السعودية والدعم الذي تلقاه الحكومة من دولة الإمارات في تطبيع علاقات السودان بأمريكا كافيان للتمهيد للبشير بالحضور لكن هؤلاء تناسوا أن الدول الغربية لا تتعامل بعاطفة " العزومة والضيوف " فكيف صدقت حكومة السودان ورئيسها أن يستقبله رئيس يدرج اسم بلاده على لائحة الإرهاب ؟ وكيف تناسوا أن البشير مطلوب للعدالة الدولية وأن جميع حلفاء أمريكا الغربيين يرفضون مقابلته ويطالبون بملاحقته والقبض عليه وأن الولاياتالمتحدة وإن لم تكن موقعة على المحكمة الجنائية الدولية إلا أنها لا يمكن أن تخذلهم وتجعل نفسها عرضة للانتقاد من الداخل ومن منظمات حقوق الإنسان في دول العالم كافة. إن الدبلوماسية السودانية لو كانت من الحصافة بمكان فقد جاءتها الرسالة قبل أيام في منتدى الديمقراطية الذي عقد بدولة قطر وشارك فيه البشير وذلك عندما انسحبت وفود الدول الغربية عندما بدأ البشير يلقي كلمته فهل كان يتوقع أن تكون تلك الدول راضية أو موافقة على حضور قمة يشارك فيها دونالد ترامب بالرياض ؟ كان يجب أن ينتبهوا لأن ذلك كان مؤشرا يقتضي بالضرورة أن زيارته للسعودية هي ورطة ونقمة لا نعمة. الآن صفعت أمريكا الرئيس مؤكدة على ثوابتها ضده وورط النظام نفسه بإعلان وزير خارجيته مبكرا أن الرئيس سيحضر ولا نشك في أن الحماقة ستدفعه للحضور للسعودية مهما كان الأمر ما لم تطلب منه السعودية رفع الحرج عنها بعدم الحضور لكن هل فكر في مقدار الحرج الذي سوف يتسبب فيه أو يلاقيه إن حضر ؟ ماذا إذا رفض الرئيس الأمريكي دخول البشير للقاعة ؟ وسنكون أكثر تفاؤلا ونقول ماذا إذا اشترط أنه لن يصافحه فأين سيقف في صف الزعماء ؟ بل ماذا إذا انسحب الوفد الأمريكي وسفراء الغرب والدول الموقعة على ميثاق محكمة الجنايات الدولية خلال الزيارة حتى إذا كان ذلك خلال مأدبة تقام على شرف الوفود ؟ هل تحسب البشير وزمرته لكل ذلك ؟ لو كنت مكانكم أيها البائسون لروجت كثيرا لدعوة البشير لحضور قمة الرياض باعتبارها تمثل قبولا للسودان في المحافل الإقليمية وتعتبر تمهيدا لقبوله دوليا دون أن أتحدث عن حضورها إلا في اللحظات الأخيرة ولكونت لجنة لمناقشة كل جوانبها ولاتصلت بالدولة المضيفة ولقبلت دعوتها شاكرا دون أن أقطع بالحضور لكن يكون من الحماقة والعبث إذا توقع عضو في اللجنة السماح بحضور قمة ترامب .. وهنا يبرز السؤال إذا ما الحل ؟ كان المفترض أن توصل الحكومة رسالة للسفارة الأمريكية بطرق خاصة وتلمح لها أن الرئيس لن يحضر القمة حتى لا تتعجل في إصدار أي موقف قاطع ومحرج كالذي حدث بسبب حماقة الوزير الذي أكد الحضور وكان ينبغي تحاشي الحضور حتى لو بلغ الأمر التحجج بالمرض وإدخال الرئيس المستشفى بعد عودته من الدوحة ليصدر بعدها اعتذار عن عدم الحضور نظرا للوعكة الصحية والتي تحتم عليه الخلود للراحة لأيام.. وبذلك يتم تفادي الموقف المحرج وإرضاء أصحاب الدعوة وتجنيبهم الحرج ونجاة الرئيس بجلده من ورطة احتمالات اللقاء مع ترامب لكن " رئيسنا " الفرحان " ووزير خارجيته " الغلبان " بتصرفاتهما الرعناء جعلا السودان مسخرة بين شعوب الأرض. تنويه : من لم يشاهد منكم الرقصة المبتذلة والشبال " للرئيس من الحنانة " في حفل افتتاح المدرسة السودانية بالدوحة فليفعل ليرى بنفسه مستوى السقوط " حتى خارج بلادنا .. " والذي لا يشبه السودان.. ألا بئس ما تفعلون. [email protected]