منذ أن تم الإعلان عن استضافة المملكة العربية السعودية للقمة العربية الإسلامية الأمريكية، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 21 مايو الجاري، وأعلنت المملكة أنها بدأت بتوجيه الدعوات إلى القادة العرب الذين سيشاركون في القمة.. بدأت الأسافير تضج بالتخمينات والتحليلات حول توقعات مشاركة الرئيس البشير في هذه القمة، خاصة وأن قيادة المملكة العربية السعودية ستكون حريصة جداً على مشاركة السودان، لكونه لاعباً أساسياً ومهماً في التحالف الإسلامي الذي تقوده المملكة العربية السعودية . السعودية دولة أصيلة ووفية لحلفائها وأشقائها.. ونوايا المملكة العربية السعودية تجاه السودان ترجمتها وأكدتها المواقف الكبيرة التي قدمتها ولا تزال تقدمها السعودية في مساندة السودان والوقوف مع الشعب السوداني .. لكن ألسنة الحقد السياسي كانت تستبعد توجيه دعوة من السعودية للبشير في قمة الرياض العربية الأمريكية، تفادياً لأي نوع من الحرج السياسي، بحسب خلفية علاقات الولاياتالمتحدة مع السودان، والأسافير تقسم وتجزم وتقطع بأن مشاركة السودان غير واردة؛ لأن ترامب لن يرغب في ذلك .. والسودان بالمناسبة لم يكن سيتفاجأ أو يحتفظ بأي موقف تجاه المملكة العربية السعودية لو تجاوزته ولم توجه له الدعوة للمشاركة.. لأن موقف السعودية مقدر تماماً في كل الأحوال ومفهوم للجميع أن علاقات السودان مع الولاياتالمتحدة متأهبة لتوها لمرحلة العودة من مربع الجفوة والتأزيم الذي تحركت منه في اتجاه التطوير والتصحيح.. وليس بالضرورة أن تحدث هذه القفزة الواثبة في العلاقات، لدرجة أن يلتقي ويجتمع الرئيس البشير بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في هذه المرحلة.. طالما أن الأمور تمضي للتحسن وطالما أن الدبلوماسية تعترف بالتدرج والتمرحل والتمهل في تطوير العلاقات بين الدول . الدبلوماسية علم وفن ماهل وهادئ يهتدي بمثل المعاني التي يهتدي بها خبراء الحياة في ثقافتنا الشعبية، ومنهم سائقو اللواري السفرية في طرقات السودان قديماً حين يوجه لهم أحد الركاب قليلي الصبر السؤال: متى نصل محطتنا النهائية؟ فيكون رد سائق البص.. (السايقة واصلة) . لكن برغم هذا اليقين وهذه القناعات المنطقية.. تفاجئ المملكة العربية السعودية الكثيرين وتحبط الكثيرين أيضاً وهي توجه خطاب دعوة رسمية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للرئيس البشير للمشاركة في قمة الرياض.. العربية الأمريكية بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب . تلك الدعوة التي لها مدلولات كبيرة جداً حول مستوى حرص المملكة العربية السعودية على المساهمة بقوة في إزالة مخلفات الماضي في العلاقات السودانية الأمريكية، ولها أيضاً مؤشرات مهمة بخصوص موقف الرئيس ترامب الذي من الطبيعي والبديهي أنه على علم بمن سيشاركونه في الاجتماع، وبالتالي على اطلاع بهوية المدعوين، وهذا من أصول وبدهيات الترتيب والتنظيم لهذه القمة التاريخية، وبالتالي فإن استلام البشير لدعوة رسمية من المملكة العربية السعودية، أول من أمس، للمشاركة في قمة مشتركة مع طرف آخر هو الولاياتالمتحدةالأمريكية، يفيد بأن هذا الطرف موافق إن لم نقل إنه بات راغباً في مشاركة البشير . ولأن قضية رفع العقوبات الأمريكية بشكل نهائي هي القضية الأهم بالنسبة للسودان، فإن القفزة الحقيقية ستكون قد حدثت بأعلى من الطموح وأكبر من التوقعات، لو حدث لقاء ثنائي على هامش قمة الرياض بين البشير وترامب، وتم وضع اللمسات النهائية لقرار رفع العقوبات وتدشين مرحلة التطبيع الكامل بين البلدين .. بعده يمكن أن يلقي العالم بالنظرة الأخيرة إلى جثمان المحكمة الجنائية الدولية.. وجثامين الرهانات الإسفيرية الخاسرة، وجثمان أزمات السودان الدولية قبل دفنها . شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين. اليوم التالي