منذ فترة طويلة مضت والحكومة تطرق في موضوع ظاهرة التطرف الديني والانحراف الفكري بشدة، وجعلته واحداً من أهم الموضوعات التي لا تقبل التأخير ونظْرت فيه كثير جداً، الموضوع تفجر حين ذهب مجموعة من شباب الجامعات إلى داعش بطريقة أثارت دهشة الجميع، هذه الأيام أضافت إلى موضوع التطرف هذا مصطلحاً جديداً اسمه ظاهرة الالحاد، فجره شاب قدم طلباً رسمياً للمحكمة للتنازل عن دينه الإسلام، الآن أصبح لديها مهمة اسمها مكافحة التطرف والالحاد والانحراف الفكري، أي مسؤول ما وجد نفسه في محفل من المحافل الدولية إلا و(وقشر) بالموضوع وهو يشرح مجهود السودان في مكافحة التطرف والإرهاب، و الإرهاب هذا منتج قديم نالت به الحكومة شهادة عالمية. السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا من قال للحكومة إن الأمر وصل مرحلة الظاهرة وأصبح مثل المخدرات والأمية والهجرة؟ أم أن الأمر أصبح نوعاً من التجارة الرابحة مما جعلها مهووسة بالحديث عن تجربتها الفريدة في مكافحة التطرف دون أية دراسات علمية وهي أصلاً ليس لديها تجربة، بل الحكومة استنفرت علماء السلطان ليفتوا فيما يجهلونه، وهم لم يقصروا وصفوا السودان بأنه أصبح لديه نظرية في مجال مكافحة التطرف والانحراف الفكري. والسؤال الأهم كيف أثبتت الحكومة إن ما يحدث في السودان وتسميه تطرفاً وإلحاداً هو مرض اسمه انحراف فكري، ربما هي مغامرات، بدليل إن الذين ذهبوا إلى داعش وفجروا الأمر لم تظهر عليهم أعراض التطرف كما شهد أهلهم، ومحمد الذي تقدم بطلب للمحكمة يتنازل عن دينه كان يمتحن الحكومة كما اعترف هو وللأسف سقطت حكومته وهي أصلاً كانت ساقطة في نظره، ما تسميهم الحكومة منحرفين فكرياً ربما هم مفكرون أذكياء، ولكن هي من خذلتهم، وأياً كانت الظروف ما حدث يثبت أن المنحرف الحقيقي هي وليس هم. وجهت رئاسة الجمهورية علماء السلطان بوضع معالجات للانحرافات الفكرية التي تجتاح الشباب والعمل على إيجاد آلية لفض الصراعات الفكرية والدينية، وزير الدولة برئاسة الجمهورية الرشيد هارون قال في ختام دورة البناء الفكري التي أقامها مركز التحصين الفكري وهو مؤسسة جديدة، إن التحدي الذي يواجه الشباب السوداني الآن يتمثل في التطرف الديني والغلو والاستلاب الثقافي وصعود ظاهرة الالحاد والانحلال، وهذا ليس صحيحاً لأن التحدي الحقيقي هو بقاء الشباب تحت سلطة حكومة هي المنحرفة، فهي من دفعتهم للتفكير بلا وعي ولا تنضج، ثم تأتي وتكيل لهم اتهامات جزافاً على السنة مسؤولين لا يعرفون المسؤولية. أيها السادة علماء السلطان قولوا لسلطانكم أن أسباب ما تسمونه بظاهرة التطرف والالحاد والانحراف الفكري سببه انحراف الدولة التي لا تقيم أطفالها ولا شبابها، فلا تمنحهم العلم ولا المعرفة التي تنير لهم الطريق، ولا الصحة و الحياة المستقرة التي تجعلهم ينشئون في بيئة صالحة، ولا تمنحهم التقدير ولا الحب ليشعروا بالانتماء، وأن الدواء الناجع في علاج انحراف الدولة وليس الشباب، إذ إنه لا يستقيم الظل والعود أعوج. التيار