لندن: أدانت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أمس الاحد الاعتداء الذي نفذه ثلاثة مسلحين ليل السبت دهسوا وطعنوا عددا من الاشخاص في لندن متهمة «ايديولوجية التطرف الإسلامي الشريرة» فيما اعتقلت الشرطة 12 شخصا. وفي ثالث هجوم إرهابي دموي تشهده بريطانيا خلال ثلاثة شهور قام ثلاثة مهاجمين على متن شاحنة صغيرة بدهس حشد على جسر لندن بريدج ثم هاجموا مارة بالسكاكين موقعين سبعة قتلى، قبل ان تقتلهم الشرطة. واعتقلت الشرطة 12 شخصا في مداهمات في حي باركينغ بشرق لندن على صلة بالاعتداء، فيما ذكرت شبكة سكاي نيوز أن الشرطة دهمت عقارا يعود لأحد القتلة. وقالت الشرطة انها تتعامل مع هذه الهجمات الجديدة التي تأتي قبل خمسة ايام فقط على الانتخابات التشريعية في بريطانيا، على انها «اعمال إرهابية». وصرحت ماي ان الاعتداء هو «نتاج أيديولوجية التطرف الإسلامي الشريرة». وأدانت الاعتداء وقالت ان بريطانيا تواجه تهديدا جديدا يقوم فيه المهاجمون «بتقليد بعضهم» وأن الاعتداءات الأخيرة وان لم تكن جزءا من المكيدة نفسها، فإنها متصلة في ما بينها لأنها «نتاج أيديولوجية التطرف الإسلامي الشريرة نفسها». وأضافت أن «الإرهاب يغذي الإرهاب ومرتكبوه لا يتصرفون بموجب مكائد معدة بعناية وإنما هم مهاجمون معزولون يقلدون بعضهم باستخدام الوسائل الأكثر فظاعة». وعقب الهجوم أعلنت الأحزاب السياسية تعليق حملاتها الانتخابية لنهار الأحد على ان تستأنف الاثنين، بينما أكدت ماي أن الانتخابات التشريعية ستجري كما هو مقرر الخميس 8 حزيران/يونيو. وعاش الموقعان السياحيان اللذان شهدا الاعتداء في قلب لندن كابوسا ليل السبت الاحد، إذ اغلقت محطات مترو الأنفاق والشوارع المحيطة فاضطر الناس للبقاء في المطاعم والحانات، بينما كانت تسمع صفارات سيارات الشرطة المسرعة. وقال الساندرو لشبكة بي بي سي «رأيت شاحنة صغيرة تتحرك بسرعة يمينا ويسارا لتصدم اكبر عدد من الناس، وكان الناس يركضون لمحاولة الهرب منها». وقال جيرار للبي بي سي «كانوا يطعنون الجميع وهم يهتفون (هذا في سبيل الله)»، مؤكدا انه شاهد امرأة تسقط. واكد ايريك وهو شاهد آخر تحدث عن «مجزرة»، انه سمع هذا الهتاف ايضا. اما دي (26 عاما) التي تقيم في لندن، فاكدت انه «هجوم إرهابي أنا متأكدة من ذلك. رأيت شاحنة صغيرة تصدم الحشد على لندن بريدج ثم رجلا يشهر سكينا وهو يتوجه إلى حانة». ووقع الهجوم الذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه حتى صباح الأحد، بعد دقائق من انتهاء المباراة النهائية لدوري ابطال اوروبا في كرة القدم، التي تجمع عدد كبير من المشاهدين لمتابعتها على شاشات كبيرة في حانات الحي. وقالت الشرطة في بيان انها تلقت اتصالا عند الساعة على اثر شهادات تحدثت عن مركبة دهست حشدا على الجسر. وتوجهت الشاحنة الصغيرة بعد ذلك إلى حي بورو ماركيت. واضافت ان المهاجمين تركوا الآلية هناك وقاموا بطعن عدد من الاشخاص بينهم ضابط في شرطة النقل اصيب بجروح خطيرة. وتابعت الشرطة في بيانها ان عناصرها «ردوا بسرعة متصدين بشجاعة لهؤلاء الأفراد الثلاثة الذين قتلوا في بورو ماركيت» الحي المجاور للندن بريدج حيث قام المهاجمون بصدم حشد بشاحنة صغيرة، مؤكدة ان المهاجمين قتلوا في الدقائق الثماني التي تلت اول اتصال تلقته الشرطة. وأوضحت ان «المشتبه بهم كانوا يرتدون ما يشبه سترات ناسفة، تبين انها مزيفة»، داعية إلى تجنب التوجه إلى الاحياء التي جرى فيها الهجوم للسماح لرجال الانقاذ بالقيام بعملهم. كما اعلنت زيادة عديد افرادها في لندن في الايام المقبلة، بينما ستشهد بريطانيا في الثامن من حزيران/يونيو انتخابات تشريعية. وذكرت مصادر رسمية ان جسر لندن بريدج سيبقى مغلقا ليلا بينما تم تطويق ثلاثة مستشفيات في وسط لندن. ونقل نحو خمسين جريحا إلى خمسة مستشفيات، كما اعلنت اجهزة الاسعاف التي قالت انها عالجت عددا من المصابين بجروح اقل خطورة في المكان. وجرح استرالي وأربعة فرنسيين اصابة أحدهم «بالغة»، كما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لورديان عبر اذاعة «فرانس انفو». وفي واشنطن، اعلن البيت الأبيض ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «الدعم الكامل» للولايات المتحدة بعد «الاعتداء الإرهابي الوحشي»، وذلك في اتصال هاتفي جرى ليل السبت الاحد. وانتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عمدة لندن صادق خان وأنصار إجراءات السيطرة على الأسلحة و«الكياسة السياسية»، بعد الهجوم. وكتب ترامب على موقع تويتر أمس الأحد يقول: «7 قتلى على الأقل و48 جريحا في هجوم إرهابي، وعمدة لندن يقول إنه لا سبب للقلق!». وكان خان قال لإذاعة (بي بي سي) في مسعى منه لطمأنة سكان لندن وزائريها، إن «اللندنيين سيشهدون وجودا متزايدا للشرطة اليوم وعلى مدى الأيام القلائل المقبلة. ليس هناك ما يدعو للقلق». ونشر رسالة الطمأنة على تويتر أيضا حيث قال: «نحن جميعا نشعر بالصدمة والغضب اليوم، لكن هذه مدينتنا. لن نسمح أبدا لهؤلاء الجبناء بأن يفوزوا، لن يخيفنا الإرهاب أبدا». كما نشر ترامب على تويتر أمس الأحد تغريدة قال فيها: «يجب أن نتوقف عن ان نكون ذوى لياقة سياسية وأن نشرع بجدية للاضطلاع بالمهام الأمنية لشعبنا، إذا لم نتصرف بذكاء فسيزداد الأمر سوءا». وقال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الأحد ان فرنسا تقف «أكثر من أي وقت مضى إلى جانب بريطانيا». وقال في تغريدة «في مواجهة هذه المأساة الجديدة، تقف فرنسا اليوم اكثر من اي وقت مضى إلى جنب بريطانيا. أفكر في الضحايا وأقاربهم». وأكد المستشارة الألمانية انغيلا ميركل وقوف المانيا «بثبات» إلى جانب بريطانيا. كذلك أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاحد الاعتداء الذي وصفه بانه «إرهابي» وقدم «خالص تعازيه» إلى الشعب البريطاني وفق الكرملين. وأكد رئيس بلدية لندن صادق خان انه «ليس هناك اي مبرر ممكن لمثل هذه الأعمال الوحشية». أما زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن، فقد قال انه «يفكر في الضحايا وعائلاتهم». وأدانت الرابطة الإسلامية في بريطانيا «إم إيه بي» الهجمات الإرهابية التي شهدتها لندن الليلة الماضية. وقال رئيس الرابطة دكتور عمر الحامدوني، صباح أمس الأحد: «كعضو في المجتمع البريطاني يتعين علينا إدانة جميع الأعمال الإرهابية». وتابع قائلا: «لا يمكن أن نسمح لهؤلاء المجرمين بنشر الكراهية والخوف. يتعين علينا إحباط محاولاتهم الرامية لتقسيمنا». يذكر أن عشرة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم إثر هجمات على جسر لندن وسوق بورو الواقع بالقرب منه، من بينهم ثلاثة مهاجمين، حسب بيانات الشرطة، فضلا عن إصابة عشرات آخرين. وهذا الاعتداء هو الثالث الذي تشهده بريطانيا في ثلاثة أشهر. ففي 22 آذار/مارس الماضي قام رجل بدهس مارة على جسر وستمنستر فقتل أربعة أشخاص. وقتل المهاجم خالد مسعود وهو بريطاني اعتنق الإسلام. بعد شهرين وقع اعتداء أسفر عن سقوط 22 قتيلا وأكثر من مئة جريح عندما فجر بريطاني من أصل ليبي نفسه في مانشستر في نهاية حفلة غنائية للمغنية اريانا غراندي. ويفترض ان تشارك غراندي في حفلة غنائية خيرية الاحد تكريما لضحايا اعتداء مانشستر. وقد كتبت على تويتر «أصلي من أجل لندن». وتبنى اعتداء مانشستر تنظيم الدولة الإسلامية الذي يضاعف هجماته في أوروبا بينما يتكبد خسائر في سوريا والعراق. وكانت ماي رفعت بعد اعتداء مانشستر مستوى التهديد الإرهابي في بريطانيا إلى الدرجة القصوى، قبل ان تخفضه مجددا قبل أسبوع بدرجة واحدة تشير إلى «احتمال كبير» بوقوع اعتداء. وذكرت وكالة برس أسوسييشن للأنباء أمس الأحد نقلا عن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في انجلترا إن 21 مصابا من بين ضحايا هجوم جسر لندن الذي وقع مساء السبت في حالة حرجة. وفي وقت سابق قالت هيئة الإسعاف في لندن إن 48 شخصا نقلوا للمستشفى بعد إصابتهم بجروح في الهجوم الذي خلف سبعة قتلى. وقال مصور تلفزيوني إن الشرطة أخرجت أربع نساء من شقق سكنية في باركينج بشرق لندن أمس الأحد مع إعلان القبض على 12 شخصا من المنطقة فيما يتعلق بهجوم الليلة الماضية الذي خلف سبعة قتلى و48 مصابا. وأضاف المصور الذي كان في المكان أن رجال الشرطة اصطحبوا النساء الأربع، اللائي كن يغطين وجوههن أثناء مغادرتهن المبنى، إلى سيارات فان تابعة للشرطة وغادروا المكان.