لندن – كشفت مصادر مصرفية أمس أن مصرف قطر المركزي طلب من البنوك التجارية تقديم معلومات تفصيلية ومنتظمة بشأن تداولات النقد الأجنبي لديها والسحب على الودائع والتحويلات. ويأتي ذلك بعدما هبط الريال القطري مقابل الدولار إلى أدنى مستوى في 11 عاما في السوق الفورية، في ظل مؤشرات على أن بعض صناديق الاستثمار الأجنبية تسحب أموالها من قطر بسبب المقاطعة التي فرضتها السعودية والإماراتوالبحرين ومصر وامتدت إلى بلدان كثيرة. ونسبت وكالة رويترز إلى مصادر مطلعة تأكيدها أن البنك المركزي طلب من البنوك أيضا توفير معلومات بشكل يومي عن تداول النقد الأجنبي وعمليات السحب والتحويلات من الودائع التي لا تزيد قيمتها على 10 ملايين ريال (2.7 مليون دولار) ومعلومات يومية بشأن سحب السيولة والودائع. وأشارت المصادر إلى أن البنك المركزي كان يطلب من البنوك مثل هذه المعلومات شهريا.وأكدت أن البنك المركزي طلب من البنوك أيضا تقديم تفاصيل عن ودائع العملاء من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والدول الأخرى التي انضمت إلى المقاطعة. كما فرض البنك المركزي على المصارف تبويب تلك المعلومات وفقا لمدتها ونوعها على أساس أسبوعي أيضا. ولم يصدر أي تعليق أمس عن البنك المركزي حتى الآن. وتعمقت أزمة الثقة بمستقبل الاقتصاد القطري حين خفضت وكالة ستاندرد أند بورز التصنيف الائتماني لديون قطر، وأصدرت وكالة موديز تحذيرا من تراجع جودة الائتمان القطري إذا استمرت مقاطعة الدوحة. ونتيجة ذلك قفزت تكلفة التأمين على الديون السيادية القطرية من مخاطر التخلف عن السداد بشكل حاد أمس لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ مطلع ديسمبر الماضي. وبلغت عقود مبادلة مخاطر الائتمان القطرية لأجل 5 سنوات 89 نقطة مقارنة مع 65.5 في نهاية الأسبوع الماضي قبل أن تقطع السعودية والإمارات ومصر البحرين علاقاتها مع الدوحة. وخفضت ستاندرد أند بورز تصنيفها الائتماني للديون القطرية الطويلة الأجل يوم الأربعاء درجة واحدة إلى "أي.أي سالب"، ووضعتها على قائمة المراقبة الائتمانية ذات التداعيات السلبية، وهو ما يعني أن هناك احتمالا كبيرا لخفض جديد في التصنيف. وتنطوي عقود مبادلة مخاطر الائتمان القطرية في الوقت الحالي على احتمال تخلف عن السداد نسبته 6 بالمئة في السنوات الخمس القادمة. وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أمس إن جودة الائتمان القطري ستتراجع إذا استمرت التوترات مع جيرانها الخليجيين لفترة طويلة، مما يزيد نسبة ديون البلاد ويؤثر سلبا على سيولة البنوك. وأخبرت عملاءها بأنه "إذا طال أمد الخلاف بين قطر وجيرانها في مجلس التعاون الخليجي أو اشتدت حدته فمن المحتمل أن يكون لذلك أثر مالي أبرز وأن يرفع تكاليف التمويل للحكومة والكيانات القطرية الأخرى". وأشارت موديز إلى أن التصعيد "قد يتضمن قيودا على تدفقات رأس المال، مما يؤثر سلبا على سيولة وتمويل البنوك القطرية"، مضيفة أن إجمالي الدين الخارجي لقطر تعادل نحو 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويرى محللون أن أوضاع قطر قد تتفاقم مع تحذير الإمارات والسعودية من احتمال تشديد المقاطعة وتجديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأييده لضرورة إجبار الدوحة على تغيير سياساتها. وأوضحت موديز أن التوترات الأخيرة جاءت في وقت كان فيه اعتماد البنوك القطرية على التمويل الأجنبي "مرتفعا" وتوقعت ارتفاع تكاليف تمويل البنوك لإصدار أدوات الدين التي تمثل حاليا نحو 11 بالمئة من إجمالي المطلوبات الأجنبية للبنوك. وأضافت إن هناك خطرا من سحب غير المقيمين لودائعهم في المصارف القطرية والتي تشكل نحو 43 بالمئة من إجمالي المطلوبات الأجنبية وتصل نسبة التسهيلات الائتمانية 46 بالمئة. وألمحت الوكالة إلى أن جزءا كبيرا من مصادر المطلوبات الأجنبية، يأتي من دول مجلس التعاون الخليجي، ما يمثل ضغطا على السيولة في حال تصاعد التوترات، التي قد تشمل فرض قيود على تدفقات رأس المال. وواصل الريال القطري تراجعه إلى أدنى مستوى في 11 عاما مقابل الدولار في السوق الفورية في نهاية تعاملات أمس بسبب القلق من تأثر الاقتصاد القطري في المدى الطويل بسبب تداعيات أكبر أزمة دبلوماسية تواجهها البلاد. وكانت وكالة رويترز قد نسبت إلى مسؤول في مصرف قطر المركزي قوله يوم الثلاثاء إن الدوحة تملك احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية وأنها قد تستخدمها لدعم عملتها عند الضرورة. واتسعت آثار المقاطعة الشاملة المفروضة على قطر، حيت تعرّض الريال لضغوط كبيرة بسبب الإجراءات التي اتخذتها المصارف في الإمارات والسعودية والبحرين. كما ارتفعت تكلفة تأمين ديون قطر السيادية بسبب تراجع ثقة المستثمرين. وتعرضت العملة القطرية على مدى 4 أيام لضغوط كبيرة مع تزايد خطوات تعليق البنوك التجارية في الخليج للتعاملات مع البنوك القطرية في إطار المقاطعة الشاملة من السعودية والإماراتوالبحرين ومصر ودول عربية أخرى. وأرجأت بعض البنوك السعودية والإماراتيةوالبحرينية تعاملات مع البنوك القطرية مثل خطابات الاعتماد بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر يوم الاثنين. وتفيد بيانات البنك المركزي القطري بأن البنوك المحلية كانت تقترض من الخارج لتمويل أنشطتها بعد أن تضخمت ديونها الخارجية لتصل إلى 124 مليار دولار، مرتفعة بأكثر من 45 بالمئة منذ بداية العام الماضي. وواصلت السندات الدولارية السيادية لقطر استحقاق 2026 تراجعها الذي بدأ يوم الاثنين لتسجل أقل مستوى منذ منتصف مارس، في وقت ارتفعت فيه تكلفة التأمين على ديون قطر إلى أعلى مستوى في 4 أشهر.