عند صدور الأمر التنفيذي الأمريكي برفع الحظر جزئيآ عن البلاد، و كما ورد في القرار نفسه، كان واضحاً إن مراجعة القرار خلال ستة اشهر تنتهإ في 12/7/2017م، قلنا في ذلك التاريخ ان أمام الحكومة عمل كثير لاستيفاء الشروط الأمريكية، ومن الخير لها ان تبدأ فوراً في تنفيذ المحاور الخمسة التي اشتمل عليها القرار وهي (التعاون في مجال مكافحة الإرهاب؛ معالجة تهديد جيش الرب للمقاومة؛ وإنهاء الأعمال القتالية في المنطقتين ودارفور؛ تحسين وصول المساعدات الإنسانية؛ وإنهاء التدخل السلبي في جنوب السودان)، ان كانت راغبة في استكمال رفع الحصار، ولاحظنا وقتها ان الحكومة ستضيع الفرصة، و سيأتي الموعد و لن تفعل الحكومة شيئاً، و قد حدث ما توقعناه، في ذلك الوقت قلنا ان الحكومة ليست راغبة في رفع الحصار، و ان تباكيها على الحصار و نتائجه الكارثية ما هو الا حملة علاقات عامة، ذلك ان مجرد رفع لوحده ليس كافياً لاحداث أي تحسن في الأوضاع الاقتصادية، وهو ما ينتظره الشعب السوداني من رفع الحصار،بعد ان حملت الحصار كل البلاوي والكوارث التي حلت بالبلاد، والحكومة تعلم ذلك جيداً، وتدرك أن رفع الحصار سيكشف كل الادعاءات الحكومية حول حقيقة الأوضاع الاقتصادية المتردية. أمس الأول 30 يونيو 2017م أصدرت السفارة الأمريكيةبالخرطوم تقريراً يؤشر بوضوح على أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستبقي على العقوبات المفروضة ضد حكومة السودان، و في احسن الأحوال تمديدها ستة أشهر اخرى، مع ملاحظة ان التقرير اشتمل لأول مرة على مسائل ظن كثيرون ان الولاياتالمتحدةالأمريكية غفلت عنها ولم تشر اليها في حيثيات مراقبة رفع العقوبات، فجاء في التقرير (لا تزال الولاياتالمتحدة قلقة جداً إزاء سجل السودان في مجال حقوق الإنسان، ونواصل الضغط على حكومة السودان لتحسين أدائها في هذه المجالات، وكما ذكرنا مراراً وتكراراً في واشنطن ونيويورك وجنيف والخرطوم، فإن حماية حقوق الإنسان متشابكة إلى حد كبير مع السلم والأمن). جاء في التقرير (نواصل رصد التقدم الذي أحرزته حكومة السودان في المجالات الرئيسية الخمسة المشار إليها في الأمر التنفيذي رقم 13761 لتحديد ما إذا كانت قد استوفت متطلبات الأمر لرفع بعض العقوبات في يوليو 2017م وفي هذه العملية، قمنا بالضغط لضمان التزام السودان بوقف الأعمال العدائية من جانب واحد في مناطق الصراع، ووقف جميع عمليات القصف الجوي العشوائي، وهي من اهتماماتنا الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنسان، وقد أثرنا على جميع المستويات مخاوفنا بشأن الناشطين المسجونين ومصادرات الصحف وهدم الكنائس والمساحة السياسية المقيدة والقيود المفروضة على الحرية الشخصية والدينية. ونتطلع إلى إحراز تقدم أقوى في هذه المجالات من قبل الحكومة السودانية)، و في نبرة نادرة جدد التقرير التزام الولاياتالمتحدة لشعب السودان بالاستمرار في العمل لتحقيق السلام و تعزيز و حماية حقوق الانسان. رد الخارجية السودانية جاء متأخرآ (15) ساعة، كما يلى (أن السودان يشهد حراكاً سياسياً غير مسبوق بمشاركة حزبية متعددة ومتنوعة فاقت الثمانين حزباً، وعدد مقدر من الحركات التي كانت تحمل السلاح وأصبحت الآن جزءً مهماً من عملية البناء السياسي والتنموي في البلاد،أن السودان يتمتع بحرية في مجال الصحافة متميزة ومشهودة، مشيراً إلى وجود أكثر من ثلاثين صحيفة يومية تحمل مختلف الآراء المعارض منها والمؤيد، ووصف البيان التعايش الديني في السودان بالنموذجي، وبالرغم من إن قضايا حقوق الإنسان السوداني شأن داخلي سيادي أعلن البيان استعداد الحكومة للتحاور في ما اسماه بالإرتباط الإيجابي، وأشارت الخارجية للتقدم المشهود الذي حققته الحكومة في تنفيذ المسارات الخمسة التي تواثق عليها الطرفان لرفع العقوبات الاقتصادية، باعتبارها خطوة لفتح الطريق أمام علاقات إيجابية بين الخرطوموواشنطن، ودافعت الخارجية عن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، ورأت أن "الحوار الوطني وما صدر من توصيات منه وإشراك عدد مقدر من القوى السياسية والمسلحة دليل ساطع على انفتاح الفضاء السياسي السوداني". وذكر البيان أن الحكومة إرتضت حكومة السودان إسلوب الحوار والتفاوض وأعلنت من جانب واحد وقف العدائيات وقبلت بالمقترح الأمريكي لإيصال المساعدات للمنطقتين وقال إن ذلك المقترح قوبل المقترح بالرفض حتى اليوم من الحركة الشعبية شمال، واعلن البيان عن تطلع الحكومة لرفع العقوبات الأمريكية لتفتح الطريق لعلاقات إيجابية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفق علاقات يسودها الإحترام والتعاون والمنافع والمصالح المشتركة والتفاهم حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك ، بشأن هذا الوضع جاء موقف الولاياتالمتحدة واضحاً دون التباس، الحكومة في موقف لا تحسد عليه، تبقت عشرة أيام لن تكون كافية لايقاف الحرب في المنطقتين و دارفور، و لن تفتح فيها مسارات الإغاثة، وما عدا ذلك فالرأي العام لا يعلم عنه شيئاً، أما ملف حقوق الإنسان فحدث ولا حرج، فقد اعتقلت الحكومة المواطنين في قبايل العيد، الولاياتالمتحدةالأمريكية ستبقي على العقوبات المفروضة على حكومة السودان، وفي أحسن الأحوال تمديدها ستة أشهر أخرى. الجريدة