ضجة لافتة أثارها خبر (التيار) بخصوص محاكمة مواطن سرق مصحفا من أحد المساجد، القاضي حكم على السارق بالسجن (3) أشهر، والجلد (40) جلدة؛ استناداً على المادة (174) من القانون الجنائي، والحكاية تقول: إن المتهم أقرّ بارتكاب جريمة سرقة (مصحف)، وأكد أنه سرقه بهدف بيعه في السوق، القاضي رأى أن الأدلة كافية فأوقع عليه العقوبة. الخبر بغرابته هذه أثار جدلاً واسعاً من كل زواياه، وانطبق عليه حال أغنية الفنان وردي (مرة أضحك ومرة أبكي، ومرة تغلبني القراية).. لا أدري إن كان القاضي- فعلاً- شعر أنها قضية سرقة مثلها مثل بقية قضايا السرقة، أم أنه أصدر الحكم وهو مستغرب مثل الذين استغربوا الواقعة، بل كيف تقدم الشاكي ببلاغ، ثم وجد طريقه من النيابة إلى المحكمة، معلوم أن السرقة جريمة، لكن محاكمة سارق مصحف بدت مسألة غريبة للغاية. ليس بعيداً من مثل هذه الجرائم التي ينجزها القضاء على وجه السرعة، فقد جرت العادة أن تمتلئ صفحات الجريمة في الصحف اليومية بمحاكمات تثير الغضب، فنقرأ- مثلاً- أن محكمة قضت بتوقيع عقوبة الغرامة (100) جنيه في مواجهة (11) متسولا منهم (معاقون). مثلاً- تنفيذ عقوبة الجلد حداً، والسجن ل (غسّال) سرق أسطوانة غاز، ثم نقرأ (قضت محكمة بتوقيع عقوبة السجن (3) أشهر في مواجهة شاب أُدين بسرقة (حذاء) من داخل مسجد بأم بدة، وأمرت المحكمة بجلد المدان (30) جلدة. الذي يُثير الحنق- حقاً- أن يتزامن خبر سارق المصحف مع إفادة في حوار صحفي ب (الصيحة) مع الإنقاذي المعروف يوسف عبد الفتاح، حيث يقول في سيرة الفساد ما يلي: "قدمت ثلاثة أشخاص في قضية اختلاس فتم إبعادي وترقيتهم". قبل أيام الأمين العام للحركة الإسلامية في نهر النيل تقدم بشكوى ضد رئيس المجلس التشريعي على خلفية حصول شقيق التشريعي على امتيازات خاصة، قدم شكواه إلى قيادة الحركة في الخرطوم.. مسكين.. الذي حدث له هو نفس الذي حدث ليوسف عبد الفتاح، ما كان أمام الحركة الإسلامية في المركز إلا إصدار قرار بإعفائه. يبقى من الطبيعي أن تنشط محاكمات سارقي (المصاحف)، و(الأحذية)، و(أنابيب الغاز).. ويبقى طبيعي جداً ترقي الذين سرقوا محتوى (المصاحف).. بل سرقوا (الدين).. السارق الحقيقي ليس هو الشخص الذي سرق مصحفاً ليبيعه، ابحثوا عمّن سرق (المصحف)؟؛ فهو مترقٍ في أعلى الدرجات. التيار