أتذكر جيداً، أن العضو المعيّن حديثاً، بمجلس الولايات محمد الأمين خليفة، طرح مقترحاً بتغيير اسم المجلس الى مسمىً آخر، بحيث يكون أكثر شمولاً واتساعاً، لكي يسمح للمجلس ولنوابه الكرام أن يلعبوا أدواراً أكثر تأثيراً في الشأن السوداني وربما الإقليمي، وحتى العالمي، إن وجد النواب إلى ذلك سبيلاً. بدلاً من أن يكون المجلس قاصراً على شؤون الولايات فقط. وظني أن هذا المقترح المترف فيه من المفارقات المضحكة ما فيه، ذلك أنه يتجاوز حدود وإمكانيات مجلس الولايات، وربما إمكانيات بعض منسوبيه وشاغلي مقاعده، ممن لا تنطبق عليهم الشروط الصارمة للترشح، بما في ذلك القدرة الحاذقة على الكتابة، حتى أن بعضهم يبدو مثل النائب البرلماني الشهير "أبو زينب"..! وأبو زينب هذا لمن لا يعرفونه هو نائب برلماني ترشّح في الانتخابات قبل الماضية، فطعن منافسُوه ضده في المحكمة، بحجة أنه غير مؤهل للترشح، لأنه لا يجيد الكتابة والقراءة. وحينما جاء الخصوم إلى جلسة النطق بالحكم، طلب الطاعنون من القاضي أن يأمر "أبو زينب" بأن يكتب – ولو اسمه فقط – حتى يتأكد من أنه أمي ولا يفك الخط. وحينما طلب القاضي من "أبو زينب" المطعون ضده ذلك، فإذا به يجتاز الامتحان العسير، ويتمكن من كتابة اسمه، بعد "تلتلة شديدة". هنا ضجت قاعة المحكمة والشوارع المحيطة بها، بالهتاف الداوي من أنصار المطعون ضده، تعبيراً عن الفرحة "كتب.. كتب.. أبو زينب كتب". المهم أن مطالبة القيادي بالمؤتمر الشعبي محمد الأمين خليفة، بتغيير اسم المجلس ليست جديدة، فقد سبقه إليها رئيس المجلس نفسه عمر سليمان، والذي سبق أن طالب بالبحث عن مسمىً جديد للمجلس حتى لا ترتبط مهامه في أذهان الناس بأنه خاص بالولايات فقط. وحتى يتسنى له أداء أدوار أكبر في الشأن القومي. إلى هنا قد يكون الأمر معقولاً ومقبولاً، ولكن المثير للجدل أن بعض أعضاء المجلس قطعوا الطريق على هذه الأحلام الوردية، وهذا التفكير المترف، فقد جزموا – في غير مرة واحدة - بأن المجلس لا يؤدي دوراً مؤثراً. وهو ما جرى – قبل ذلك - على لسان العضو لأمين بشير الذي برهن على أنه لا يزال يملك ما يحرِّضه على النقد، على عكس كثير من أعضاء المجلس ممن استكانوا للمخصصات فهدأت ثورتهم وغاب صوتهم، فقد قطع بشير بأن استمرار المجلس بهذه الصورة فيه ضياع وإهدار للمال العام، ذلك أن دوره غامضاً ولا يؤدي أغراض فاعلة..! وظني إن أصحاب الرأي الذي يقلل من فاعلية مجلس الولايات على الحق كله، ذلك أننا لم نر أو نسمع دوراً مؤثراً وفاعلاً للمجلس، وهو ما جعل منه مسرحاً تشريعيا يسبِّح بحمد ولاة الولايات، ليس أكثر. وعليه ينبغي على رئيس المجلس ونائبه الجديد محمد الأمين خليفة، أن ينشطاً لصنع هيبة لمجلسهم بدلاً من البحث عن أمنيات حالمة ومترفة لا يسندها منطق. وعليهم أن يصنعوا لمجلس الولايات مخالب وأنياب يهابها الولاة والوزراء، بدلاً من محاولات جلب التأنق الزائف والمستلب الى المجلس، فالحاجة الآن ليست في تغيير اسم المجلس وإنما في فرض هيبة المجلس أياً كان اسمه. الصيحة