خريجي الطبلية من الأوائل    لم يعد سراً أن مليشيا التمرد السريع قد استشعرت الهزيمة النكراء علي المدي الطويل    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    عائشة الماجدي: (الحساب ولد)    تحرير الجزيرة (فك شفرة المليشيا!!)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطاطس وبصل
نشر في الراكوبة يوم 06 - 03 - 2019

بعد ان استقر بي المقام في السويد ذهبت الى براغ لمقابلة الرفاق ، وقلت لهم هنالك بلاد لا تحس فيها بالغبن والعنصرية بدرجة دول شرق اوربا . وتبعني الكثيرون ، منهم الاخوة عمر وعمر اللذان كانا خلفي في الجامعة وهما صديقا خليل بدري . وفي بداية دراستهما للغة السويدية عملا في هوتيل لونديا الفاخر لبضع ساعات في اليوم . اندهشت عندما اخبرني الاخ مامون يوسف المامون والذي من زملاء براغ ، انهما كانوا يبصقان ويتمخطا على البطاطس والبصل قبل اخذه الى المطبج . حجتهما انهما يعملان في غرفة خشبية باردة خارج الهوتيل الفاخر وصلتهما بالهوتيل هي البصل والبطاطس . ويكتفيان بمشاهدة الزبائن الاغنياء من خلال زجاج الواجهة وهم يلتهمون الطعام الشهي الذي يحتوي على البطاطس والبصل الذي جعل دموعهم تجري . أحد العمرين صار ممثلا للسويد في الامم المتحدة لشؤون اللاجئين لعشرات السنين . زرته في خلال احدى زيارتي لجنيفا 1986.
فكرت في كل هذا وانا استمع للفيديو الذي نشره طباخ السفير السوداني في رومانيا . وقرأت رد السفير. وقلت لنفسي ان الكيزان قد جعلوا منا اضحوكة للعالم . ان الدبلوماسية التي درستها في الجامعة وتعتمد على تطوير مقدرة الانسان على التعامل بمعقولية وكسب رضاء واحترام الاعداء قبل الاصدقاء . ومن المفروض ان يكون عند الدبلوماسي المقدرة على امتصاص غضب الآخرين وتجريدهم من سلاح الكراهية والعداء لصالح وطنه.
لهذا فان ارسال جنرال من الجيش تعود على الشدة ،الصراخ واعطاء الاوامر للعمل كسفير يماثل ارسال حداد للعمل كجراح قلب . وصارت وظيفة السفير نوع من المكافأة لكوز حردان او من لم يجدوا له منصب وزير الخ . فاذا كان السفير لا يستطيع ان يتعامل مع شاب يعطيه الحق في ان يجعله مسؤولا عن اكل وشراب واسرته ،ويقابله كل يوم في حياته فكيف يستطيع ان يطيع علاقات الدول التي هي من اصعب الاشياء حتى بين الدول الصديقة . فالمانيا والكثير من الدول قد اكتشفوا ان امريكا حليفتهم تتجسس عليهم وتسجل كل مراسلاتهم وتلفونات الرؤساء . امريكا في الثمانينات قد اعتقلت جواسيسا اسرائيليين . الدبلوماسية من اصعب العلوم في العالم . البعض ولد دبلوماسيا والبعض لن يصيروا دبلوماسيين حتى بعد دراسة الجامعة وعشرات السنين من التعامل مع الكثير من الجنسيات منهم كاتب هذه السطور.
عندما اكتشف الدكتور الضابط العظيم الشلالي الذي اغتاله جنود المعارضة الذين تدربوا في ليبيا 1976، ان العسكري محلج يضع العرقي في تيرمس الشاي صعد الامر بطريقة درامية . ولم تشفع لمحلج خفة دمه وعشرات السنين في الجيش منذ ان كان صبيا او نص تعيين . وبالرغم من اعتذار محلج الذي كان مريضا في السلاح الطبي ، فشل محلج الذي عرفه كل السلاح من اقناع الدكتور قال له مشاكسا …. ياخي دي عيونك ولا عيون اختك ؟ وخرج الشلالي عن طوره واصر على ارسال محلج للكركون بالرغم من انه مريض . وعندما سمع الرجل المرح االلواء حمد النيل ضيف الله ، لام الشلالي قائلا في ظروف ذي دي مفروض تتظاهر انك ما سمعتا . محلج دة تفشكي بيصلح السلاح كل ضابط في الجيش ده قابلوا واتعامل معاه لتصليح وصيانة سلاحه الشخصي ليه تلتين سنة من ما كان ولد ، لو طردته من الجيش حتستفيد شنو ؟ دي معارك انت بتكون خسران في كل الحالات ، محلج راجل محبوب انت بتعمل ليك عداوات مع ناس كتيرين . لو اخدتا التيرمس واتكلمتا معاه بالراحة كنت حتكسبوا والناس تشكرك . اللواء حمد النيل كان يحمل روح السودان له ابن اسمه عثمان طه ولعثمان طه العربجي ابن اسمه حمد النيل . هكذا كانت الدنيا قبل الكيزان.
البريطانيون الذين تركوا السودان تركوا عفش بيوتهم ومبالغ جيدة للطباخ والخدم . وفي كتاب حكاوي كنتربري السودانية تجد الاشادة بالسودانيين ،نبلهم وامانتهم عندما عملوا كخدم عند البريطانيين . المفتش شين ابتاع سيارة تاكسي لسائقه قبل ترك السودان وعرف السائق بعوض شين . العم ورجل الدولة عبد الله بياساما والذي اهداه منصور خالك سفره الضخم . كان طفلا من الفور اختطفه احد رجال بني هلبة وهو تاجر رقيق انقذه انجليزي وعلمة وصار من اعلام السودان . سعيد بولينق او سعيد بدري انقذه المفتش بولينق من الاسر وهو طفل وعندما ترك بولينق السودان تركه لصديقه ابراهيم بدري وصار اسمه سعيد بدري . وجدناه كجزء من العائلة وتنقل معنا في كل السودان . في امدرمان بعد ان كبر كان الطباخ عوض توتو يخدمه . لامته والدتي وهي غاضبة لانه اخذ فلوس شراء الخضار واللحم ولم يعد لثلاثة ايام ، لانه حكمت معه فكرة السكر . فقال لها …. انتي جيتي البيت ده لقيتيني فيه ،انا ما جيت لقيتك.
ان للشاب الطباخ في بوخارست شخصية ،احلام ، واباء وطموح مثل السفير واهل السفير ولا شئ يميز احدهما عن الآخر . بل ان السفير من الواجب ان يشكر الله على المنصب والوضع المريح ، وتعبيرا عن حمده لله فعليه معاملة طباخه باحترام وانسانية ، بدلا عن اثارة هذه المعارك والتي كان عليه تفاديه ويكفي البلا بالبليلة.
قبل بضع سنوات كانت اختي ميسون تحتاج لعملية نقل نخاع شوكي وبما انها زوجة الطبيب الصحفي كمال حنفي الرحمة للجميع فلقد سكنت عند السفير في برلين محي الدين حنفي شقيق زوجها . وكنت ازورها مع اسرتي . كان الطباخ يجد معاملة الاخ وصاحب المنزل كما هو مطلوب في الغربة . وفي احدي الامسيات عزمني لحفل زواج صديقه . ورحبت بالفكرة وعندما وصلنا الحفل كنت مواجها بالامتناع عن دفع اجرة التاكسي او الاشتراك في صراع . والرجل كان يقول … اصله ما ممكن ، انت ضيفنا كيف تدفع . وفي الحفل كان الطباخ يجد الترحيب من الكثيرين واحسست انه شخص محبوب ووجدت الترحيب لانني في معيته . وكان الطباخ من اول المتزاحمين لدفع النقطة.
السيد السفير كان من المفروض ان يتعامل مع الشاب الطباخ كابن او اخ صغير وهو في كنفه وداخل منزله . الناس كانت ستذكره كرجل فاضل كريم قام باكرام شاب مغترب له اسرة في السودان تنتظره ، له احلامه وتطلعاته مثل الجميع . والآن سيعرف السفير بالسفير دونكيشوت الذي تعارك مع طباخه في بلاد الغربة . واضاع الوقت والجهد في ما لا ينفع.
يقول السفير ان الطباخ قد اشترك في مظاهرات ولهذا طرد . ويعود السفير لعقد العمل . هل كان في عقد العمل عدم الاشتراك في مظاهرات ؟ الا يعرف السفير ان الدستور السوداني الذي من المفروض ان يعرفه السفير ويحميه يعطي الشاب الحق في التعبير عن رأية بالتظاهر او الاحتجاج . ان ابناء بعض الدستوريين قد احتجوا وشاركوا في التظاهر ضد الانقاذ ، لماذا لا يبدي الطباخ برأيه ؟ هل مهنة الطباخ تعني العبودية الجسدية والفكرية ؟ اذا شارك الشاب في مسيرة تؤيد الانقاذ هل كان السفير سيقوم بطرده ؟ الم يسمع السفير بالسفير عابدين اسماعيل الذي دعى لمؤتمر صحفي في لندن عندما اختطف القذافي طائرة بابكر النور وفاروق حمد الله . ووكان هذا بتنسيق بين المخابرات الامريكية البريطانية والقذافي ؟وقبل المؤتمر الصحفي اتت الأخبار بأن النميري قد عاد . ولكن الرجل العظيم والذي ترك سيرة عاطرة اصر على اقامة المؤتمر الصحفي وادانة ليبيا في جريمتها . وعندما كان الصحفيون يقولون له ان الامر عملية اختطاف كان السفير عابدين اسماعيل يرفض كلمة اختطاف لأن الاختطاف هو ما يقوم به شخص او اشخاص . ولكن ما حدث هو عملية قرصنة لأن الجاني هو دولة . وعندما يسأل احد الصحفيين من هي الدولة لا يترد الرجل العظيم في القول انها …. ليبيا . ويستغرب الكثيرون على اصراه على المؤتمر الصحفي بعد عودة نميري ويسألونه هل انت سفير نميري ام سفير الانقلاب؟ فيقول عابدين اسماعيل …. انا سفير السودان .وعندما سأله احد الصحفيين . كيف سيتصرف السودان بعد جريمة اختطاف السودانيين وهل سيعبئ السودان الجيوش ؟ قال ضاحكا … هذا لن يحدث.
قبل بضع سنوات ذهبت الى السفارة السودانية بسبب توكيل . ووجدت السفيرة زينب محمود التي اصرت على ذهابي معها لمنزلها للغداء فانا قد حضرت من على بعد 650 كيلومتر ، وكان معي رفيق عراقي . وبما ان السيدة زينب سفيرة حقيقية فقد قبلت الدعوة . وكان ذلك يوما افتخر به فلقد قضيت يوما رائعا مع السفير الاسطوري وزوج السيدة زينب عمر عبد الماجد وفي امكان السفير ان يطلع على سيرة الاثنين وسيحس مثلنا بالتضائل امام هذه السيرة العطرة.
في الغداء لفت نظري رجل اربعيني هو الطباخ والذي كان يبدو مرتاحا وعلاقته مع السفيرين حميمية ولطيفة . وفجأة قلت للرجل … ياخي انحنا بنتعارف . فضحكت السفيرة وقالت لي ده ما برشم . ونذكرت برشم من بيت المال عندما كان صبيا . وكانت العلاقة مع السائق الأسيوي حميمية ولطيفة . والجو في السفارة رائع وتعرفت بالابن محمد ادريس والذي هو اليوم مشروع سفير عظيم . حضر اكثر من مرة لمدينتنا وكسب احترام الجميع واغلبهم من اعداء الانقاذ والكيزان . هذه هي الدبلوماسية.
السيد موسس اكول شقيق وزير الخارجية لاام اكوا وهما من ابناء ملكال الحبيبة وحي الملكية ، خلف السفيرة زينب محمود وتواصلت علاقته الجميلة مع برشم والابن العراقي رعد الذي عمل لعشرين سنة في السفارة وصار دينامو السفارة ولسانه يلهج بالاحترام والمعاملة الرائعة وسط السودانيين . السفير موسس اكول هو من اخبرني بزواج برشم لانه كان في حفل زواج برشم في بيت المال . الأخ فريد شاتو العراقي والذي رافقني للسفارة في اسطوكهولم صار يحكي عن العلاقة المميزة بين السودانيين في سفاراتهم . ولقد قابل سفراء ومسؤولين آخرين وكلهم رائعون . وكان في كل مرة يحكي عن العلاقة المميزة التي تربط كل السودانيين.
ان ماحدث في سفارة بوخارست لا يشبه السودانيين ابدا . طباخ السفير مصطفي مدني ابشر والذي صار وزيرا للخارجة فيما بعد كان يتواجد معنا في مقهي اوربا بالقرب من الجامعة في براغ وصارت له شلة من الاصدقاء منهم اخي محمود اسماعيل ابراهيم وعثمان نقد . وكانوا يذهبون لزيارته في مسكن السفير الذي كان عبارة عن فلة ضخمة كانت في يوم من الايام مسكن النازي ايخمان حاكم تشيكوسلوفاكية ايام الاحتلال الالماني والذي اختطفته اسرائيل من امريكا اللاتينية واعدم في الستينات.
السفير اللبناني في الخرطوم تم استدعاءه بواسطة وزارة الخارجية لمقابلة الرئيس عبود . وفهم السفير ان الامر خطير . وكان الامر جد خطير حسب العرف السوداني فالسفير اللبناني تعامل بعدم احترام مع الطباخ السوداني . وافهم عبود السفير اللبناني ان السودانيين مترابطون وتربطهم علاقات قوية ولا فرق بين الرئيس والطباخ . انا هنا لا اريد ان اكون قاضيا ولكل قصة وجه آخر . ولكن السفير هو الذي يمسك باوراق اللعب . ومن المخجل ان يصل الامر لهذه المرحلة . في نهاية التسعينات انهال دبلوماسي صفعا في دبي على الخادمة الاريترية . وتمنين وقتها لو انني التقيته . في بداية السبعينات قضينا ليلة في ضيافة الشاعر الدبلوماسي محمد المكي ابراهيم وزوجته في اسطوكهولم ، وكنا ثلاثة الاخصائي عبد الرحمن عبد الحميد عثمان زمي محمد المكي في مدرسة خور طقت والدكتور كمال ابراهيم بدري . كانت لهم خادمة اريترية تجد المعاملة السودانية اللطيفة . والحال من معدنه . فاسرة محمد المكي اسرة رائعة . اخي محمد طه الفيل والرجل الذي شهد له العالم بأنه من اعظم السودانيين ولا يذكر اسمه طيب الله ثراه الا وتسمع محمد طه ود الناس تمييزا له من اكثر من محمد طه . قامت خادمتهم بالرد على في التلفون ، وعندما تكلمت مع زوجته الاستاذة ام سلمة خال العيال استفسرت عن البنت التي ردت على بلهجة امدرمانية لطيفة بلكنة اجنبية . وردها … دي بتي الفليبينية اتربت معانا . عرفت ان احد الشباب من اهل الاستاذة ام سلمة تقدم للزواج من الخادمة ولكنه وجد الرفض من امها الاستاذة ام سلمة لانه لا يستاهلها فهو سئ السيرة . هذه ليست اساطير.
في بداية حكم نميري كان مسكونا بسيرة الصحابة وسيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ، وتلك فترة مختلفة في دولة المدينة . وفي احد الايام ذهب متنكرا لزنك الخضار ووجد الاسعار اعلى من التسعيرة . وتم اعتقال الخضرجية وقدموا للقاضي الي قام باطلاق سراحهم ووجههم لمقاضاة نميري لحبسهم وطلب تعويض لخسارتهم لان المحافظ لم يتمكن من انزال الاسعار للخضرجية . ومن حسنات جعفر انه اشاد بالقاضي واظن ان اسمه الشامي . وصار رئيسا للقضاء.
الدبلوماسي المفكر والاديب جمال محمد احمد كان يقول ما ترسلوا سفير الا تكون سكينه حمرا . وهذايعني انه رجل كريم بيته مفتوح ووقته للناس . الاخ محمد سليمان شقيق الوزير والسفير المحامي احمد سليمان كان سفيرا في اصعب سفارات السودان وهى القاهرة . كنت اشاهده في في 1971 وهي يجوب السفارة ولا يتمترس في مكتبه ويحاول ان بزلل كل العقبات . منزله كان مفتوحا للجميع سكينه حمراء.
السفير الفارس الاديب الدكتور على حمد ابراهيم سارت بسيرته الركبان ناضل من اجل السودانيين هو الذي صعد قضية الاطفال السودانيين من جوكية الهجن والذين كانوا يموتون . وكان هذا بداية النهاية لتلك الجريمة زاملته في مدرسة ملكال الاميرية كان محاربا من بادية دار محارب قام باعمال بطولية عندما كان سفيرا في يوغندة لانقاذ الكثير من اليوغنديين خاصة من اصول سودانية بعد انهيار دولة عيدي امين ، وكانوا سيقتلون . كان معه بطل آخر هو الاديب جمال محمد ابراهيم والذي صار الناطق الرسمي لوزارة الخارجية . ترك بصماته اينما حل كسفير . كانت سكينه حمراء . ومن امثال هؤلاء ل يمكن ولا يمكن ان يصلوا لدرك سفير بخارست.
كلما سمعت كلمة سفير تبادر لي اسم السفير ووكيل وزارة الخارجية فاروق عبد الرحمن . هذا الرجل فصلت عليه وظيفة السفير . له سفر قيم من الواجب ان يجبر كل دبلوماسي على دراسته. لقد قابلت الكثير من الدبلوماسيين من كثير من الجنسيات وقابلت الكثير من رجال الدولة كلهم لا يمكن ان يلحقوا بالاخ فاروق عبد الرحمن وبقية رجال السودان قديما . السفير نور الدين ساتي ومن زامل فاروق عبد الرحمن في فرنسا لتعلم الفرنسية والدبلوماسية وجدته في انجامينا يتفقد كل سوداني واصل جديد . منزله للا يفرغ من الناس الا لكي يمتلئ من جديد .والسفارة السودانية كما كان يقول الامريكان والفرنسيين هى الاهم لأن الشاديين يحسون ان السودانيين هم الاقرب اليهم.
الاخ محجوب الرجل الجنتلمان كان السفير في اسطوكهولم ويمثل السودان في دول البلطيق . فرح رئيس لتوينيا بمقابلته قبل سنة وكان يقول له انه درس مع الطلبة السودانيين في ايام الاتحاد السوفيتي وكانوا حسب كلام الرئيس …. رجال بحقيقة.
سعدت بالتعرف على اثنين من الشباب الدبلوماسيين ومن يمثلون ما قاله رئيس لاتفيا . احدهم الابن اسامة الشريف والذي كان يقول لمن يشكره … ده شغلنا وانحنا كراعنا فوق رقبتنا بنخدم وده حق الناس . الابن اسامة اليوم في القاهرة . الابن الرشيد البصيلي في سفارة مفخرة للسودان . والسفيرة سوسن كانت بلسم كل الجروح واخت وام الجميع.
لهذا نستغرب لسلوك سفير رومانيا . ونقول ان هذا تصرف غير حميد . بغض النظر اذا كان الابن الطباخ قد اخطأ ام لم يخطئ . كسفير عليه الابتعاد عن سفاسف الامور وكان عليه ان يتصرف مثل الطلاب السودانيين زملاء الرئيس الليتويني.
شوقي بدري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.