نزل العديد من السودانيّين بينهم كثير من النساء مجدّدًا إلى شوارع العاصمة السودانية الخرطوم الخميس، احتجاجًا على حال الطوارئ التي فرضها الرئيس عمر البشير الذي يواجه منذ أكثر من شهرين حركة احتجاج تطالب برحيله عن الحكم. وأعلن البشير الذي يحكم السودان منذ انقلاب 1989، في 22 فبراير فرض حالة الطوارئ لمدّة سنة. كما قرّر حظر التجمّعات غير المرخّصة وأمر بإنشاء محاكم طوارئ خاصّة للنظر في الانتهاكات التي تُرتكب في إطار حالة الطوارئ. لكنّ ذلك لم يردع أعدادًا من المتظاهرين تقودهم نساء الخميس من النزول إلى الشارع، هاتفين شعارات مناهضة للبشير في بعض أحياء الخرطوم وأم درمان، وفق شهود. وأفاد شاهد أنّ "النساء يقدن المسيرات الخميس، لكنّ عناصر الأمن يوقفون المتظاهرين بأعداد كبيرة". وكان منظّمو التظاهرات دعوا إلى مسيرات الخميس دعمًا للنساء، عشيّة اليوم العالمي للمرأة. وقال "ائتلاف الحرّية والتغيير"، الهيئة التي تقود التظاهرات ضدّ البشير، "ندعو شعبنا للمشاركة في المسيرات الخميس لتكريم الأمهات اللواتي خسرن أبناءهنّ في صراعنا". ومساء الخميس، أطلقت قوّات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين تجمّعوا في شمال الخرطوم، بحسب شهود. من جهة أخرى، ألغت محكمة استئناف طوارئ أحكامًا ثقيلة بالسجن تراوحت بين خمس سنوات وستّة أشهر صدرت في 28 فبراير الماضي من محاكم طوارئ بحقّ ثمانية متظاهرين ضدّ السلطات، بحسب ما أفادت الخميس محامية من فريق الدّفاع عن المحتجّين. وقالت انعام عتيق محامية الدفاع عن المتظاهرين "برأت محكمة الاستئناف اليوم المتظاهرين الذين حكمت عليهم محكمة الطوارئ يوم 28 فبراير الماضي". وأحيل أكثر من 900 متظاهر إلى محاكم طوارئ الأسبوع الماضي بسبب مسيرات مماثلة، على ما أعلن الإعلام الرسمي، وصدرت أحكام بالسّجن تراوحت من أسبوعين إلى خمس سنوات ضدّ العديد منهم. وأضافت المحامية أنّ محكمة الاستئناف طوارئ "استبدلت أحكامًا بالسّجن بحقّ متظاهرين تتراوح بين أسبوعين إلى شهر، بغرامات ماليّة وأطلقت سراحهم"، من دون تحديد عدد المعنيّين بالإجراء. وكانت محاكم الطوارئ حكمت على أربعة منهم بالسجن خمس سنوات وعلى ثلاثة بالسجن ثلاث سنوات وثامنهم بالسجن ستة اشهر بعد ادانتهم ب"المشاركة في تجمع محظور". وترأس البشير الخميس لقاء بين مجموعات سياسيّة قريبة من حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وقال بحر إدريس رئيس أحد هذه الأحزاب إنّ المجتمعين بحثوا "أهمّية إعداد مناخ ملائم للحوار، من خلال إطلاق سراح السجناء السياسيين". وأكد الاجتماع على إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والناشطين والصحافيين كأساس لتهيئة المناخ لإدارة حوار مع القوى المعارضة والقوى الثائرة في الشارع. واتفق المجتمعون على بحث عملية الدمج والتحالفات وسط القوى والحركات المسلحة التي شاركت في الحوار الوطني الذي أنهى اعماله قبل ما يزيد على العامين. وقال إدريس في تصريحات عقب الاجتماع "إن القوى السياسية اكدت خلال الاجتماع على ان الحوار الوطني لإيجاد حلول لمشاكل البلاد، أمر جيد، لكن لا يمكن ل128 حزبا وحركة أن تمارس الديمقراطية بصورة سلمية، لذا اكدت قوى الحوار ضرورة مناقشة الامر، والعمل على تقليص ذلك العدد عبر الدمج أو التحالفات لثلاثة او اربع احزاب لتكون الممارسة السياسية جيدة في المستقل". وتراجعت أعداد المشاركين في التظاهرات منذ دخول حال الطوارئ حيّز التنفيذ. وباتت التظاهرات تجري أسبوعيًا وليس يوميًا، إذ ينزل المحتجّون إلى الشوارع الخميس بشكل أساسي في الخرطوم وأم درمان. ويقول المسؤولون إنّ 31 شخصًا قتلوا منذ بدء الاحتجاجات في 19 ديسمبر 2018 في أعمال عنف رافقت التظاهرات، فيما تقول منظّمة هيومن رايتس ووتش إنّ عدد القتلى بلغ 51 على الأقلّ. وتشهد السودان منذ 19 ديسمبر 2018 حركة احتجاج شبه يومية اطلقتها مضاعفة سعر الخبز. ثم سريعا ما تحولت التظاهرات الى حركة احتجاج تطالب برحيل الرئيس عمر البشير الذي يحكم البلاد منذ انقلاب 1989.