كثيرة هي المسميات التي تقلبت عليها الحركة الإسلامية السودانية في كل مراحل تشظيها وتحالفاتها على مدى عصور معاركها في الحراك السياسي كمشاركة في الحكم أو معارضة أو مدبرة لإنقلابها على الديمقراطية الأخيرة في عام1989! سمت نفسها بحركة الإخوان المسلمين التي ذهب مسماها الى كيان رديف هو الآن منقسمٍ على نفسه ..ثم علقت لاحقاً لافتة جبهة الميثاق الإسلامي لتحل محلها بعد إنزالها مسميات الجبهة القومية والمؤتمر الوطني الذي إنفرط عقده بعد المفاصلة لينشأ من رحمه المؤتمر الشعبي ومن ثم توالت الإنسلاخات ليتولدعنها منبر السلام العادل وحركة الإصلاح فيما كانت بعض الحركات المسلحة وليدة التمرد على من ولدت في كنفهم ..وظلت الحركة الإسلامية ككيان خارج سجلات الدولة الرسمية المتمثلة في إشراف مجلس تنظيم الأحزاب ..وبقيت كرافعة موازية للمؤتمر الوطني في إسناد حكم الإنقاذ متحملة معه كل تبعات الإخفاقات المزرية والتي أفرزت واقعاً إقتصاديا وسياسيا نتيجة تراكمات الإصرار على تجريب المجرب من حيث الوجوه و السياسات والمجاهرة بالفساد والإصرار على التمكين وهي العناصر التي الهبت غضب الشارع بعد طول صمت أو تكرار الململة المتقطعة.. وقد رمى الرئيس البشير بكل ذلك عن كاهله المجهد وتركه في أكف وسواعد الحزب وحضن وعباءة الحركة ..وجعلهما يتخبطان في منعطف اليتم الذي لايحسدان عليه ..رغم مكابرة عناصرهما بالقول ان البشير لم يبعهما في سبيل بقائه وإنه لازال ممسكا بشعرة معاوية الرابطة بينهما ..بينما يلمح بعضهم بأن الرئيس سينشي حزباً جديداً ذهب آخرون الى الحديث عن إمكانية تغيير إسم الحزب الذي لم يعدحامكاً متحكماً ! وهي كلها إشارات الى الربكة التي أحدثتها ضربة رئيس الحزب لهم وتؤكد أنه كان حزب الرجل الواحد الذي لايقوم على مؤسسية جاهزة ولايستند الى قاعدة برامجية أومنهجية فكرية ولاعلى أسس تداولية توفر البدائل المؤهلة للعبور بالحزب في كل مرحلة تتطلب التحرك بخطوات نحومستقبل واضح المعالم ! ومن الجلي أن الكثيرين من كوادر الحزب وعلى كافة المستويات وحتى من أبناء الحركة الإسلامية سيتبعون الرئيس إذا ما أسس حزباً جديداً وذلك حفاظا على الجوانب المصلحية الخاصة بهم والبعيدة عن المبادي السياسية والإلتزامات الأخلاقية الوطنية ..أما مسالة تغيير مسمى الحزب للذين ستحبسهم الظروف خلف حائطة المشقق فإنها لن تُجدي نفعاً ..وستصبح مثل تبديل العمامة من فوق ذات الرأس الذي يحمل بداخله نفس العقلية و يتفاعل مع الأحداث بذات المنطق العقيم العاجز عن إحداث التغيير طالما أنه سيظل لسانه ينطق بلغة لم تغيرها قسوة التجارب ولا تطاول الأزمان . فلن يغيرسلوك الذئب الذي نشأ وجُبل عليه مجرد تبديل جلده أو حتى مسماه ! محمد عبدالله برقاوي