مسؤول الاقتصاد بحزب الأمة القومي صديق الصادق المهدي ل(الراكوبة) يدور لغط كثيف في الشارع السوداني والأوساط السياسية حول اجتماع نداء السودان المزمع انعقاده غدا بالعاصمة الفرنسية باريس بدعوة من دول أوربية وأمريكا , في هذا الوقت الذي تندلع فيه المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في كل مدن البلاد ,حيث انطلقت بعض التكهنات بأن وراء الاجتماع تسوية سياسية , بالرغم أن الاجتماع دوري الأ أن قيادات المعارضة ستنتهز الفرصة لتوضيح مايحدث للمجتمع الدولي , وشرح رؤيتها للحلول الجذرية للأزمة السودانية الممثلة في تنحي الرئيس البشير وتسليم السلطة للشعب السوداني , كما تعاني البلاد من أوضاع اقتصادية معقدة من أرتفاع في اسعار السلع الضرورية , وأزمة حقيقية في الأموال بالبنوك ,الأمر الذي يؤدي إلى اصطفاف وازدحام المواطنيين أمام الصرافات , كما تشهد البلاد متغيرات سياسية عدة , جعلت من الضروري اجراء هذا الحوار لتوضيح الحلول الاقتصادية وتأثير الطوارئ على الوضع الاقتصادي , فإلى مضابط الحوار. *دار لغط كثيف حول اجتماع نداء السودان في باريس المزمع انعقاده في الأسبوع المقبل، ما هي أجندته والقيادات المشاركة فيه؟ تم توجيه الدعوة لقوى إعلان الحرية والتغيير الممثلة في نداء السودان وقوى الإجماع الوطني وتجمع المهنيين والاتحادي المعارض ، أنا أعلم حضور حزب الأمة ونداء السودان وافترض حضور البقية خلاف تجمع المهنيين الذي أصدر بياناً يوضح اعتذاره عن الحضور مع تأكيد التزامهم بالعمل المشترك ووحدة الصف المعارض تحت مظلة ميثاق إعلان الحرية والتغيير ،كما أعلنوا احترامهم لقرار الحضور من زملائهم في الإعلان،نحن بالمقابل نحترم قرارهم ونؤكد جميعاً على وحدة الموقف الذي قرره الشعب السوداني الموحد بجميع تكويناته في موقفه الرافض لنظام القهر والقتل والفساد والاستبداد، واضيف على ذلك أن في مثل هذه اللقاءات فرصة طيبة للتشاور بين الحلفاء وإحكام التنسيق بين المكونات المختلفة وممثلي المجتمع الدولي الذين يحضرون ، على ذكر المجتمع الدولي من إنجازات الثورة والواقع الذي فرضته ،هذا الموقف الجديد من المجتمع الدولي تجاه القضية السودانية في السابق كان دور الدولي يدخل في برامج تثير الدهشة،مثل مكافحة الإرهاب، وملف الهجرة مع النظام يعتبر مصدراً لاثنينهم،فهو يمارس إرهاباً على شعبه، كما أنه مصنف من الدول الراعية للارهاب، وفي عهده هاجر ربع سكان البلاد خارجها ، ونتيجة لثورة الشعب الظافرة بعون الله ،يأتي هذا الاجتماع الذي يعكس اهتماماً دولياً بالشأن السوداني وممثلي الشعب السوداني،كذلك يأتي البيانان الصادران من دول الترويكا بالإضافة إلى كندا، ومن الاتحاد الأوربي وفي البيانين استنكار للطوارئ ورفض التعامل مع النظام، كل هذه الدول تربط التعامل مع النظام السوداني بالطريقة والكيفية التي تعامل بها قوات أمنه المتظاهرين السلميين العزل. *كيف تنظر لمحاكمات الطوارئ التي تجري الآن؟ إجراءات محاكم الطوارئ التي بدأت قبل إجازة المجلس الوطني لقانون الطوارئ نفسه تحمل عدة تناقضات ،المحاكم فيها إجراءات تلتزم القانون شكلاً، لكن قبل وصول المواطن المحتج والمتظاهر السلمي للمحكمة قوات الأمن والشرطة التي تتصدى للمتظاهرين ،يدها مطلوقة في مواجهتهم فتقتل بالرصاص الحي ،وتدهس بالتاتشر ،وتستخدم عبوات البمبان كرصاص تصيب به المتظاهرين العزل ،مثال على ذلك اتلاف عين أماني وسامح وكسر جمجمة حسام سيف وإصابة الخضرجي بسوق بحري،كما تلقي البمبان في المنازل الذي أدى لاختناق ووفاة سيدة ببيت المال واقتحام المنازل والمساجد والجامعات والمستشفيات ، وتقوم بضرب المواطنين بداخلها وضرب المواطنين عند قبضهم على ظهر التاتشر حتى الموت كما في حالة الطالب الشهيد محجوب تاج محجوب وتعذيب في بيوت الأمن حتى الموت أحياناً كما في حالة الأستاذ الشهيد أحمد الخير، قوات الأمن فعلت ويمكن أن تفعل كل هذا ،ثم بعد ذلك تدون بلاغاً في محكمة الطوارئ ،وكثيراً ما يشهد أفرادها زورا وهم على اليمين لإدانة المواطنين ،الأحكام لنفس الاتهام فيها تفاوت كبير ،فنجد قاضياً يجلد ويسجن فترات تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات بينما آخر يغرم ويجلد ويحبس أو يسجن لفترات تتراوح بين أسبوع لثلاثة أسابيع،كل إجراءات الطوارئ وما قبلها لن تثني شعب السودان وشبابه عن المضي قدماً في ثورتهم المستمرة الآن لثلاثة أشهر، وذلك لأن النظام ضيق على الناس سبل العيش وأهان كرامتهم وتحداهم وسد أمامهم الأفق ،واستحالت الحياة حسرةً ، ولم يعد ثمة فاصل بين الحياة والموت ،لذلك ركب الشباب البحر لفرصة العبور لأوروبا أو الموت،الآن الشباب وخلفهم الشعب السوداني خرجوا للشارع ليقودهم للعبور الوطني ،مهما كان الثمن ووفاءً كذلك لدماء الشهداء الذين سقطوا بجانبهم متمسكين بالشعار الداوي (يا نجيب حقهم أو نموت زيهم) . * هل في رأيك القرارات الاقتصادية الأخيرة ستحل الأزمة الاقتصادية؟ الأزمة الاقتصادية لن تحلها أي قرارات اقتصادية ،ما يتخذ من تدابير وسياسات بعد الفشل الذي يلحق بالسياسات والتدابير المتخذة قبلها، هي كلها في واقع الأمر سياسات ترقيعية مرتجلة ،لا تخاطب جذور الأزمة، والحل الاقتصادي يتطلب إصلاحاً سياسياً لا يتم إلا بإسقاط النظام ،إصلاحاً سياسياً يحقق السلام والتحول الديمقراطي ويعيد العلاقات الدولية وعلاقات طبيعية وحسن جوار مع الجنوب وتطبيق أسس الحكم الرشيد وإنهاء دولة التمكين وإغلاق أبواب الفساد الفاتحة ومشرعة على مصراعيها ،وهذه الإجراءات ستحقق بيئة سياسية مواتية للإصلاح ثم بعدها وفي ظلها يأتي الإصلاح الاقتصادي الذي يركز على الإنتاج وتقليص الصرف ويستفيد ويعيد التعاون الدولي في المشروعات التنموية في الخدمات ومكافحة الفقر . * ماهي توقعاتك للوضع الاقتصادي في ظل وجود تذبذب في سعر الصرف؟ الوضع الاقتصادي في الظرف الحالي سمته ومعالمه، هناك عجز كبير وانهيار في البنيات الإنتاجية وانحساراً قد يصل إلى درجة التوقف في بعض قطاعات الصادر بسبب السياسات الخاطئة والفجوة الكبيرة بين سعر صرف الدولار في السوق الموازي، وبين سعر الآلية،الفجوة تقريباً بلغت (50%) ،ثم الاعتماد على طباعة النقد فقط لتغطية العجز في العملة المحلية ولشراء العملة الصعبة فيها عجز كبير جداً،هذا كله يجعل الاقتصاد متجهاً نحو الإنهيار، مسألة التذبذب في سعر الصرف مضرة للاقتصاد، فسعر الصرف للدولار في حالة صعود مستمر،وذلك لتدهور الجنيه، دائماً تتخذ إجراءات أمنية ويتبعها ضخ لبعض للدولارات في السوق الموازي لدفعه للانخفاض،وتذهب الحكومة تشتري وهي المشتري الأكبر، ثم. يعاود الدولار الارتفاع مرة ثانية ، التذبذب نفسه يضاف لارتفاع سعر الدولار أو تدهور الجنيه،هو نفسه مشكلة إضافية تؤدي إلى إرباك السوق وتخل بكل الترتيبات للتوقع والتخطيط الذي يقوم به أصحاب الأعمال والمخططون،الدولة نفسها في العام السابق،كان المؤشر في الموازنة سعر الدولار محسوب على(18) جنيهاً وفي نهاية العام وصل إلى (80) جنيهاً وهذا أدى لخلل في كل شئ. ما هو تفسيرك لطباعة العملة الجديدة وتأثيره على الوضع؟ منذ انفصال الجنوب وحدوث العجز الكبير ،استمر النظام يطبع بلا مقابل من سلع وخدمات، يطبع لشراء الدولار من السعر الموازي وأيضاً يطبع لسد العجز المحلي، قبل حوالي عام حدثت مشكلة في الطباعة نفسها لانعدام التخطيط وعدم تحضير المطلوبات للطباعة نفسها ،الطباعة فيها خلل مما أدى لشح العملة لدرجة اضطرت الحكومة لاحتجاز ودائع الناس في النظام المصرفي،مؤخراً تمت الطباعة بالخارج معظمها لفئات (100) و(200) جنيه ومتوقعة (500) جنيه ،وذهبوا إلى رفع فئات العملة لارتفاع تكلفة الطباعة ،فأصبحت الفئة الأعلى القديمة (50) جنيهاً حتى لا تغطي تكلفة طباعتها ، ولذلك لتقليل التكلفة والتعامل معها اتجهوا لزيادة العملات، الطباعة الجديدة بتلك الفئات محدودة ولن تحل مشكلة النقد ،والطلب مازال أكبر من الموجود ،لذلك استمر احتجاز أموال المواطنين في المصارف،واستمر اصطفاف الناس وازدحامهم أمام ماكينات الصراف الآلي، وحركة النقود إلى الجمهور تغذي الطلب للدولار في السوق الموازي ،بمعنى كل ما ضخ مبالغ الجمهور يوجه هذه المبالغ لشراء الدولار،لأن الحفاظ على النقد المحلي مع التدهور المستمر للجنيه يجعل الأمر مرعباً للمواطن ويفقد قيمه نقوده إذا حفظه بالعملة المحلية ،بالتالي يتجه لشراء الدولار ،ويؤدي لارتفاع سعر الدولار ،فالحكومة تحتاج لمزيد من الطباعة لشراء العملة الصعبة من السوق الموازي، بالتالي ينعكس على ارتفاع التضخم والأسعار ، فتزيد مشقة المعيشة على الناس ،فالنقود نفسها المودعة لمكينات الصراف الآلي لا تعود للمصارف لإنعدام الثقة فيها،هذا يؤدي لمزيد من الطباعة وتدهور الأحوال المعيشية. * النائب الأول في تصريحه قال الطوارئ لمخربي الاقتصاد ما تعليقك؟ الطوارئ فرضت لعدة أسباب أبرزها ترويع وقمع الشارع والمتظاهرين وتهديد قيادات وكوادر المؤتمر الوطني المتضررة من إجراءات الإزاحة والاستبدال المصاحبة لإعلان الطوارئ وقفل الباب أمام الإضرابات، عند الإعلان كان عمال ميناء بورتسودان مضربين إضراباً كانوا فيه محقين ، الحكومة أجَّرت الميناء لمدة عشرين عاماً لشركة مطعون في تأهيلها لتدهور أداء الميناء تحت إدارتها ،وتنازلت الحكومة عن صافي دخل في فترة لا يقل عن واحد ونص مليار يورو، وقبلت بثلثها الذي يعادل (490) مليون يورو، والشركة الجديدة لم تحفظ لعمال الميناء حقوقهم،وسبب الإضراب العقد وعدم الحفاظ على حقوقهم ، لذلك من دواعي الطوارئ إغلاق الباب أمام الإضرابات،أما مخربي الاقتصاد الحملة ضدهم فشلت لأنه الهدف منها إقصاء المناوئين والمفسدين شبكات متداخلة تجمع من يراد اقصاؤهم ومن لايراد اقصاؤهم ،بالتالي فشلت الحملة السابقة وستفشل الآن في ظل الطوارئ لذات السبب الذي فشلت فيه للمرة السابقة. *هل تتوقع أن ينخفض التضخم والدولار خلال الفترة المقبلة؟ التضخم والدولار سيستمران في الإرتفاع خلال الفترة القادمة ، ولا سبيل لانخفاضهما ،والسبب واضح الحكومة تسيَّر البلاد بعجز كبير في العملتين المحلية والصعبة ،عجز بالعملة المحلية لا يمكن حصره،لأن باب الصرف مفتوح خارج الموازنة لعدة جهات ،مفتوح لها باب التجنيب،وعجز بالدولار يتجاوز سبعة مليار دولار في العام،الذي يبلغ أكثر من عائد الصادر في العام ، بعد الارتفاع الكبير في الدولار والفجوة التي حدثت بينه وبين سعر الآلية ،هي في حدود (50%) سيزداد أكثر ،لأنه أدى لإنحسار أو توقف الصادر، أوضاع الثورة الآن في الشارع تفاقم الوضع لأنها ترفع الصرف الأمني والسياسي بشكل كبير، بالتالي تؤدي لتقليل الإيرادات ،مما يزداد معه العجز بزيادة كبيرة، العجز الكبير للعملتين المحلية والصعبة تتم تغطيته في الغالب الأعم بطباعة النقود بلا مقابل حقيقي من سلع وخدمات ، مما يؤدي لارتفاع التضخم والأسعار. *هل تتفق مع الحديث بأن الأزمة الحالية سياسية قبل أن تكون اقتصادية؟ ما تعليقك؟ الأزمة سببها إنفراد جماعة بالقرار والسلطة والثروة لصالح تمكين أنفسهم ،واستباحوا موارد البلاد والسياسات المتبعة أدت لتشويه المجتمع السوداني، فهاجر ربع السكان وأفقر أكثر من ثلاثة أرباعهم ونزح الملايين للعاصمة،وأدت السياسات المتبعة للعزلة الدولية والإقليمية فحدثت الإدانات والعقوبات الدولية، كل ذلك مضاف إليه السياسات التمكينية التي أدت للأزمة الاقتصادية،والآن اقتصاد البلاد يسير نحو حافة الإنهيار. ألا ترى أن أوامر الطوارئ ستؤثر على الأوضاع الاقتصادية؟ أوامر الطوارئ تزيد الوضع تأزماً فهي تزيد العزلة الدولية وتؤدي لتباعد أكثر في الموقف الدولي تجاه النظام، ويتضح ذلك في بيانات الترويكا وكندا والاتحاد الاوربي ،كما أوامر الطوارئ ترفع المصروفات الأمنية وتدني الإنتاج والإنتاجية بالتالي تزيد العجز الاقتصادي. *البعض يعتقد أن الأزمة الاقتصادية سببها تغيير الحكومة كل فترة دون إنجاز مهامها؟ الأزمة الاقتصادية ليس سببها شخص الوزير، وليس بإمكان أي وزير بل أي حكومة حلها،تركيبة النظام وسياساته الانفرادية التمكينية ،أدت لاستعداء الشعب السوداني ،وهو ضحية الإجراءات الانفرادية المتخذة وأيضاً أدت لاستعداء المجتمع الدولي والإقليمي،مما تسبب في عزلة النظام ، أقام النظام إدارة للبلاد والاقتصاد تجاوزت مؤسسات الدولة،ومنحت عدة جهات الحق في التجنيب والصرف فوق سقوف الموازنة، كما أصبح للأمن الاقتصادي يد طولى في إدارة الاقتصاد ،وفي الحقيقة هو الإدارة الفعلية ،وعليه فالأزمة الاقتصادية ليس سببها تغيير الحكومة ولا كفاءة الوزير،بل سببها التركيبة والسياسات الخاطئة للنظام . *ماهي الحلول الجذرية للخروج من هذا المأزق؟ تفجر الأوضاع يجعل الرؤية للحلول واضحة،الملاحظ انحسار الفوارق في الحلول المقدمة من مختلف التيارات السياسية السودانية،شعب السودان بكل مكوناته عبَّر عن رفضه التام للنظام القائم بمختلف الوسائل حتى الحشود التي نظمت لإظهار التأييد للنظام والرئيس في مواقع مختلفة في كل من الساحة الخضراء ونيالا وبارا انحسرت كتيراً وقلت كثيراً عن الحشود السابقة التي تستقبله ، وحشد الكريدة لم يكن لاستقبال الرئيس، وكان هو مناسبة حولية تقام منذ (140) عاماً والرئيس زارهم في هذه المناسبة، لذلك انحسرت الحشود بعد اشتعال ثورة ديسمبر ذلك بالرغم من حشد موظفي الدولة وتهديدهم بالفصل وإغرائهم بالمال وغيرهم لحشدهم في استقبالات الرئيس ،النظام بكل مكوناته وصل إلى طريق مسدود وليس باستطاعته الخروج من المأزق الحالي ولا إيجاد حلول لشعب السودان، شعب السودان يقوده الشباب وقواه السياسية والمهنية، هب ثائراً منذ ديسمبر الماضي، وهو في الشارع منذ ثلاثة أشهر،لن يتراجع لأن الأوضاع التي يعيشها لا تزداد إلا تأزماً وليس أمامه من سبيل آخر للمطالبة بابسط حقوقه إلا التظاهر والاحتجاج السلمي، والزمن سيكون في صف الشعب والثورة، والحل الأمني الذي ينتهجه النظام يزيد التأزم ولا يقدم حلاً، والحل الجذري أن يستجيب النظام لمطلب الشعب ويتنحى ويسلم السلطة والقرار للشعب السوداني صاحب الأمر فوق كل أمر وصاحب السيادة فوق كل سيد.