بالأمس إحتفلت قوات سوريا الديمقراطية المسماة إختصاراً ( قسد) بإنزال تلك الراية السوداء من على سارية ما تبقى من أنقاض منطقة الباغوز الواقعة شرق الفرات والتي مثلت الجيب الأخير لخلافة تنظيم داعش المزعومة و الذي دحرته تلك القوات ويا للمفارقة بغطاء أمريكي جوي. لتنتكس تلك الراية التي حملت بكل أسف شهادة لا إله إلا الله محمداً رسول الله وقد إتخذها المتشددون خارج دائرة الوعي الإسلامي الحقيقي شعاراً زائفاً لدولة ذبح البشرية وتدمير مكاسبها الحضارية والإنسانية. وبغض النظرعمن هم صانعو داعش فقد تأذى منه الجميع أولئك الصانعين والضحايا على حدٍ سواء ..فعادوا لتتماسك سواعدهم الدامية من صنيعتهم لخنقه في كهوفه التي كان يعيش فيها على نمط حياة القرون الوسطى ولكنه يستخدم آدوات القرن الحادي والعشرين للفتك بمن ينكر خلافته لله على الأرض التي يريد أقامتها بالتطبيق السلبي نأئياً بالتفسير الخاطي ء عن سماحة الدين وإبتعاداً عن مثالية النصوص..فأرضعوا حليباً فاسداً من أثداء أمهات أكثر تشدداً وجهلاً سرى في عروق أطفال ولدوا وعاشوا في عتمة زمانهم ومن الصعب تقيؤه ..وقد تستغرق عملية غسل أمعائهم وشراينهم عنه عقوداً آخرى هذا إن لم تكن مستحيلة بالمرة! قد تكون جغرافيا الوهم الداعشي تهدمت على صخرة الواقع وخرج المئات من مقاتليه مستسلمين لقدرهم المحتوم بينما آثر الآخرون ومنهم نساء مؤدلجات مواصلة القتال حتى آخرحزام مفخخ حول البطون وهام البعض في الصحارى المجهولة المشارب ..وانداح معهم الفهم المتحجر حيال الجنة مقابل إزهاق الأرواح في الأسواق والقطارات ومدارس الصبية و حتى قتل الوالدين إذا ما أشار أميرهم بذلك فعليهم الطاعة الكفيفة دون سؤال أو إستيضاح السبب! تطور داعش على مدى قرابة العشرين عاماً كسرطان في تناسل من أورام القاعدة وأخواتها ممولا من الذين يحاربون مدارس العلم بتكريس الجهل المتمثل في عقلية بوكو حرام التي تُشيطن المعرفة إلا إذا كانت بحد السيف وليست بسنان الأقلام! ربما ذهبت دولة الخلافة و غابت رايتها عن سارية المشهد ..ولكن سيطول سجال سلاح إغتيال فكرها الذي إنسرب في العقول المغسولة بالدماء وأنبتت داعشي أو داعشية في كل بيت دون أن ينتبه أولياء الأمور إلا بعد غياب فلذات الأكباد ملبيين صيحة الجهاد سعياً للشهادة التي تُدخل الجنة ولو إنتحاراً وبحرمان الأبرياء من نعمة الحياة من زاوية مفهاهيمهم الضيقة الصدور وهم يتنادون هجراً لميادين الشهادات التي يتخرجون منها لبناء الحياة ورفعة الأوطان وإنسانها. ومن هنا تبدأ الحرب الحقيقية الأكثر شراسة لصرع الفكر الذي تجاوزت نصاله السامة جسد الجغرافيا وكتبت باللون الأحمر أسوأ الأسطر وأقبحها على حوائط التاريخ.