عادة ما تقوم الشعوب بالثورات عندما يبلغ الظلم والغبن اقصي درجاتها وفقدان الشعب للثقة في الحاكم واستحالة الوصول معه ونظامه الي حلول منطقية فتبتدر شرارة من جهة ما تلك الثورة ويفقد فيها أرواح الأبرياء ودماء شهداء غالية تعمق من جراحات من فقدوا احبائهم فيزيد من انصمام عدد جديد للثورة وبالتالي تظل الثورة متقدة باستمرار لتحقيق المطالب التي من أجلها خرجوا وتحقيق العدالة لمن فقدوا حياتهم ثمنا لتلك الثورة وبالتالي اي انسان او مجموعة ما لكي يقوموا بثورة يجب أن يتحلوا بالشجاعة والثقة بالنفس والحرص علي تلك الشرارة متقدة حتي بلوغ غايتهم وهم في الاصل من يتصفون بالشجعان ولكن للأسف دائما ما يخطف ثمار هذه الثورات الجبناء والانتهازيين ويستفيدون منه باعتلائهم علي كرسي الحكم الجديد ولكن ليس غالبيتهم من يحققون طموح الثائرين لان هناك فئة يمتهنون السياسة ولا يستسلمون ابدا انهم هكذا تجري في دمائهم السياسة من اجل الارتزاق او طلبا للسلطة ولا يفكرون في أي مهنة شريفة اخري غير السياسة وهذا النوع للأسف لدينا هنا في السودان منهم الكثيريين خاصة وأن النظام المخلوع قد ساعد في انتشارهم من خلال أحزاب سياسية مبنية علي الهرم فقط دون وجود حقيقي لقواعد تستند عليهم لذلك هم في وادي وقواعدهم في وادي اخر ان وجدوا. الثورة السودانية التي قام بها ألشباب من الجنسين في ديسمبر الماضي بشجاعة وبسالة من اجل مطالب مشروعة تعتبر من أروع الثورات علي مر العصور وهي ثورة حقيقية شملت كل مكونات الشعب السوداني وان غلب عليه الطابع الشبابي في بادئي الامر ولكن في حقيقة الأمر شارك فيها رموز وقيادات بارزة ولكن لا ننكر غياب القيادات الحزبية والقيادات في مكونات المجتمع السوداني المشاركة في الحكومة السابقة وان كان شبابهم مشاركين في التظاهرات علي ارض الواقع و بصورة راتبة وبالفعل قد أجبر هؤلاء الشباب قياداتهم في بعض الأحزاب المشاركة مع النظام بفض شراكاتها والانضمام الي الثورة وكذلك فعلت ألاحزاب المعارضة للنظام إلا وللاسف فان غالبية هذه الأحزاب وبالذات قياداتها ظلت مشاركة مع النظام الي أن تم اقتلاعهم عبر المجلس العسكري اقتلاعا مع النظام المخلوع ويبدو انهم كانوا يعتقدون أن حكم الإنقاذ باقي وهم باقون حتي ولو قتل نصف هذا الشعب لانهم ظلوا يطبلوا للنظام المنحل باستمرار ويمجدوا فيه حتي اللحظات الأخيرة من السقوط. من يهن نفسه يسهل الهوان عليه.. وما لجرح بميت ايلام هذه هي الحقيقة المرة لهذا البيت من الشعر لتوصيف موقف هذه الأحزاب و الا كيف لأحزاب بعينها ظلت في الحكم مع النظام المخلوع وكانت تعلم بظلم النظام للشعب وكمية القتل والتنكيل الذي يمر به ومع ذلك ظل السكوت هو سيد الموقف لأنه لديهم حاجة عند الحاكم ولا يقوي احد أن يقول له لا لذلك استغربت شوية عندما وجدت ذات الأحزاب حاضرة قبل الآخرين باوراقهم لتقديمها للمجلس العسكري دون حياء فقط من اجل كرسي الحكم الذي سحب من تحت أقدامهم قبل اقل من ثلاثة أسابيع وعليه فعلا الاختشوا ماتوا كيف يعقل أن تفكر هذه الأحزاب بأن يقبل بهم الشعب السوداني مرة ثانية بهذه السرعة بعدما ضيعوا آمال اجيال وشعب عظيم بعظمة الشعب السوداني الذي علم الشعوب الثورات ولكن الذي يحدث ما هو إلا سرقة للثورة ولجهود شباب مضني ودماء شهداء طاهرة ولكن هذه المصيبة ايضا شارك فيها تجمع المهنيين الذي لم يكن جاهز بمطالب حقيقية ومعقولة متواريا خلفه قوي التغيير الذي لا يملك قاعدة حقيقة متخذا من المعتصمين قاعدة انطلاق بجانب عدم الشفافية التي ينتهجها المجلس العسكري خاصة في عملية القبض علي رموز النظام السابق الذي يتم بالخفاء دون إظهاره للعيان لمعرفة الحقائق كاملة بجانب الطريقة الاقصائية التي يتمسك بها قوي التغيير ضد المشاركين في هذا الحراك واكيد لا اقصد بهم من ظلوا مع النظام لآخر يوم بل الجيش الذي يعتبر شريك اساسي في هذا الحراك واقساؤهم بالكامل لا يحل المعضلة وبعض مكونات القوي السياسية التي شاركت في التظاهرات ولا تزال مرابطة معتصمة امام القيادة وكله ده كوم و اربعة سنوات لحكومة انتقالية ده كوم آخر لانه ليس هناك اي دولة عاقلة تظل في حكومة انتقالية مقطوعة عن العالم لان الحكومات لا تتعامل مع الانظمة الانتقالية وعليه انا اتمني ان يكون هناك مجلس سيادي عسكري مدني وحكومة مدنية تتكون من كفاءات وخبرات لمدة أقصاها سنتين والترتيب لانتخابات حرة ونزيهة لكل القوي السياسية ومكونات المجتمع المدني تحت رقابة إقليمية ودولية والاحتكام لصوت الشعب السوداني لان الذي يقوم به الآن قوي التغيير من الإصرار علي الانفراد بالحكم لا يقل عن الوطني بشئ كما يجب ان يجتهد الجميع في جعل الحركات المسلحة اول شريك في الحكم ليعم السلام جميع ربوع السودان ويبقي الإيمان بأن الحكم منزل من عند الله سبحانه وتعالي يعطيه لمن يشاء واسأل الله ان يحفظ بلادنا امنا مطمئنا والله غالب والله المستعان. 22/4/2019