كلما ألمت بالناس ضائقة وحلت بهم كارثة تشير أصابع الاتهام للدولة العميقة ، مثلما حدث مؤخرا في الابيض من قتل للاطفال ومن قبلها سنجة وقبلها في الثمن من رمضان ومذبحة فض الاعتصام . فما هي الدولة العميقة وذراعها كتائب الظل ؟ يعتقد البعض أن الدولة العميقة هي بقايا النظام السابق من قادته الأحرار الطلقاء الذين يسرحون ويمرحون ويخططون لهذه الكتائب لتقوم بسحل وقتل الناس بلا وازع من أخلاق أو ضمير بسبب أحيانا وبغير سبب في أكثر الأحيان . ويذهب آخرون إلى حد القول أن من يدير هذه الكتائب هم أنفسهم قادة الإنقاذ القابعون صوريا في السجون وفي الحقيقة هم مطلقي الحرية للإتصال والتخطيط والعمل دون أي رقابة ولا محاسبة ، وكأنهم فقط انتقلوا من القصر الجمهوري إلى قصر آخر . فلا شيء تغير إلا المكان فقط . فالمخلوع وعلى عثمان من ( سجنهما ) يوجهان ويخططان لإحداث الفوضى في البلاد تمهيدا للعودة للحكم ، بعد أن يضيق الحال بالناس فيهتفون مثلما فعلت بقاياهم في عزاء والدة المخلوع . ولكن في اعتقادي أن هذه الدولة العميقة ما هي المجلس العسكري نفسه وإليك الدليل : أولا : المماطلات والتطاول والجرجرة التي هي قاعدة لا يحيد عنها المجلس العسكري في مفاوضاته مع قوى الحرية والتغيير ، الهدف منها إطالة الزمن وكسب المزيد من الوقت مراهنة على صيق الناس بالحالة التي يعيشونها والقتل اليومي والمجازر التى تقوم بها كتائب الظل التي تعمل تحت القيادة التي ترأسهم جميعا وهي قابعة في سجنها الصوري بكوبر . ثانيا : كلما اقترب موعد الاتفاق و لاحت بوادره خرج إلينا البرهان وحميدتي يبشران بقرب التوصل لحل شامل وأنهم لا يريدون السلطة ، هنا نتوقع بعد ذر هذا الرماد في العيون مجزرة جديدة واستفزازا لمشاعر الثوار ومن ثم تعطيل المفاوضات . هذا السيناريو أصبح معلوما في كل حادثة ، فهكذا حدث في مجزتي رمضان وكذلك في مجزرة الأبيض وسيتكرر لا سمح الله في الأيام القادمة . ثالثا : من قتل المعتصمين في رمضان ، والمتظاهرين في سنجة ، والأطفال في الأبيض ليست أشباحا تتبخر في الهواء ولكنهم بشر يلبسون ملابس القوات النظامية وصور بعضهم واضحة للعيان ، ولم نسمع أو نر حقيقة أي إجراء ضدهم إنما هو أسف وكلام في الهواء . أين المجلس العسكري أين القنوات العدلية أين الشرطة والأمن ، غياب كامل وكأن الذي يحدث يحدث في بلد آخر يستحق الأسف فقط . رابعا : في كل حادثة يستمر القتل والضرب لساعات بالذخيرة الحية التي توقظ الأطرش من نومه ، ولا تجد من يتصدى لها أو بأمرها بالتوقف . كل هذا أمام سمع وبصر المجلس العسكري وقواته والولاة العسكريين والقضاة ووكلاء النيابة ، وغياب تام لا يفسره إلا بأن من خلف القتلة هم أنفسهم المناط بهم حفظ الأمن ، والمتأسفون فقط على الأرواح البريئة . لهذا فإن الدولة العميقة رأسها في كوبر وذراعها المجلس العسكري الذي ينفذ أوامرها ويعمل تحت قيادته السابقة . ولا عجب من أن نري هذا المجلس يتكلم بلسانين ويقابل الناس بوجهين ويكذب أعضاؤه كما يشربون الماء . لن يستطيع هذا المجلس الاستمرار في حالة النفاق هذه التي تسقط عنه كل يوم قناعه ليتعرى أمام المجتمع الدولي والمحلي . فليس سرا أن لا أحد يثق في كلمة واحدة يتفوهون بها ووعودهم عند الناس محض كذب ، ولا استبعد والحالة هذه أحد أمرين : أن تفلح الضغوط الداخلية والخارجية في حمل المجلس العسكري على الاتفاق مع قحت ولكن ستكون الفترة الانتقالية مليئة بالعقبات والمؤامرات والمشاكل والأزمات للناس وضيق في المعيشة ، بسبب هذا الشريك غير الموثوق به . الثاني أن يحدث انقلاب صوري على هذا المجلس وينجح في الاستيلاء على الحكم بتواطؤ اركان الدولة العميقة بمساندة وتمكين من المجلس العسكري . وسأناقش كلا الاحتمالين إت أراد الله لنا لقاء . د.زاهد زيد [email protected]