شعار المدنية يعكس في جوهره الصراع حول السلطة التي ينبغي ان توؤل كاملة للشعب بعيدا عن المحاصصات والتسويات السياسية بدأت الازمة بقبول التفاوض مع المجلس العسكري كشريك سياسي والصحيح هو تسليم السلطة الي قوي الثورة دون قيد او شرط خيار تسقط ثالث ليس خيارا عدمياً يعبر عن حالة نفسية مأزومة بل هو في حقيقته تصحيحاً للمسار السياسي وإعادة ضبط بوصلته وثيقة الاتفاق السياسي ومسودات الاعلان الدستوري اقل من ان تشكل أرضية صالحة لبناء دولة مستقرة المجلس العسكري شريك بلا اسهم في شراكة خاسرة قالت اليس للارنبة: حينما تتحدثين ينبغي عليك ان تعني ما تقولين ردت الارنبة: ولكنني اعني ما أقول اجابت اليس: انت لاتعنين ما تقولين (منقول بتصرف من كتاب اليس في بلاد العجائب) يعمد السياسيون عادة الي إعادة عرض حجة الخصوم بطريقة تجعلها غير قابلة للتعاطي معها فنقول بقولنا مالم نقل ونعني بحديثنا مالم نكن نعني، وذلك نسق من التفكير وان كان مشروعاً في عالم السياسة الا انه غالبا مالايفضي الي النهايات المفرحة التي ننشدها جميعاً. أولا: طرح الزميل بتجمع المهنيين د. محمد ناجي الاصم في فاتحة مقاله عدد من الأسئلة مسبوقة بمقاربة يتبناها هو وأعاد تقديمها كحقيقة واقعة علي المشهد السياسي السوداني، وتلك المقاربة تقول ان خيار تسقط ثالث ماهو الا مجرد موقف نفسي انفعالي لا يستند الي عقل او رؤية وبالتالي يكون خيارا عدمياً عالي التكلفة ويقود بالضرورة الي التخلي عن العملية السياسية وخيار السلمية وحرب الشوارع ويفتح الباب علي مصراعية امام القوي الإقليمية والدولية التي تسعي الي العبث بخيارات ومستقبل هذا الشعب. سوف لن انحو مثل هذا المنحي في إعادة عرض حجة الخصوم بصورة لا تعبر عن جوهرها ولكن في المقابل ساعمل علي عرض كلتا وجهتي النظر بما يحفظ لهما مصادر القوة والوجاهة فيهما حسب فهمي المتواضع مع التزامي بنفس التسلسل الوارد في مقال الزميل الاصم. أولا: من المستفيد من السيناريو؟؟؟؟ واعني بذلك خيار تسقط ثالث حسب راي الزميل الاصم هم القتلة والمجرمون وجيوب النظام البائد، هكذا قفزا دون توصيف للازمة ولا تحليل للاعبين الرئيسيين فيها وهي أمور لابد ان نمعن فيها النظر جيدا لانها جوهر الخلاف وذلك عبر الإجابة علي عدة أسئلة جوهرية،: 1. هل سقطت أولاً لتسقط ثانيا وثالثاً؟ إن كنا نعني بذلك الأشخاص فالإجابة عندي نعم، اما إن كنا نعني النظام وشبكات المصالح التي كانت ولازالت تدير دولاب الدولة والحياة العامة بنفس طريقة البشير وحزبه التي قادت في نهاية المطاف الي الثورة بشعاراتها المطالبة بالحرية والسلام والعدالة ونبذ العنصرية والدعوة الي تمتين اللحمة بين مختلف مكونات المجتمع السوداني فسوف تكون الإجابة عندي لا كبيرة. 2. من هم اللاعبون الاساسيون في المشهد؟ اتفق مع الزميل الاصم ان هنالك لاعبون كثر داخل المشهد السوداني، منهم قوي إقليمية وقوي داخلية سياسية وعسكرية وامنية ولكن من هو الاعب الرئيسي في الشهد؟؟؟ ….. واالإجابة عندي هي الشعب السوداني الذي خرج الي الشوارع ولا زال يخرج علي مدي ثمانية اشهر عجاف مطالباً بعودة السلطة الي حياضه وحاصر مقر تجمع المهنيين مطالباُ بالشفافية والصراحة حول ما يدور داخل غرف التفاوض سواءأً داخل السودان او في اديس ابابا او جوبا أو في أي بقعة من العالم. هذا هو اللاعب الرئيسي الذي ظل يقلب الطاولة فوق رؤوس الجميع ويؤكد ان قراره ليس في نيفاشا أو اديس أبابا ولا باريس ولا برلين وان خارطة طريقه لا يرسمها امبيكي ولا بروفيسور برنستون ليمان. صحيح ان ثمة لاعبين اخرين يؤثرون علي المشهد السياسي السوداني من قوي إقليمية ودولية وتوازنات عسكرية وامنية داخلية وقوي سياسية تتفق في رؤاها ومصالحها مع نظام الإنقاذ، ولكن هل حالت هذه القوي بين البشير ومواجهة مصيره المحتوم وهو الذي كان الابرع في اللعب علي جميع الحبال والأفضل في إعادة تموضع هذه التوارنات لصالحه؟. 3. هل تشكل وثيقة الاتفاق السياسي الموقعة بالأحرف الاولي أرضية تصلح للبناء عليها نحو فترة انتقالية تضمن الانتقال السلس نحو الحكم المدني الديمقراطي؟ كفاني الزميل الاصم عناء الإجابة علي جزء كبير من هذا السؤال باعترافه انها ليست الوضع المثالي لعملية سياسية سلسة، صحيح انه يري انها يمكن البناء عليها ولكنني اختلف معه في هذه الجزئية، فوثيقة الاتفاق السياسي والاعلان الدستوري سوف تكون المرجعيات الرئيسية التي تحكم فترة الانتقال وتمهد للديقراطية المنشودة، وبالتالي ينبغي لها ان تعزز قيم السلام والديقراطية وحقوق الانسان وسيادة حكم القانون وإصلاح جميع مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات العسكرية والأمنية. وهذا مالم تتضمنه وثيقتي الاتفاق السياسي وجميع مسودات الإعلان الدستوري. ان وثيقة الاتفاق السياسي ومسودة الاعلان الدستوري هي في حقيقتها إعادة لانتاج ماسي اتفاقات نيفاشا وابوجا والدوحة التي تعاملت مع الازمة السودانية بمنظور شكلي ينحو نحو المحاصصات والتسويات بين نخب سياسية وعسكرية بعيدأ عن المطالب الحقيقية للمواطن. وبناء علي ذلك فانني اتفق مع الزميل الاصم ان العملية السياسية الحالية سوف لن تقود الي انهاء الازمة بل العكس هي تؤجل المعركة الرئيسية بين فئات الشعب وقواه الحية من ناحية وبقايا النظام المندحر بشبكات مصالحه المختلفة علي مستوي العالم والاقليم من ناحية اخري الي وقت تميل فيه موازين القوي غير صالح قوي الثورة وحينها يتم الاجهاز الكامل علي الثورة وذلك بعد ان تصبح قوي الثورة المضادة وشبكات المصالح التابعة لها امرا واقعاً وذات شرعية بمنطوق هذه الاتفاقات والوثائق التي يريد لها البعض ان تطبخ علي نار هادئة داخل الغرف المظلمة. 4. هل المجلس العسكري شريك مناسب للفترة الانتقالية؟؟؟؟ إن المجلس العسكري العسكري بتركيبته الحالية هو مجلس بلا حاضنة احتماعية ولا سبد شعبي بل انه لا يجد القبول حتي داخل المؤسسة العسكرية التي يتحدث باسمها والا فكيف نفر قيام سلسلة محاولات الانقلاب علي المجلس العسكري وتورط كبار قادة الجيش الذين عينهم المجلس العسكري نفسه في هذه الانقالابات. ان وجود المجلس العسكري كشريك في السلطة سوف لن يدعم استقرار الفترة الانتقالية فاعضاء المجلس العسكري لا يمثلون سوي انفسهم. كما ان وجود قائد الدعم السريع في صدارة العملية السياسية وهياكل الحكم سوف تشكل خميرة عكننة بين الجيش وقوات الدعم السريع تنذر بشر مستطير والخيار الأكثر امانا هو تنحي جميع العسكريون عن العملية السياسية وعودتهم الي ثكناتهم ليتم التعاطي معهم بالقدر المطلوب من النزاهة والحياد كل حسب مهامه ووفقا للقانون. ثانياً: ما العمل؟؟؟؟ ان ادواتنا واسلحتنا المجربة هي السلمية كما ان تحقيق اكبر التفاف شعبي للتمسك بمطالب الثورة هو الترياق في وجه جميع المخاطر فمن الغفلة الظن بان خيار الانفلات الامني والحرب الاهلية لم يكن خيارا مطروحاً علي طاولة دهاقنة نظام البشير وخليفته المجلس العسكري، ولكن حالة الاجماع الشعبي في وجه تلك المخططات هي ما قطع الطريق امامها وابطل مفعولها. لن تقوي قوي الظلام من مليشيات وكتائب ظل وغيرها من الصمود امام الملايين الثائرة، كما لن تقوي أي قوة إقليمية كانت ام دولية من فرض ارادتها علي شعب ثائر ممسك بتلابيب ثورته. ان الحل يتمثل في إعادة كتابة الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية بصورة تعكس روح وتطلعات الثورة وإعادة تقديمها معقد اجتماعي ملزم بين الشعب وقوي اعلان الحرية والتغيير وحصر دور المجلس العسكري في تسليم السلطة لقوي الثورة وفقا لهذه الوثائق فالثورات لا تنتصر بالنقاط بل بالضربة القاضية. د. عمار محمد الباقر