عضو المجلس السيادي عائشة موسى السعيد ل(الراكوبة): أحمل عصاتي لأني امراة طاعنة في السن ووصلت لهذا المكان بفضل كفاح النساء حوار: أثارت العصا التي تحملها عضو مجلس السيادة ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتقد البعض هذه المرأة التي تعتبر لا تمثل جيل الشباب صانع الثورة، والبعض الآخر أكد على حسن الاختيار لها، وهي امراة عظيمة وشجاعة وذات مواقف وقوة شخصية، وخبرة طويلة في الحياة، الأمر الذي سيجعل القرارات المتخذة من السيادي صائبة، ولمعرفة الوجه الآخر لشخصية عائشة السعيد (الراكوبة) أجرت هذا الحوار، والذي تناول حياتها وموقفه من هذا التكليف، فإلى مضابط الحوار. * من هي عائشة؟ عائشة موسى السعيد، والدتي الحاجة نصرة محمد إبراهيم.. * ما هي منطقة النشأة؟ ولدت في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، أنا سودانية الأصل والفصل، ووالدي معلم عليه رحمة الله، وتنقلت مع أسرتي بين انحاء السودان، خاصة في ربوع كردفان ودارفور. * حدثينا عن المراحل الدراسية؟ بدأت دراستي الابتدائية أو ما قبلها ،التي يصر والدي على التعليم قبل الإبتدائي، حيث بدأت في نيالا، ثم الأبيض، منها إلى الفاشر، من ثم رشاد، وأبوزبد، وأخيراً أم روابة، إلى أن وصلت المرحلة المتوسطة التي قضيتها في مدينة الأبيض مع أسرتي. * ما هي ذكريات طفولة عائشة؟ كانت طفولتي ثرية ومليئة بالجمال، خاصة في كل الأماكن التي أذكر كل ما فيها جميل في أي شئ، كما حظيت بالسفر مع والدي ووالدتي في ذاك الوقت لعدة مناطق في السودان، حتى بعدما تقدمت في العمر وأتيحت لي فرصة السفر خارج السودان والأماكن التي تبهر الناس في كل من سويسرا وإنجلترا هذه الأماكن التي يذهب لها الناس بغرض السياحة، لم أرى شئ غريب بعد أن رأيت السهول الجميلة الخضراء والممتدة في نيالا، بالإضافة إلى الأشجار المختلفة النادرة التي لا يراها الإنسان إلا بالسودان في مدينة رشاد، أو في منطقة أم روابة، ثم في عروس الرمال التي قضيت فيها حياتي بالأخص الطفولة، التي أنهيتها في مدرسة الأبيض الوسطي، كما كنت من أوائل البنات اللائي حظين بالتعليم. * ما هي شخصية عائشة؟ عائشة امرأة عادية جداً، يمكن أول حاجة حدثت في حياتي أنه أكون ضمن باقة قُبلت من كل أنحاء السودان لمدرسة أم درمان الثانوية، وأتينا نحن بنات كردفان إلى بنات أمدرمان، منذ ذلك الوقت أنا في العاصمة وتصادفت المسألة بنقل الوالد والأسرة لمجلس تعليم شرق النيل الموجود في مكتب التعليم بمدينة الخرطوم بحري في ذاك الزمان، بعد فترة عاد والدي للفاشر، ثم توفي هناك، ثم رجعت مع الأسرة للأبيض. * حدثينا عن المراحل العملية؟ أولاً عملت معلمة في وقت مبكر جداً من حياتي، حيث كنت لم أبلغ العشرين عاماً من العمر، وأصبحت معلمة بالمرحلة المتوسطة منها إلى المرحلة الثانوية مباشرة، ثم درست كورس في كلية المعلمات وذهبت لمعهد تدريب المدارس الوسطي. * تداولت مواقع التواصل الاجتماعي سيرتك الذاتية بأنك خريجة جامعة الخرطوم؟ فعلاً، تداولت سيرتي الذاتية بذلك، والغريب في الأمر، فالناس افترضت أني خريجة جامعة الخرطوم، رغم أن ارتباطي بالجامعة، جاء عن طريق ارتباطي بزوجي الراحل محمد عبد الحي رحمة الله عليه، والذي كان بروفيسور في جامعة الخرطوم، وبعد زواجي كنت أسكن في منازل الجامعة ببري، لذلك الناس افترضت طالما أنا معلمة في مرحلة الثانوية معناها خريجة الخرطوم، واتشرف بجامعة الخرطوم وتشرفت أني عملت في العمل الطوعي حتى الآن، في جمعية المبادرة الوطنية لتوثيق المجزرة التي حدثت في جامعة الخرطوم لتهيئة وإعادة تأهيلها، وهي أطول فترة أعمل فيها لجامعة الخرطوم، غير ذلك، كنت أحضر محاضرات أكاديمية وأشياء أخرى عامة بالخرطوم. * هل فعلاً درست خارج السودان؟ تهيأت لي الفرصة بأن أكون من أوائل الدُّفع التي سافرت للمملكة المتحدة لجامعة (ليدز) على وجه التحديد، وذلك كان أيام فترتي في معهد تدريب المعلمين وهو كورس (توفل) المعروف تدريس اللغة الانجليزية كلغة أجنبية أو لغة ثانية، وكان بمثابة الدبلوم، الذي ساعد على تأهيلي، ثم عدت، ودرّست في المدارس الثانوية، ثم تدرجت إلى أن وصلت للتأهيل التربوي وتدريب المعلمين، وكنت المدير بالإنابة لمعاهد التأهيل التربوي في وزارة التربية والتعليم، وصادف أن توفي زوجي في ذلك العام أو بعده مباشرة عام 1989م، ثم انتقلت للعمل بالمملكة العربية السعودية، الحقيقة هناك مرحلة قد نسيتها وهي أتيحت لي فرصة أثناء التأهيل التربوي للتدريب في جامعة مانشستر للتحضير لدرجة الماجستير، وحظيت في ذاك العام الذي قضيته هناك بمقابلة الدكتور حمدوك، وتقابلنا هناك في الجامعة ودارت الدنيا إلى أن التقينا مرة أخرى في أديس أبابا، ونحن اليوم نقاتل من أجل الذي حدث الآن. * (مقاطعة) ماذا فعلت عائشة بعد وفاة محمد عبد الحي؟ بعد عام 1989م ووفاة زوجي الوضع كان صعب، لذلك أخذت بعضي وذهبت إلى مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية عن طريق انتداب حيث قضيت أكثر من (13) عام، وعملت بجامعة الملك سعود ودرّست أولاً في معهد اللغات ثم في كلية الترجمة، بعد أن أخذت معاشي من جامعة الملك سعود، درّست في جامعة الأمير سلطان لمدة أربعة أو خمسة أعوام، ثم رجعت إلى السودان، حيث درست في عدة جامعات من خلال برامج الدراسات العليا، تدريس اللغة الإنجليزية في جامعة قاردن سيتي، الرباط، ثم جلست وانقطعت للترجمة، وخلال هذه الفترة كنت أعمل في الترجمة باستمرار، ولدي مجموعات عديدة مترجمة في مجالات مختلفة. *ما هو الانتماء السياسي؟ ليس لدي أي انتماء سياسي، وانتمائي للسودان وأهله وشعبه والمرأة السودانية فقط. * ما هي علاقتك بمنظمات المجتمع المدني؟ اشتغلت بالمنظمات النسوية منذ أن كان عمري (15)عاماً في بداية الاتحاد النسائي السوداني، وأعتقد هذه المدرسة الأساسية التي تعلمت فيها أشياء وتتلمذت على رائدات هن اللائي تركن بجانب والدي المعلم هذه البصمة في هذا العمل من أجل الصالح العام والبحث في شؤون المراة، لم تكن مسألة حب للسياسة، إنما كان حباً للعمل من أجل تطوير المجتمع عن طريق موقع النساء فيه ونيل حقوقهم والتخلص من القمع والقهر والفقر، وكل الأشياء الردئية التي تعاني منها المرأة السودانية، منها الجهل على وجه التحديد، كما عملت باستمرار في هذه المسألة بكل فروع الاتحاد النسائي عن طريق حلقات محو أمية. * هل لدي أسرتك انتماء سياسي؟ أنا أنتمي للقبيلة الثقافية في السودان، التي بدأتها برابطة الكتاب والأدباء، ثم عملت مع مجموعة لجنة جائزة الطيب صالح التي أطلقتها شركة زين، ثم جائزة غادة للشباب المتميزين في الكتابة، ثم جائزة بروفيسور أمل عاصم لترقية العلوم الرياضية في المراحل التعليمية المختلفة وغيرها، من الأشياء الكثيرة الأدبية، أنا ليس شاعرة، لكن أحب العمل في مجالات الأدب والشعر والكتابة على وجه التحديد، خاصة تخصصي باللغة الانجليزية، كانت الكتابة، ثم الترجمة التي تخصصت فيها بالممارسة، وليس الدراسة. * ما هو إحساسك في هذا المنصب عضو بمجلس السيادي؟ إحساسي هو أني أتشرف بأني أقسمت من أجل السودان، في الحقيقة مُنحت شرفاً عظيماً جداً، وأعتبرها النهاية، خاصة أنا في هذا العمر دائماً الشخص يدعو بحسن الخاتمة، واعتقد بأن بداية حسن خاتمتي جميلة، وبعد الحمد والشكر، أشكر عليها أهل وشباب السودان على وجه الخصوص الذين بذلوا أرواحهم سخية في سبيل تحقيق هذه الأمنية، ولنساء السودان اللاتي بادرن بترشيحي لهذا المنصب، ولرجال السودان الذين ساندوا هذا الترشيح، ربما قاتلوا أو لا أدري كيف حدث هذا الشيء، والذي أعرفه هو أني رُشّحت وقُبلت، كما يقول مرة أخرى الراحل محمد عبد الحي (الليلة يستقبلني أهلي)، فحسب أن هذا منتهى الجمال في الترحاب الجميل الذي لم أكن أطمح لأكثر منه. * البعض يعتقد أن عائشة إمراة متقدمة في العمر وسط أعضاء المجلس؟ ما تعليقك؟ أنا، فعلاً امرأة ذات عصا، ظهرت وسط شباب السودان فجاة بدعوة أن تكون في مجلس السيادة، وكل ما أثير حول عصاتي، كان من المصادر الجميلة في أول اجتماع للمجلس، ومعي أعضاء المجلس السيادي وهو مجلس واحد ليس له شقين، الآن نحن مجلس واحد يتكون من أحد عشر شخصاً بعضنا من تخصص عسكري وبعضنا تخصص مدني ويحملون العصي لأنهم عساكر، وأنا أحمل عصاتي لأني إمرأة طاعنة في السن، بالرغم من ذلك تمكنت من الوصول لهذا المكان بفضل كفاح النساء والشباب وظهورهم المتميز القوي في هذه الثورة العظيمة التي ليس لها مثيل في العالم، كما أفخر بأني مثال لهذا النوع من النجاح.