منذ إستيلاء الجبهة الإسلاموية، على السلطة الديمقراطية في السودان، وإغتصابها للإرادة الشعبية الوطنية، ظلت المعاناة حليفًا ملازمًا للمواطن السوداني، خاصة للمسحوقين من، المزارعين والرعاة، وصغار المنتجين، من كافة القطاعات، وعامة الناس، حيث جعلت هذه الزمرة، من الدين تجارة، ومن التجويع والتخويف، سياسة، تدير بها البلاد والعباد، عبر: القمع، والإفقار، ومصادرة الحقوق، وصنع الإسلامويين بؤرًا من الحروب والصراعات، في كافة بقاع الوطن، قتلوا فيها من قتلوا، وقطعوا أوصال من قطعوا، وشردوا من شردوا، وإعتقلوا وعذبوا من عذبوا، فصيروهم نازحين ولاجئين وتائهين، بعد أن حرقوا ديارهم، وسرقوا مواردهم، ثم جعلوا ممن تبقى منهم، شيعًا وطوائف، يذبحون أبنائهم، ويستحيون أعراضهم، ويا عجبًا فقد باتت البلاد تتكفف إلحافًا، أؤلئك الطامعين والحاسدين والحاقدين، وصار القاطنون في القرى والبوادي والفرقان، يتشهقون معاناتهم زفيرًا، كلما لاح لهم صباح فجرٍ جديد. ولم يسلم من الأذى والأنين، سكان المدن والحضر، ومن المؤلم جدًا أن المرء لم يجد مصوغًا أخلاقيًا لما جرى ويجري، حيث تُزهق فيه الأرواح، وتُراق فيه الدماء، ويُؤذي فيه الضعفاء، دون جريرة أو ذنب يرتكبوه، سوى أنهم رفضوا الذل والهوان، وظلت الأمور تسير على هذا المنوال، لثلاثة عقود عجاف، حتى لاح فجر الخلاص من الطغاة المتجبرين، عندما لبى السودانييون نداء الوطن، فهبوا في ديسمبر 2018م، وقالوا: حيّا على فلاح الحرية، والسلام، والعدالة، فأسقطوا كبيرهم- المشير البشير أسد أفريقيا- الطاغى المتجبر، صاحب شعار: أنا ربكم الحافظ لدمائكم ومواردكم، أو أن تهلكوا دوني، كما هلك قومُ عادٍ، وثمودٍ، وأهل ليبيا، والعراق، وسوريا، واليمن، بيد أن ثلة الإنتهازيين، الذين تمرغوا في وحل الإستبداد والفساد، سوف لن يهدأ لهم بال، طالما أن وقت الفطام قد دنا، وشمس الحرية والديمقراطية قد سطع، وسيكون عسيرًا وعصيًّا علينا فطامهم، من ثدي الشعب السوداني، الذي ولغوا وما زالوا في رضاعته، لذلك سوف لن تتوقف الإنتهاكات، وكل صنوف العذاب، حتى يتمكن الشعب السوداني، من وضع يده على مواعين وأدوات ومصادر البلاد المهدرة، وعلى رعاة الطغيان، عدم إدخال مواشيهم في المزارع. وليس ببعيد لما جرى لأهلنا بمنطقة شنقلي طوباية، بولاية شمال دارفور، ولعمري إنه لأمر مؤسف حقًا، لأن حكومة شمال دارفور، عندما تم إبلاغها، في الخامسة من مساء ال 11/8/2019م، والذي تزامن مع يوم الوقوف بعرفة، لم يتكرموا إلى المجيئ، إلا عند الساعة الحادية عشرة، من صباح اليوم التالي، وهو ما دفع المواطنين إلى رفع الجثث، البالغة حينها أربع جثة، تم مواراتها في الفاشر، بينما فاضت روح الجريح، الذي تم نقله إلى الخرطوم، إلى بارئها، متأثرًا بجراحه، وذلك يوم زيارة وفدي قوى الحرية والتغيير، القادمين من الخرطوم، وولاية جنوب دارفور، في الرابع والعشرين من ذات الشهر، لتقديم واجب العزاء، نسأله تعالى أن يتقبلهم في فسيح جناته، أيضًا إستمع الوفد إلى شكاوي ومطالب مواطني المنطقة، وهم يتأوهون أنينًا وحزنًا أليمًا، وحكومة الولاية، لم تعرهم إهتمامًا بذلك، لأن البلاغ تم فتحه ضد مجهول، حسب إفادات الشرطة، لأهالي المنطقة، الذين أكدوا بدورهم، تتبعهم لأثر الجناة، الذي أدخلهم إلى الفريق، وزادوا: لم يتم القبض على الجناة، وما زالوا طلقاء، يمارسون حياتهم، ويهددون ويحرمون من يريدون، ويعيسون في الأرض الفساد، ولمّا تحركت حكومة الولاية مؤخرًا، قامت بإحضار عمدة الفريق، الذي أقر بأن الجاني إبنه، ثم أبدى إلتزامًا أمام الوالي، بتسليمه للسلطات، لكن هيهات هيهات. كذلك قدم الأهالي عُرضحالا من الشكوي والمطالبات، في أن أطفالهم يتسربون من المدارس، وأنهم لا يستطيعون إرجاعهم إليها، وتابع: صرنا مكتوفي الأيدي، ولا ندري ما نفعل، وإستدرك أهالي المنطقة، أنهم ظلوا منذ العام 2003م، يفتحون البلاغات في أضابير الشرطة، لكن بلاغاتهم لم تجد طريقًا إلى تحقيق العدالة والمساواة، الأمر الذي جعل الأهالي يحسون بأنهم ليسوا مواطنين، لطالما أن التمييز السلبي، هو الذي يحدد شكل المواطنة بينهم والآخرين، وهو ما دفعهم لإتهام الحكومة بالقصور، عندما رددوا أمامها: (بيقتلونا زي الغنم، وما في زول جايب خبرنا)، مما شددوا مطالبين بتوفير الأمن والحماية، لأنه حق وواجب الدولة تجاههم، مثلما طالبوا بالحرية، وتوفير الغذاء، والعيش الكريم، وتحقيق العدالة، وعدم إطلاق سراح الجناة، دون تقديمهم لمحاكمات عادلة، وطالبت المرأة بوضع حدّ نهائي للإغتصابات، لأنها باتت تشكل تهديدًا متكررًا ضدها لثلاث مرات في الأسبوع، والعمل على إيقاف الإستفزازات اللفظية، التي يرددها الجناة، مثل: (نوبة، عبيد، ….)، كذلك نبهت المرأة بأنها من أكثر الشرائح التي تتعرض كثيرًا للإنتهاكات والإغتصابات، وقالت: إن القبض على (أبوندقير) ومحاكمته، أصبح مطلبًا شعبيًا لا مناص منه، بحسبان أنه المسؤول الأول عن تلك الجرائم، التي تتسبب في حرمان المرأة من العيش في سلام، ولم يمكنها في كسب سبل عيشها الكريم، خاصة وأن الرجل (أبوندقير) بات مهددًا لأمن المنطقة، وهو يدعي إنتمائه لقوات الدعم السريع، ولا يستطيع الباحثون عن العمل- خاصة الرجال، في ظل هذه الظروف، توفير سبل كسب عيشهم، سيما وهي لا تتوفر إلا في الريف والبوادي، وهذه السبل ظلت عصية على البسطاء، وحمّل مواطني شنقلي طوباية، مسؤولية تصاعد جرائم الإغتصابات، إلى الإدارات الأهلية، التي تمنع المغتصبات، من كشف ذلك إلى أي جهة كانت، أو الحديث عنها للمؤسسات الإنسانية أو القانونية، بإعتبارها فضيحة تمس الشرف، وحقًا فإن وقف الإغتصابات وجميع أنواع الإنتهاكات، يعتبر مطلبًا شعبيًا ووطنيًا. : دنيا دبنقا …. نور الدين بريمة [email protected]