ماشي الموكب نغمة رددوها ببراءة وفخر… أكثر ما تميزت به الثورة السودانية أنها لم تقصر المشاركة في المواكب على فئة بعينها، فقد شاركت كل فئات المجتمع في الحراك حتى سقوط نظام المخلوع البشير، وكان للأطفال دور داخل الأحياء الشعبية، كالمساعدة في وضع المتاريس وحرق الإطارات، ومد الثوار بالماء والطعام، وإلهاب حماسهم، وكان خروج الاطفال في تلك التظاهرات نتيجة وعيهم، بالرغم من صغر سنهم بمعانات أسرهم، فقد بلغت الضغوط الاقتصادية حدالايحتمل وأصبحت حياة المواطن معقدة بسبب الاحتياجات اليومية. ضربة البداية.. أثناء اندلاع التظاهرات ظهرت عدد من الفيديوهات التي تعرض أطفالا يهتفون في المواكب، وقد كان لذلك الفيديو الذي يعرض اطفالا يترجى أمه كي يخرج للمظاهرات صدى واسعا، فإصرار الطفل لدرجة البكاء ورفضه البقاء في المنزل والمشاركة في التظاهرات دلالات وعي بأن هنالك أمرا ما يجب أن يحدث، كما أن الصور التي ملأت الميديا كان لها دور أيضاً في لفت نظر الأسر وانتشار ثقافة المطالبة بالحقوق، وكانت أكثر من صورة مثلت أيقونة ورمزا لكفاح ونضال الأطفال، فقد كان بعضهم في المواكب يصرخ من شدة الكبت والقهر حيث شارك عدد من الأطفال الذين يعملون في المهن الهامشية في المواكب، منهم فئة عمال الورنيش، وماسحي زجاج السيارات، وباعة المناديل والفواكه في الإستوبات وغيرها من المهن، وحينما وصل الثوار في 6 أبريل للقيادة العامة، كان الأطفال الذين اعتلوا لافتات الإعلانات يطرقون بأيديهم ويرددون: "حرية ، حرية) مشهدا تشقعر له الأبدان فبروحهم تلك كانوا أصحاب الرصة والمنصة. الخرطوم / حواء رحمة .. تنوع المواكب بالرغم من المخاطر التي تحدق بالمتظاهرين؛ خاصة الأطفال والمراهقين، نجد أن أغلب الأحياء التي تقود المواكب تخرج فيها أسرابا بشيبها وشبابها وأطفالها يتقدمون المواكب شاهرين الهتاف منادين بالحرية والسلام والعدالة. وعبر عدد من الآباء على مواقع التواصل الاجتماعي عن فخرهم بمشاركة أبنائهم في المظاهرات والمواكب ونمو روح الوطنية بداخلهم. ويرى مختصون بشؤون الأسرة أن هذه ظاهرة صحية، بالرغم من مصاحبة التظاهرات والمواكب وساحات الاعتصام للعنف والضرب بالرصاص الحي الأمر الذي بسببه فقد عدد من الأطفال والمراهقون حياتهم . مشاهد بعيون الثوار على موقع التواصل الاجتماعي كتبت إحدى الثائرات تدعي (مآب) بعد أن عرضت صورة لطفل يحمل علم السودان؛ علقت بقولها: "عشان الجيل دا نحن بنضحي"، وفي السياق عد محمد، موثق بالصور في احدى المواقع صور الأطفال تأكيدا على أن هذه الثورة شاملة وشارك فيها الجميع بروح وطنية عالية، وقال إن عددا كبيرا من صور الأطفال موجودة بمواقع التواصل الاجتماعي يجب الاحتفاظ بها فهي تمثل شاهدا للتاريخ وتوثق لحدث لن يتكرر بهذه العظمة. ثورة الوعي . عاد الكثيرون بأذهانهم إلى ضرورة تضمين المناهج مواد تتحدث عن الوطن ودور الفرد في بناء وطنه والمسؤولية التي تقع على عاتقه، وقال مراقبون إن غياب الوطن في المناهج التعليمية أو حصره في إطار العنف فقط ادى إلى عدم إحساس الأطفال بالوطن وهذا ما يجب أن تتضمنه المرحلة القادمة من عمر السودان في ظل الدولة المدنية. في السياق ذاته قال عبد المنعم عبيد إن لكل ثورة ظاهرة وثورة ديسمبر كانت حاشدة بإبداعات الاطفال والمراهقيين والشباب والنساء وحتى الشيوخ. ومن واجبنا حفظ هذا النوع من الإبداع بالتوثيق بكافة الوسائل، خاصة المواكب التي كان يشارك فيها الأطفال لتصبح جزءا من تاريخنا الحديث وتحث الجيل القادم على التغيير، وأردف: كان أطفالي يهتفون كل صباح: "تسقط بس"، وقمت باصطحابهم إلى القيادة العامة إبان أيام الاعتصام فرأيت الفرح في أعينهم وكانوا متحمسين جداً للذهاب باستمرار حتى أصبحت أهرب منهم، وأردف: الثورة علمتنا الكثير ورد الدين للشهداء هو المحافظة على هذه الثورة حتى لا نندم.