بعد ثورة أكتوبر تم تكوين حكومة انتقالية مدنية بقيادة سر الختم الخليفة قادت البلاد بسلاسة حتى جاءت الانتخابات و اختار الشعب بحرية من يحكمه، و بعد ثورة أبريل جاءت حكومة انتقالية عسكرية بقيادة سوار الذهب قادت البلاد بسلاسة حتى جاءت الانتخابات و اختار الشعب بحرية من يحكمه. في كلا الحالتين رغم الخلافات و الاختلافات عبرت البلاد بهدوء الفترة الانتقالية، و هذا بلا شك يحسب إنجازا و نجاحا، الآن بعد ثورة ديسمبر تدخل البلاد تجربة الحكم الهجين للفترة الانتقالية بوجود الجيش و المدنيين في حكومة واحدة و بالتالي حداثة التجربة مع عظم التعقيدات يجعل الفترة الانتقالية على صفيح ساخن، حنكة الشعب و تقديمه للاولويات في الوصول بالفترة الانتقالية إلى نجاح يحقق السلام و ينقل البلاد إلى انتخابات حرة و نزيهة سيكون بلا شك هو الهدف الأسمى و الاهم عن ما عداه. هدف الشعب في فترة انتقالية هادئة و سلسة تنجح فيها الحكومة الانتقالية، بكل تأكيد يضاده هدف الدولة العميقة و الكيزان في فترة انتقالية مضطربة و غير مستقرة تؤدي إلى فشل حكومة حمدوك و بالتالي فشل الثورة، و لذلك من ينظر بعين فاحصة يمكنه أن يعلم من الذي يسعى لتحقيق هدف الشعب و من الذي يسعى لتحقيق هدف الدولة العميقة. هدف الشعب تخدمه الآن حكومة حمدوك و قوى اعلان الحرية و التغيير، لذلك اي مصادمة لهذه الجهات بلا اي سبب موضوعي هو تنفيذ لهدف الدولة العميقة، الدعوات للمليونيات التي لا يعتمدها تجمع المهنيين و القوى الميدانية لقوى اعلان الحرية و التغيير هي دعوات تنفذ في أجندة الدولة العميقة و تسعى لزعزعة يقين و ايمان الجماهير بحكومة الثورة. حكومة حمدوك مازالت في بداياتها و كل الملفات التي تهم الشعب مفتوحة لديها و لكن يلزمها الوقت حتى تنجز هذه الملفات، فالملف الاقتصادي معقد جدا في ظل وجود خزينة فارغة و فساد و ديون دولية و وجود السودان تحت طائلة الدول الراعية للإرهاب، لذلك انتعاش الاقتصاد يحتاج وقت فيه يرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب و فيه يتم استعادة الأموال المنهوبة و ترتيب الصناعة و الزراعة و بداية الإنتاج، لذلك فالضغط على حكومة حمدوك بهدف تحسين الوضع الاقتصادي في وقت وجيز هو دفعها للانتحار ليس الا. بخصوص الشهداء، لجنة التحقيق تم الإعلان عنها ولكنها لم تكون بعد بالأسماء، و لم تبدأ بعد العمل، لذلك اي حديث عن ضياع دم الشهداء هو حديث سابق لأوانه و لا يخدم سوى اضطراب الفترة الانتقالية وحشد الجماهير ضد ثورتهم و المستفيد الأول و الأخير هو الدولة العميقة. حكومة حمدوك لا تملك عصا سحرية، وإنما تملك الإيمان بالشعب و الثورة، فإذا وقف معها الشعب ستنجح في تحقيق كل أهداف الثورة، و ان ابتعد عنها الشعب ودعم بدون وعي منه الدولة العميقة فلن تنجح و لن يجد الشعب وقتها نفسه الا تحت بشير جديد و دكتاتورية جديدة لن يجد منها فكاكا و سيضيع وقتها بلا شك حق الشهداء و ستضيع كل التضحيات وتصبح هباءا منثورا، و يعض الشعب يديه على ما فرط ولن يجدي وقتها الندم. يوسف السندي