ربما تدخل الأدوية في السودان، في قائمة السلع النادرة جدًا، الفترة المقبلة. فهو غالٍ جدًا مقارنة بالوضع الاقتصادي لأغلبية فئات الشعب، بجانب ندرته في بعض الأوقات إذ تتوفر أدوية كثيرة في صيدليات بعينها وأحيانًا لا نجدها حتى في هذه الصيدليات. وقبل يومين، صرحت هيئة الإمدادات الطبية أن مخزون الدواء لا يكفي الحاجة لثلاث أشهر. شهر ونصف الشهر مضى، مُنذ تولي الحكومة الانتقالية مقاليد الحُكم، لم تنجح حتى اللحظة في وضع تغييرات، ولو طفيفة، على الوضع الصحي. لا سيما الأدوية، التي تُعد بسبب غلائها تارة ونادرتها تارة أخرى، أحدى أهم الأسباب التي فجرت ثورة ديسمبر المجيدة. ولا يزال أبطال (تراجيديا) أو فلنقل مافيا الدواء، متحكمة في ذات المواقع التي هيمنت عليها في العهد البائد، ولا يزال باب التهريب وإدخال الأدوية غير المسجلة مفتوح؛ دون تدخل حكومي واضح حتى الآن، مما يضاعف من الأزمة، التي قد ترقي إلى كارثة قريبًا حال لم يتدارك الأمر سريعًا. وكشفت جولة ل (الراكوبة) بعدد من الصيدليات بولاية الخرطوم، عن خلو أرفف الصيدليات من الأصناف الدوائية المهمة والمنقذة للحياة كعقار (بيتابيل دوبا) الذي يصرف للنساء الحوامل في حالات بعينها، وقطرات العيون وأدوية الأمراض النفسية والغدة الدرقية. وقال رئيس شعبة الصيدليات د. نصر مرقص أن من بين كل (10) مرضى، (4 5) يفشلون في توفير ما يحتاجونه من دواء، وآخرون يستطيعون توفير الدواء في اليوم الأول ويفشلون في توفير الجرعة كاملة. وأرجع ذلك لتكلفته المرتفعة، إذ يصل سعر صنف دوائي واحد، ما يعادل مرتب شهر موظف في الدرجة الرابعة. وحذر مرقص من هذا السلوك الذي وصفه بالمكلف للدولة والمريض وأوضح انه يعمل على تقليل فرص العلاج . وشدد مرقص في حديثه ل (الراكوبة)، على ضرورة إنزال استراتيجيات صحية عاجلة وقابلة للإنفاذ لرفع المعاناة عن كاهل المواطن، ونوه إلى أن ميزانية الصحة بالخرطوم كانت مدعومة من المواطن بنسبة (100%)، مشيرًا إلى أن الصرف على مستشفيات الولاية بلغ (653.9) مليون بينما بلغت إيرادات ذات المستشفيات (654) مليون جنيه، ما يؤكد رفع النظام البائد يده عن مجانية العلاج. وبث مرقص تطمئنات بحدوث انفراجه دوائية بالبلاد قدرها ب (3 4) أشهر، بعد طرح مبالغ مالية للصندوق القومي للإمدادات الطبية و(30) مليون دولار للشركات المستوردة للدواء، واستدرك قائلا: (أن الأمر ليس سهلًا). لافتًا إلى وجود إجراءات معقدة لاستيراد الدواء بداية ب (أوردار) التصنيع الخاص بكل دولة وغيره من إجراءات، قطع بأنها ستؤدي إلى نتائج ملموسة . الوسوم الثورة السودانية الحكومة المدنية السودان تحديات المرحلة الانتقالية