لم يكن عمر الطيب الدوش شخصية عابرة أو شاعراً مر على البلاد مثل الكثيرين وإنما كان مدرسة خاصة فكان طبيعياً أن يتم تكريمه وإحياء ذكراه و وسط حضور جماهيري كبير، شهدت العاصمة السودانية الذكرى الحادية والعشرين لشاعر الكفاح والوطن والعشق ، والتي نظمها بيت الشعر الخرطوم بالتعاون مع مجموعة بيت الضل الثقافية، أمسية الخميس، بقاعة النيل التي ضاقت بمن فيها باتحاد المصارف، حيث شدا نخبة من الشعراء احتفاء بالذكرى الخالدة.. عمر الدوش الذي تحفل قصائده ببساطة المفردة وعمق التناول في الأخيلة والصور الشعرية يؤكد ذلك في قصيدته الشهيرة (سعاد) والتي تغنى بها الفنان عبد الكريم الكابلي، وكان لسعاد حضوراً حافلاً في شعر الدوش رغم تجلي حضورها الواضح إلا أن رمزيتها أصبحت مكمن حيرة للنقاد، فسعاد لدى الدوش هي كل شيء الحبيبة والوطن والأم الحنون.. كتب الشاعر بشير أبو سن في مقالة حديثة مطولة نشرتها صحيفة الجريدة عبر ملفها الثقافي (حراك) يوم الخميس 10 أكتوبر 2019م، تزامناً مع ذكرى رحيله، يقول بشير في جزء منها"سعاد ليست فتاة من لحم و دم وإن بدت كذلك، إنها شيء أكثر من ذلك، إنها رمزٌ ما وضعه الدوشُ أمامنا بملَكةٍ مسرحية عالية الدقة.. ربما تكون فتاةً و لكنها فتاة من الشِّعْر خلقها الدوش حلماً حلما وغنيةً أغنية، إنها السعادة (خاصة وأنها تعود إلى الجذر اللغوي س ع د)، السعادة والسلام والصفاء، إنها الحياة الطيبة حيث لا آلام، إنها الحب في أعظم تجلٍّ له في ذهن شاعر، إنها الرضا و الخلود، إنها أحلام ود حنينة في حلة فاضلة، في حلة تراه صعلوكاً ولا تعلم أنها تسكنُ فيه ولا يسكن فيها". فربما هي الصورة الأكثر وضوحاً في رسم شخصية سعاد لدى الدوش. حضور مشرف شرف حضور الأمسية من الجانب الرسمي الشاعر عالم عباس محمد نور الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون، والدكتور الصديق عمر الصديق مدير بيت الشعر الخرطوم، ونائبته الشاعرة ابتهال تريتر، ونخبة من رموز الفعل الثقافي، وثلة من الإعلاميين بالصحف والإذاعات والقنوات العالمية أبرزهم الشارقة، سودانية 24، صوت العرب الكويتية، وقدم فقرات الأمسية كل من بشير أبوسن وأحمد عوض، بينما غرد بالغناء المطرب محمد أبو عرب، متخذاً من أغنيات محمد وردي والدوش عطراً نثره على الأمسية بمصاحبة آلة العود. أول ظهور رسمي في أول حضور رسمي له عقب نيله ثقة مجلس الوزراء وتكليفه أميناً عاماً للمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون، خاطب الشاعر عالم عباس، أمسية بيت الشعر في الاحتفاء بذكرى الدوش، مشيداً بمبادرة بيت الشعر ومجموعة بيت الضل في الاحتفاء بذكرى الشاعر عمر الطيب الدوش، معبراً عن سعادته بالمناسبة، متناولاً سيرة الدوش والذكريات التي جمعت بينهم، وقال يكفي أن الدوش شاعرٌ يمتلك إنسانية لا حدود لها، متمنياً للمشهد الثقافي الانتعاش خلال الفترة المقبلة، ممتدحاً جهود بيت الشعر في خدمة الحركة الشعرية والشعراء في المحيط المحلي والخارجي. تكريم من جانبه ابتدر مدير بيت الشعر الدكتور الصديق عمر الصديق الحديث شاكراً لأسرة الدوش على حضور الأمسية، وللأستاذ عالم عباس على حضوره الحدث الذي وصفه بالمهم، ممتدحاً تعاون مجموعة بيت الضل الثقافية مذكراً بانفتاح بيت الشعر على المؤسسات والجمعيات الثقافية في العديد من الفعاليات السابقة مع مؤسسة شمبات الثقافية (النيمة) ومؤسسة طيبة برس التي تحيي تظاهرة ثقافية سنوية خلال شهر رمضان تسمى (خيمة الصحفيين) حيث كان الاحتفاء بأغنيات مصطفى سيد أحمد، وغيرها من الشراكات المهمة، مجدداً تأكيد انفتاح البيت على المؤسسات ذات الصلة بالعمل الثقافي، معلناً انعقاد مهرجان الخرطوم للشعر العربي في دورته الثالثة بحضور وفد رفيع من إمارة شارقة الإمارات العربية المتحدة، بمشاركة شعراء السودان ومشاركات إفريقية من السنغال وعربية من مصر والمملكة العربية السعودية وسوريا، مبشراً بحراك شعري كبير خلال أيام المهرجان، وشهدت الأمسية في ختامها تكريم أسرة الدوش حيث تقدمت لميس الدوش في كلمة مقتضبة بالشكر لبيت الشعر وحضور الأمسية ومجموعة بيت الضل.