القاهرة - تواجه العلاقات الإماراتية - المصرية التاريخية امتحانا عسيرا بعد أن عمد غوغاء مصريون إلى مهاجمة مكاتب شركة أبوظبي للإعلام في القاهرة وسط "ميوعة" أبدتها قوات الأمن المصرية في التعامل مع الموقف. وقام حوالي الخمسين شخصاً باقتحام مكتب الشركة الرئيسي في العاصمة المصرية والذي يضم مكاتب لتلفزيون أبوظبي وصحيفتي الاتحاد وذي ناشونال الصادرتين في أبوظبي. وزعم الغوغاء بأنهم يريدون تفتيش المكتب للبحث عمن يزعمون أنهم مخربون. واتهموا الإعلاميين العاملين بالمكتب من صحفيين ومصورين بالعمالة والخيانة. وقام العاملون بالمكتب باللجوء إلى الشرطة طلباً للحماية وخوفاً من وقوع أية عمليات تخريب أو سرقة للمعدات بالمكتب. لكن قوة الشرطة التي أرسلت إلى المكتب وتشمل حوالي عشرين ضابطا وفردا يتقدمهم عميد شرطة تعاملت بلا مسؤولية و"ميوعة" مع الواقعة الخطيرة. فقد "تفاوضت" الشرطة مع المجموعة المقتحمة للمكتب والتي أصرت على عدم مغادرة المكتب حتى تفتيشه، حيث سمحت لهم قوات الشرطة بالتفتيش دون أن تتدخل وأن تقوم بواجبها من ترك الغوغاء يفعلون ما يشاءون. ولم يسفر "بحث" الغوغاء عن العثور على أي مندسين أو عملاء مزعومين مما اضطر مقتحمي المكتب للانسحاب تحت إشراف قوات الشرطة دون وقوع أية إصابات أو خسائر بالممتلكات. وتأتي مهاجمة مكتب شركة أبوظبي للإعلام في الوقت الذي تعرضت قنوات فضائية خاصة ومكاتب خدمات إعلامية إلى عمليات تخريب واسعة طالت أثاث هذه المكاتب وتجهيزاتها. وتشير حالة الانفلات الأمني واستهداف المؤسسات الإعلامية العربية إلى ضعف المجلس العسكري وفقدانه السيطرة على الأمور في حين يكتفي رئيس الوزراء المصري عصام شرف باطلاق التصريحات التحذيرية وسط عجز واضح من قوات الشرطة والجيش في مواجهة الفوضى وحكم الغوغاء. وتحدثت أوساط سياسية مصرية عن مخطط من جهات معادية لمصر للإضرار بعلاقات القاهرة مع دول عربية عديدة وقفت وتقف مع مصر في محنها. وأشارت أوساط أمنية أن أجهزة الأمن المصرية زودت رئيس الوزراء المصري شرف بمعلومات مهمة حول وقوف دول معادية لمصر وراء العديد من الاضطرابات التي تمر بها القاهرة، وانها تستعمل مجموعات محسوبة على تيارات إسلامية عرف عنها عدائها لدول الخليج العربي ووقوفها مع ايران، إلا أن شرف لم يفعل الكثير لمنع مثل هذه التحركات. وتقول المعلومات أن دول معادية لمصر ودول الخليج العربي تريد عبر عمليات ضد مصالح خليجية الإضرار بوقوف هذه الدول مع مصر خاصة بعد تقديمها لمساعدات اقتصادية ضخمة بلغت مليارات من الدولارات، وتعتقد أجهزة الاستخبارات المصرية التي حافظت على تماسكها رغم حالة الفوضى في البلاد أن خشية الجهات المعادية من عبور المصريين المصاعب الاقتصادية الحالية بمساعدة خليجية وعودة مصر لتلعب دور قوي في المنطقة مكافئ لإيران وإسرائيل يجعلها تحرض وتوجه هذه المجموعات لضرب العلاقات الخليجية المصرية. وعبر مراقبون مصريون عن لومهم للجهات الرسمية المصرية للسماح بالغوغاء والمندسين بمهاجمة المصالح الإعلامية الإماراتية. وقال مراقب مصري لم يشأ ذكر اسمه "أهكذا تكافأ الإماراتوأبوظبي؟" وأضاف "اليد البيضاء التي طالما امتدت بالعون لمصر، اليوم وبالأمس، ثمة منْ يعمل على الإساءة إليها". وكانت الإمارات قد أعلنت عن حزمة مساعدات مالية كبيرة لمصر بعد الثورة واستقبلت رئيس الوزراء شرف لدعمه. لكن تاريخ العلاقات الإماراتية المصرية يمتد لعقود إذ حرص الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات على دعم القاهرة منذ أوائل أيام تأسيس الاتحاد. وعدا الملايين من المصريين الذين فتحت لهم أسواق العمل في دولة الإمارات، فأن الشيخ زايد كان سخيا في دعم مصر ومساندة شعبها. فحي الشيخ زايد في مدينة الاسماعيلية وهو ضاحية بنيت بمواصفات عصرية بناها الراحل لتوطين أبناء الاسماعيلية الذين فروا من المدينة خلال فترة الحرب من 1967 وحتى عام 1973 كما أطلق اسمه على محطة القطار التي تقع في نفس المنطقة وهي لا تبعد أكثر من 3 كيلومترات عن مدينة الاسماعيلية. وفي عام 1991 قام الشيخ زايد بتحويل القرض المقدم من صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي الى منحة لا ترد تستخدم في تنفيذ مشروعين من مشروعات التنمية الدائمة في مصر وهما مشروع امتداد ترعة الحمام بالساحل الشمالي ومشروع استصلاح وزراعة 40 ألف فدان شرق قناة السويس في سيناء. وقام بعد ذلك بتخصيص 200 مليون دولار لتنفيذ مشروعات تنموية رائدة منها استصلاح وزراعة حوالي 300 ألف فدان في مناطق النوبارية والبستان والساحل الشمالي ساهمت في توفير الآلاف من فرص العمل للمصريين حيث تم استخدام هذا المبلغ الكبير في شراء معدات استصلاح أراض ومعدات ري متطورة ومستلزمات شبكة الكهرباء والمحولات اللازمة لتشغيل المشروع. وأطلقت مصر اسم الشيخ زايد على مدينة سكنية كاملة من المدن الجديدة التي تم تشييدها مؤخرا وهي مدينة الشيخ زايد التي تعد ضاحية لحي المهندسين ومدخلا لمدينة السادس من أكتوبر في القاهرة الكبرى. وتعتبر مدينة الشيخ زايد المصرية مدينة جديدة من مدن الجيل الثاني حيث تم إنشائها عام 1995 بمنحة من صندوق أبو ظبي للتنمية - منحة الشيخ زايد، وهي إحدى مدن محافظة 6 أكتوبر، كما تعتبر ضاحية من ضواحي القاهرة الكبرى وامتدادا طبيعياً لها. ولم تنحصر مواقف الإمارات والشيخ زايد مع مصر في الدعم المالي. ففي حرب أكتوبر 1973 قرر الشيخ زايد قرارا شجاعا بوقف تصدير البترول، وقد دخل الشيخ زايد التاريخ بكلماته حين قال: إن البترول العربي لن يكون أغلى من الدم العربي. وبعد حرب أكتوبر كانت وقفة الشيخ زايد لا تنسى لمساعدة مصر على إعادة أعمار مدن قناة السويس (السويس- الإسماعيلية- بور سعيد) التي دُمرت في العدوان الإسرائيلي عليها عام 1967. وفي كل مدينة من هذه المدن حي كبير باسم الشيخ زايد تسكنه آلاف الأسر. وعندما بدأت مصر في اقتحام الصحراء بمشروع توشكى العملاق الذي يحول نصف مليون فدان من ارض صحراوية مهجورة إلى ارض زراعية عامرة بالسكان والخير، ويتكلف مليارات الدولارات، في هذا المشروع المستقبلي الكبير، أنشئت قناة تمتد عدة كيلومترات تحمل الحياة من مياه النيل إلى هذه الأرض الجديدة. وتحمل هذه القناة الكبرى تحمل اسم الشيخ زايد.