في الخفاء تحت جنح الظلام، تعمل عدة مراكز إعلامية مملوكة لجماعة "الكيزان"، على حياكة المؤامرات وبث الرسائل المسمومة تجاه الحكومة الانتقالية في السودان، بغرض إحباط الرأي العام في البلاد وتأليبه عليها. ووفقا لخبراء تشمل المراكز التي تتهمها دوائر سودانية بالتربص بحكومة الثورة حالياً والتي تسميها الأوساط المحلية ب"الجداد الإلكتروني"، المركز السوداني للخدمات الصحفية "أسي أم سي" ومركز "روان" و"سوداني نت" المملوكة لجهاز مخابرات نظام المعزول عمر البشير.
كما تضم كذلك "مركز الخرطوم للإعلام الإلكتروني" و"المركز القومي للإنتاج الإعلامي" و"الحاكم للخدمات الصحفية"، وجميعها تابعة لحزب المؤتمر الوطني الذراع السياسي للحركة الإسلامية.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت فإن الحركة الإسلامية السياسية، أنشأت مركزاً حديثا يدير نشاطه بشكل سري من على مبنى بضاحية الرياض شرقي الخرطوم، ودفعت بكوادر بارزة للعمل به، بينهم وكيل وزارة الإعلام السودانية سابقاً عبد الماجد هارون، والقيادي الشبابي في حزب البشير "المؤتمر الوطني" فضل الله رابح، حيث أسندت لهما مهام حساسة في مخطط الثورة المضادة.
ويتهم مركز "روان" الذي يديره جهاز مخابرات البشير، بإنتاج العديد من الأفلام الوثائقية المعادية لشعب السودان وبثها عبر التلفزيون القومي إبان سيطرة الإخوان عليه، ومن بين منتوجاته فيلم "خفافيش الظلام" الذي تضمن محتويات مسيئة لشباب الحراك الثوري والاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم.
ويواجه المركز حاليا بلاغات جنائية، ضمت كذلك مدير التلفزيون المقال محمد أحمد عيساوي، بسبب فلم "خفافيش الظلام".
وتم إنشاء هذه المراكز قبل سنوات من قبل النظام السابق، وكانت تتولى مهمة الدفاع عن سلطة "الكيزان" ونشر أفكارها، وبث الشائعات على وسائط الإنترنت والوسائل الإعلامية المملوكة للدولة بغرض توجيه الرأي العام لصالح أجندتها التدميرية.
لكن عقب إنهاء حكم الحركة الإسلامية السياسية بعزل عمر البشير عبر انتفاضة شعبية في 11 أبريل/نيسان الماضي، تحولت هذه المراكز وفق مراقبين، إلى مهمة قيادة الثورة المضادة الساعية لإجهاض الحراك الشعبي والعودة مجدداً إلى سدة الحكم.
ويرى خبراء، أن هذه المراكز الإعلامية تقود عملاً مكملاً لأبواق "الكيزان" الأخرى كبعض الصحف والقنوات الفضائية والمحطات الإذاعية التي لا يزال يديرها ويتحكم فيها النظام البائد، حيث كثفت من نشاطها هذه الأيام بعد أن رأت حكومة الثورة ماضية في سبيل الإصلاح واجتثاث الإرهاب من مؤسسات الدولة.
آراء الخبراء بشأن تأثير نشاط أبواق "الكيزان" الإعلامية تباينت، فالبعض يرى أنها تمثل خطراً حقيقياً قد يقوض الحكومة الانتقالية، فيما يقلل آخرون من تأثيرها نسبة لارتفاع حالة الوعي بالشارع السوداني تجاه الحقائق وكراهيته للنظام الإرهابي البائد.
ويطالب المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين، الصحفي صلاح شعيب أحد الذين يقلقهم نشاط الجداد الإلكتروني الإخواني، بضرورة إسكات هذه الأبواق لضمان عبور الفترة الإنتقالية.
وأنحى شعيب باللائمة على الحكومة الانتقالية لعدم تسريع الخطوات لتصفية دولة الإخوان العميقة، وهو ما حفز هذه الواجهات الإعلامية لتكثيف نشاطها المضاد، وفق تقديره.
وقال: "هناك بطء في عملية اجتثاث الكيزان، حيث ما تزال عناصرهم تسيطر على المؤسسات العامة والقطاع الخاص، وينبغي تسريع إجراءات إبعادهم".
من جهته يرى الصحفي السوداني، عبد الواحد إبراهيم أن "الكيزان" يسعون لتكرار سيناريو جربوه في عهد سابق لاستلائهم على الحكم، عندما عملوا على تخريب الديمقراطية الثالثة في ثمانينات القرن الماضي، عن طريق ممارسات إعلامية غير أخلاقية ولا علاقة لها بالمهنة، لكنهم سيفشلون هذه المرة.
وقال إبراهيم: المراكز "الكيزانية" التي تنشط في أعمال الثورة المضادة حالياً هي أمنية ومخابراتية بحتة كانت تتولى في السابق مهمة هدم أي نشاط معارض، ووأد مطالب التغيير والتحول الديمقراطي، بينما تسعى الآن لإحداث اهتزاز في الحكومة الانتقالية والتشويش على عملها".
وأضاف "في تقديري هذه محاولات يائسة من الكيزان وسيكون مصيرها الفشل في ضرب مشروعية الثورة التي يسندها وعي الجماهير".
وشدد إبراهيم على أن جماعة "الكيزان" استنفدت كافة الخطط والحيل، حيث جربت خلال حكمها للسودان على مدار 30 عاماً المتاجرة بالدين مرة أو بالشعارات الوطنية، وتارة بالمؤسسة العسكرية، فكافة شعاراتهم أصبحت خاسرة ولن تنفعهم للدخول إلى عالم المستقبل السياسي في السودان.
العين الإخبارية الوسوم الحكومة المدنية السودان المجلس السيادي حمدوك