حين تقرأ سيرة السياسي السوداني ذائع الصيت المثير للجدل ياسر سعيد عرمان فستجد نفسك متتبعاً لخيوط رحلاته نحو العاصمة الخرطوم ذهاباً وعودة الرجل المولود في حلة سعيد على مقربة من طابت بولاية الجزيرة في الخامس من أكتوبر للعام 1961، ارتبط وجوده في عاصمة البلاد في مطلع ثمانينيات القرن الماضي حيث التحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة فرع الخرطوم قبل أن يغادرها في العام 1987 مطارداً باتهامات الإسلاميين في التسبب في اغتيال بلل والأقرع في أحداث عنف شهدتها الجامعة وقتها. حسناً.. صباح الأمس يعلن الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية التي يتزعمها مالك عقار بدر الدين موسى. وصول وفد من قياداتها إلى الخرطوم اليوم الاثنين يقوده نائب رئيس الحركة ياسر عرمان بغية المساهمة في دعم مسارات الثورة والانتقال الديمقراطي في البلاد. تعلم عرمان السياسة في وقت باكر حين أعلن انضمامه للجبهة الديمقراطية الفصيل الطلابي بينما تعلم حمل السلاح في صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان وكان من أوائل الشماليين الذين أعلنوا انخراطهم في مشروعها للكفاح المسلح وهو الأمر الذي ساهم في المقابل في أن يصعد عرمان سريعاً في صفوفها إلى أن وصل مرتبة الناطق الرسمي باسمها قبل أن يصبح نائب الأمين العام لقطاع الشمال وصعد لاحقاً ليكون الأمين العام في قطاع الشمال المؤمن منسوبوه بضرورة انتصار مشروع السودان الجديد وكانت الثقة التي أولاها له قائد الحركة الراحل جون قرنق دي مابيور قد ساهمت في صعوده المتتالي في مستوياتها القيادية. يبدو عرمان سعيد حين مناداته بلقب ابن قرنق وهو مصطلح وجد له رواجاً في أعقاب الرحيل الدراماتيكي للقائد السوداني عقب عشرين يوماً من توقيعه التاريخي على اتفاقية السلام بضاحية نيفاشا الكينية وجلوسه في مقعد النائب الأول لرئيس الجمهورية المخلوع عمر البشير. ينتمي ياسر سعيد عرمان إلى طينة السياسيين الذين ولدوا من رحم النقاشات والسجالات بين التيارات الطلابية في الجامعات، وسطع نجمهم قبل مغادرتهم أسوار الكليات ومدرجاتها. فعرمان عرفته ساحات جامعة القاهرة- فرع الخرطوم منافحا قويا عن أفكار وتوجهات الحزب الشيوعي الذي كان من قيادات تنظيمه الطلابي المعروف بالجبهة الديمقراطية حتى تخرجه في كلية الحقوق عام 1986. وهي الانطلاقة التي جعلت منه نجماً في الساحة السياسية السودانية التي لم تكن تعرف نجوماً خارج سياقها التقليدي المرتبط بالحزبين الكبيرين ولحد ما بالحركتين الإسلامية والشيوعية. حسناً.. سيهبط المؤمن بخيار وحدة السودان والمتزوج من ابنة سلطان دينكا نقوك في أبيي المتنازع عليها دينق مجوك إلى الخرطوم.. هبوط سيكون هذه المرة بعد غياب لنصف عام حيث كان قد غادرها في مايو الماضي مكبلاً بالقيود بواسطة المجلس العسكري الانتقالي وفقاً لما تم تداوله عقب وصوله بعد نجاح الثورة في الإطاحة بنظام غريمه التقليدي عمر البشير في الحادي عشر من أبريل، لكن العودة الأخيرة للخرطوم بدا وكأن عرمان قد فقد فيها الكثير من تأثيراته كشخصية على المشهد السياسي كأحد تداعيات الثورة التي صنعت نجومها وأبطالها في ميادين مواجهتها وميادين اعتصامها.. الميدان الذي دخله عرمان من دون هالة تذكر، فقط باعتباره واحداً من الناس.. وهي ذات المدينة التي سيهبط فيها اليوم وحتماً سيجدها خرطوماً مختلفة عن التي انتظره اهلها في العام 2005 وهو محمول فوق اتفاقية نيفاشا الخرطوم التي لم تعد هي نفسها المدينة التي تنتظر عرمان كفارس بعد أن خذلها ذات مطالبة لأهلها بالأمل والتغيير عند العام 2010 بعد أن تم سحبه من مضمار التنافس الانتخابي. الخامس من اكتوبر للعام 1961: ميلاده بحلة سعيد بالقرب من طابت الجزيرة.. مطلع الثمانينيات: الالتحاق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم والانضمام للجبهة الديمقراطية الفصيل الطلابي للحزب الشيوعي. 1987: مغادرة الخرطوم من أجل الالتحاق بصفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان. 1993: الالتحاق بمكاتب الحركة في أريتريا ومذيعاً بالقسم العربي لإذاعتها بإثيوبيا. الالتحاق بعضوية وفد التفاوض للحركة الشعبية مع حكومة الخرطوم. يوليو 2005: عودته إلى الخرطوم على رأس وفد المقدمة للحركة الشعبية بعد اتفاقية نيفاشا. رئاسة كتلة الحركة الشعبية في برلمان الفترة الانتقالية. 2009: اعتقاله على خلفية مظاهرة تطالب باجازة القوانين. يناير 2010: الحركة الشعبية ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية في مواجهة البشير. يناير فبراير مارس: قيادة حملة الترشيح تحت شعار (الأمل والتغيير). أبريل 2010: المكتب السياسي للحركة يسحب عرمان من الانتخابات. 2011: عرمان يغادر الخرطوم بعد تجدد الحرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان. 2012: شغل منصب رئيس وفد التفاوض مع الحكومة. 2014: محكمة سودانية تصدر حكماً بالإعدام عليه وقيادات من الحركة الشعبية. يونيو 2017: مجلس التحرير بجبال النوبة يفصل عرمان من منصب الأمين العام للحركة. أكتوبر 2017: عرمان يصدر رؤية تجديدية لمشروع السودان الجديد. اختياره نائبا لرئيس الحركة في جناح مالك عقار. 2018: انطلاق الثورة اللشعبية لإسقاط البشير في السودان. أبريل 2019: عرمان يزور الإمارات. مايو 2019: عرمان يعود للخرطوم على رأس وفد من حركته. يونيو 2019: سلطات المجلس العسكري تصدر قراراً بإبعاده من الخرطوم. ديسمبر 2019: العودة مرة أخرى. اليوم التالي