تاريخ طويل ملئ بالصعود والهبوط جمع كلا من الرئيسين موسفني وكاغامي، يعود هذا التاريخ الى ايام الكفاح المسلح ضد حكم الرئيس ميلتون أوبوتي في جمهورية أوغندا، حيث شارك عدد كبير من اللاجئين الروانديين وبينهم بول كاغامي في جيش المقاومة الوطني (الأوغندية NRA) المتمرد الذي نجح في الاطاحة بحكم الرئيس ميلتون أوبوتي وقاد موسفني إلى سدة الحكم في العام 1986. ابان تولى موسفني السلطة عين كاغامي قائما بأعمال رئيس المخابرات العسكرية الأوغندا، حتى قرر الأخير تشكيل جبهة مع قادة من التوتسي المهجرين في اوغندا حملت اسم الجبهة الوطنية الرواندية والتي رفعت شعار تحرير الوطن الأم، دعمت الحكومة الأوغندية بقيادة موسفني الجبهة حتى تمكنت في 1994 من السيطرة على جميع الأراضي الرواندية بقيادة بول كاغامي. خاض الرئيسين حرب الكونغو الأولى في 1996 وتمكنا من الإطاحة بالرئيس الكونغولي موبوتو سيسي سيكو ودعم منافسه لوران كابيلا لتقلد زمام السلطة، علاقة الصداقة لم تدم طويلا بسبب التنافس على السيطرة على مدينة كيسنغاني الغنية بالألماس، مما قادة جيشي البلدين لمواجه شرسة خلال حرب الكونغو الثانية (1998-2003)، وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، أدت سلسلة من الاشتباكات المدمرة بين القوات الأوغندية والرواندية إلى مقتل 1400 مدني كونغولي، وكاد القتال في الكونغو أن يتحول إلى حرب شاملة على الحدود المشتركة بين أوغندا ورواندا في عام 2001، مما اضطر بريطانيا للتدخل حيث جمعت طرفي النزاع في سلسلة من المحادثات أدت لإيقاف الحرب ولكن لم تصلح العلاقات السياسية حيث استمرت المشاحنات والمشادات تتجدد بين الفترة والأخرى. انطبقت مقولة الزمان يداوي الجراح على حالة العلاقات الأوغندية الرواندية حيث مع مرور الوقت تصالح البلدان تدريجيا وذلك بفضل الجهود الدبلوماسية التي قام بها سفير اوغندا المخضرم ريتشارد كابونيرو، الذي تم تعيينه سفيراً لأوغندا لدى رواندا في عام 2006، حيث لعبة دورا كبيرا في إعادة العلاقات الى مجاريها، وبحلول عام 2011 ، وصلت العلاقات أوج ازدهار حيث قام زعماء البلدين بتبادل الزيارات والهدايا حيث تبرع موسيفيني بمبلغ 200000 دولار لمشروع مدرسي في رواندا، وقام الزعيمان بإهداء الماشية لبعضهما البعض، كما منح موسيفيني كاغامي ثلاثة من أفضل الأوسمة الوطنية الأوغندية في عام 2012. لكن سرعان ما توترت العلاقات مرة أخرى، بسبب الحرب الاهلية التي اندلعت في بوروندي ابان انتخاب 2015 والتي أدت الى نزوح عشرات الآلاف من البوروندين تجاه رواندا، تباينت مواقف البلدين إزاء القضية البوروندي حيث دعمت أوغندا الرئيس البوروندي بيير نكورونزيزا، وتهمتا رواندا بتسليح ودعم المتمردين البورونديين، ووفقت رواندا على النقيض من ذلك واتهمت البلدان بمحاول زعزعة أمن واستقرار رواندا من خلال دعم وتسليح ميليشيات الهوتو المعادية للنظام الرواندي. تحولت المشادات السياسية إلى سيل من الاتهامات، حيث اتهمت رواندا موسيفيني بدعم الحركات المناهضة للنظام الرواندي أمثال، المؤتمر الوطني الرواندي (RNC)، وهي جماعة مناهضة لكاغامي تتألف من شخصيات حكومية سابقة، والقوات الديمقراطية لتحرير رواندا (FDLR)، وهي مجموعة من الهوتو ذات طموحات المناهضة للتوتسي التي تنشط من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تزعم كيغالي أن كمبالا ساعدت شخصيات بارزة في المؤتمر الوطني الرواندية أمثال، كايومبا نيامواسا وباتريك كاريجيا على الفرار إلى جنوب إفريقيا وتواصل السماح لكبار ممول المجموعة تريبرت روجيرو بالعمل من اراضيها. كما اتهمت وزير الشؤون الإقليمية الأوغندي، فيليمون ماتيكي، بتنظيم اجتماع للحركة الوطنية الكونغولية – القوات الديمقراطية لتحرير رواندا في أحد فنادق كمبالا في ديسمبر 2018 ودعم مجموعة تسمى RUD-Urunana في تنفيذ هجوم على الأراضي الرواندية، ولكن الوزير نفى مرارا تلك المزاعم. في ذات السياق، اتهمت أوغندا رواندا بإيواء منشقين من الجيش الأوغندي، وزرع خلايا تجسسيه في أوغندا، كردة فعل على هذه الاتهامات قام النظام الأوغندي في عام 2017 بتنفيذ عملية استخبارات مضادة اعتقل على إثرها ضباط كبار في الأمن الأوغندي، بمن فيهم رئيس الشرطة السابق الجنرال كالي كاييهورا، والذي كان يتمتع بنفوذ كبير ووجهت إليه تهمة المساعدة والتحريض على الإعادة القسرية للمواطنين الروانديين مع تسعة آخرين، وقُبض سراً على عدة عملاء آخرين زُعم أنهم يعملوا نيابة عن المخابرات الرواندية، وقد اتُهموا بأنهم أعضاء في شبكة من الخلايا النائمة تقوم بمهام سرية ومراقبة واختطاف واغتيال المعارضين السياسيين. قاد هذا التعارض في المصالح والسياسات الخارجية الى مزيد من التوتر وصل حد إغلاق الحدود في عام 2019، بالإضافة إلى سيل من الاتهامات والملسنات بين الرئيسين، تضررت على إثرها المصالح الاقتصادية وحيث أثرت مباشر على صغار التجار الذين يعملون على طول الحدود بين البلدين، وأوقفت رواندا حركة التجارة وأصدرت منشورات تحث فيها مواطنيها بعدم الذهاب إلى أوغندا نظرا لخطورة الوضع، في المقابل قامت الحكومة الأوغندية باعتقال عدد من المواطنين الروانديين لديها متعللة بمخالفتهم للقوانين. هذا التوتر أثارت موجة قلق إقليمية، تشكلت على اثرها وساطة رباعية اتخذت من العاصمة الانغولية (لواندا) مقرا لها، حيث اجتمع الرئيسان بول كاغامي و الأوغندي يوري موسفيني في أغسطس 2019، ووقعا على مذكرة تفاهم لإعادة تطبيع العلاقات وحل الخلافات بين الجانين ونزع أسباب التوترات، وجرت مراسم التوقيع على هذا التفاهم في العاصمة الأنغولية (لواندا) بمشاركة زعماء دول الجوار، حيث ركزت القمة الرباعية على تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات الأمن والسلم، التي شارك فيها كل من الرئيس الانغولي خواو لورينكو، ورئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، والرواندي بول كاغامي، و الأوغندي يوري موسيفيني. في فبراير 2020 اجتمع قادة البلدين بالإضافة الى قادة كل من الكونغو وانغولا في مدينة جاتونا / كاتونا الحدودية، حيث أحدثت القمة تقدم كبير بعد التزام أوغندا بمعالجة بعض القضايا لاسيما المتعلقة بوقف جميع أنشطة الدعم للجماعات المسلحة الرواندية التي تنشط في أوغندا، والإفراج عن الروانديين المحتجزين بشكل غير قانوني في أوغندا. في المقابل قامت رواندا بإسقاط التهم عن 17 أوغنديًا كانوا يواجهون عدة قضايا في رواندا، إلى جانب 3 آخرين أكملوا عقوبتهم، وتم ترحيلهم. كان من المتوقع أن تكون قمة غوما المؤجلة، التي كان من المقرر أن تجمع ممثلين من جمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا وبورونديوأوغندا ورواندا في سبتمبر بدعوة من الرئيس فيليكس تشيسكيدي، إلى أجل غير مسمى، بادرة لجمع شمل الفرقاء في شرق أفريقيا، لاسيما في الوقت الذي تشهده علاقات البلدان الاربعة من تهور وصل حد القطيعة الدبلوماسية والسياسية في بعض الأحيان. ايضا هي فرصة لإبداء حسن النوايا بين الفرقاء ومناقشة التحديات التي تقف أمام التقارب السياسي والأمني والاقتصادي، خصوصا في ظل وجود عداء واضح بين الرئيس كاغامي والرئيس موسيفيني من جهة، وهي سانحة جيدة للرئيس البوروندي الجديد إيفاريست نداييشيمي لتقديم نواياه ورؤيته في كيفية حلحلة القضايا العالقة وسبل تطوير العلاقات الثنائية. بعض أطراف القمة طلبت التأجيل بسبب الظروف الصحية المتعلقة بفيروس كوفيد-19 المستجد، ولم يتم تحديد وقت آخر حتى اللحظة.