استفزني كثيرا مقال الزميل ابراهيم بقال سراج الذي احترمه كثيرا بسبب أنه لم يغيّر مبدأه ككثيرين من بني انتمائه رغم اختلافنا معه ، وظل يدافع عن قناعاته بكل بسالة منذ مايقرب العقدين عبر سودانيز اونلاين وغيره من منصات التواصل التي جمعتنا لفترة طويله ، وظل يتحمل كل مناكفاتنا وهجومنا الكاسح عليه ويرد بكل أدب ومهنية لم يفسد فيها اختلاف القناعات السياسية ودا . ما استفزني في مقاله هو ذلك التمييز الذي قابله به جند القوات المسلحة والدعم السريع وجاوزوه كل الصفوف لتعبئة سيارته بالوقود عندما قال لهم أنه ( كوز ) بحسب ما كتب ، والمقال يؤكد بوضوح انتماء المكونين العسكري ومليشيا الدعم السريع للكيزان ، وهو مايحاول قائداهم المتربعان علي رئاسة الدولة نفيه للدرجة التي صدق فيهما أن كثرة النفي ضرب قوي من ضروب التأكيد ، فثورتنا التي دفع فيها أبناءنا أرواحهم سرقها المكونين ومعهما عدد كبير من المدنيين ، والغريب في الأمر أنهم لازالوا يحاولون إقناعنا بأن رئيس جهاز الأمن الكيزاني قوش هو صاحب القدح المعلي في نجاحها بالرغم من العنف اللامسبوق الذي استخدمته الأجهزة الأمنية والعسكرية عبثا لوأدها . ولم يسلم الثوار الذين قدموا لسارقي ثورتهم الحكم في طبق من ذهب ، ولكنهم ما أن جلسوا علي كراسيه الوثيرة حتي عمدوا لإقصائهم بل والتعامل معهم بعنف أكثر إفراطا في كل حركة احتجاج ، وظلوا ينفقون الوعود الكاذبة والأمال التخديرية والكلام المعسول الذي يتقاطع تماما مع أفعالهم . حكومة البشير لم تسقط بعد طالما حكامنا الحاليين موجودين علي قمة هرم السلطة وطالما أضحت كلمة كوز مفتاحا لتجاوز صفوف الوقود والرغيف ، وعلي الشباب اليافعين الذين قدموا رغم سطوة وبطش العسكر ، العديد من المواقف البطولية في الحتانة وجسر المنشية ومليونيات عديدة هادرة ، أن يهبوا من جديد لنصرة دماء إخوتهم الذين رصفوا طريقا حاول سارقوا ثورتهم إعطابه . وما يستفزنا أكثر خروج قائد أركان الجيش علي شاشات التلفزة ممتدحا الوفد العسكري لجارتنا الشمالية بالرغم من احتلالها جزءا عزيزا من أرضنا وتعديها المستمر علي معدّنينا بل وعلي الأسر والأطفال الذين لجأوا إليها طلبا لعبور أو علاج ، وبرغم إعلامها الذي أجاز لسفهائه رشق بلادنا وأهلنا باستمرار ، فالخنوع غير المبرر لعدد من المحاور يجعلنا دائما نضرب خمسا بخمس ونوسع سبابتنا عضّا . لم تسقط بعد ، ولكن وقت السقوط قد اقترب لو لم يصبأ ساستنا ويعودوا لسودانيتهم الثائرة ، وغدا لناظره قريب