ومن منا لم تخيفه الكورونا؟ ومن منا لم يرعبه هذا الوباء ؟ فجميعنا ما زال خائفا يترقب وحتى الآن . رغم أن هذه المصيبة هي مجرد مخلوق صغير جدا لا يرى بالعين المجردة وان اجبر نصف سكان الأرض على البقاء في منازلهم. فمازالت فرائصنا وحتي هذه اللحظة ترتعد أن دخلنا اسواقا مكتظة أو ركبنا مواصلات أو حتى أردنا الصلاة في مسجد . وكدي زول يكح جنبك أو يعطس فقد تراودك الوساوس والتفكير في كل حين وكأن الرزاز قد قفز الي خياشيمك . والسبب هو ذلك الإعلام العالمي الذي ظل يبث الرعب في كل النفوس ناقلا لنا كل لحظة أخبار ضحايا الكورونا وفتكه بالناس دون رحمة وفي كل مكان في العالم. والقلق ان العالم وحتي يومنا حائرا مع هذا الوباء الخطير الذي لا يرحم غنيا ولا فقيرا. فلا مصل في الطريق ولا خلاص من هذا الضيق. فالخبراء يقولون ان الوباء قد بدأ يتشكل في موجات متتالية أولى و ثانية وثالثة. وهناك توقعات أخرى تشير إلى أن الموجة الأولى لهذا المرض ستتراجع بعد حين،وهو سيناريو مشابه لما حصل لوباء الإنفلونزا الإسبانية خلال عامي 1918 – 1919،وقال بعضهم ان الكورونا قد تصيب نحو 70 بالمئة من سكان الأرض. وعلى كل حال لا مفر لنا من قضاء الله وقدره. وحتي نخفف على أنفسنا قليلا دعونا نبين بعض سلبيات وايجابيات هذه الوباء اللعين حتى نتقي شره وننهل من خيره . فمن أكبر سلبياته انه قضى على أكثر من مائتين الف انسان على هذه البسيطة. كذلك أضر بالتعليم و إصاب الناس بذعر وعزلة وتكاسل وسمنة وافتقاد للروح التنافسية في الاسواق ونشر الخمول ودهور الاقتصاد ودمر الأسواق واضر بالفقراء . اما إيجابياته فهي عديدة ايضا فلقد زاد اهتمام الانسان بالنظافة الشخصية و الصحة العامة. وعزز التضامن الإنساني وفعل الحياة الأسرية وسرع التحول الرقمي في التعاملات النقدية إضافة إلى تنقيتة للبيئة العامة ونمي الهوايات ورغب الناس في الرياضة. كذلك من إيجابياته الكبيرة إجباره للمنظومات الصحية بدعم بنياتها بتعزيز المستشفيات وطواقمها الطبية. اما ان سألتني عن حال الكورونا في السودان فهو مغاير بطريقة كبيرة. وحتي الآن لم يستشعر السودانيون خطورة هذا الوباء اللعين . فحركة الأسواق باقية كما هي. ومواقف المواصلات كما هي وحال الباعة المتجولين ومن يفترشون الأرض وصرخاتهم كما هي. ومازالت المناسبات و الأفراح قائمة كما هي. ولم ينقطع الناس عن المصافحة بالايدي. ولا التزام بالتباعد ولبس الكمامات. ويا ويلك ان رفضت مصافحة شخص قد مد إليك يده للسلام أو لم تحتضنه بحرارة. فقد يعتبرك قد اهنته إهانات كبيرة. وان كان هناك القليل من الالتزام في صفوف المستنيرين تعبيرات و حركات جسدية كضم الكف مفتوحا الى الصدر او ضم الكفين والايماءة بالرأس. كما ظهر نوع ثالث في اوساط بعضهم كالسلام بالكوع وان كانت كلها غير مرضية في مجتمعنا السوداني الذي تعود على عادات بعينها طوال حياته. وفي النهاية تهمنا صحه اهلنا في السودان. وان كنا نحمد الله كثيرا على قلة الإصابات بهذا الوباء . فهي منخفضة جدا مقارنة بالعالم من حولنا. ولكن يجب الحذر . فالارقام التي نسمع بها في دول كثيرة هي أرقام مخيفة جدا . ولابد للسودانيين من الاحتراز و التزام التباعد المجتمعي ولبس الكمامات وان كانت قماشية نصنعها في بيوتنا وعدم مصافحة بعضنا البعض حتى تنجلي هذه الغمة ويزول الوباء . فبالامس القريب أصيب السيد الصادق المهدي وعدد كبير من أسرته بهذا الوباء اللعين كذلك أصيب عدد كبير من موظفي الدولة . ومازال المختصون وحتي يومنا يؤكدون أن لا علاج لهذا الوباء الفتاك. ولا أدري لماذا كانت كل تلك الحملة الحمقاء على الدكتور اكرم التوم الذي كان أول المصرحين بعدم وجود علاج لهذا الوباء حين قال : كورونا ليس له علاج . وكل ما يمكن تقديمه للمواطن إذا شعر بضيق تنفس هو دواء البنادول والمحاليل بالإضافة لمضخات الأكسجين، أما إذا تدهورت حالته فسيكون مصيره الموت". وصدق الرجل فما زال هذا الوباء يتبختر بيننا. ومازال البندول هو العلاج والمسكن الحالي والموجود. ومازال الموت هو المصير المحتوم أن تدهورت حال المريض . اللهم ارفع عنا هذا الوباء واحفظنا منه.