(قالو الزول بونسو غرضو) ومن ثم لا أستطيع إلا أن أبدي إعجابي بالسهام التي وجهها وكيل وزارة الثقافة والإعلام الرشيد سعيد إلى مرمى الناشرين وهم حسب قوله في ندوة شبكة الصحافيين أمس الأول يؤجرون أفخم المواقع ويستوردون أحدث أجهزة الكمبيوتر بينما يعتبرون الصحافيين الحلقة الأضعف ويلقون إليهم بالفتات أو كما قال ولو ما عاجبك الباب يفوت جمل وغيرك كايس ما لاقي . ورغم أن منتسبي مهنة الصحافة من يحسبون على المجتمعات المخملية لدرجة أننا (نقشر) بأسمائنا الرنانة ولكن في الحقيقة ف(القبة ما تحتها فكي) ومعظمنا يستعين بالديون ودفتر الجرورة لإكمال الشهر رغم أن معظم الدكاكين في الحي تعلق لافتة كتب عليها (ممنوع الدين ولو بعدين) سبحان من لا ينسانا ولا ينساهم . في هذه المساحة نناقش أوضاع الصحافيين مستندين إلى حديث الحكومة ممثلة في وكيل الثقافة والإعلام لنتعرف على أصل المشكلة ونبحث عن الحلول مع مختلف أطراف القضية . بين الشريف والوضيع الزميلة أماني إسماعيل رسمت هالة جميلة حول الصحافيين ألبست فيها أوضاعهم المزرية بحلة زاهية من العفاف، فقالت (معظم الصحافيين مهنيون لأن الصحافة في النهاية مهنة شريفة وعندها رسالة للمجتمع والصحافيون عينهم مليانة وحاشاهم ما خانوا بلدهم ولا طلبوا حق اللجوء ومشوا كتبوا التقارير المفبركة أو الحقيقية ضد بلدهم وبيعرفوا الفرق بين الوطن والحكومة ورضوا بالقليل والمرتب كان كافيا وما في تضخم وكل الموظفين من وكيل الوزارة للدكتور والمهندس والمعلم دي كانت أوضاعهم المادية، حاليا الوضع اختلف وحدث التضخم وزيادة مرتبات الحكومة وأصبحت مرتبات الصحافيين زي بقية الموظفين الذين لم تتم زيادة مرتباتهم ولذلك كلامه غير موفق . فئات ضعيفة وتقول الزميلة نهى الحكيم : زمان طالبنا بتصنيف الصحافيين من الفئات الضعيفة ويستحقوا الإعانات ، والله أنا بشفق على صحافي يكون فاتح بيت وعندو وليدات خاصة المحررين ، ده إلا يبيع قلمو وذمتو وحاشاهم فمعظمهم شريف والخالق رازق . يستاهلو (البنغالة) الزميل الهميم عبد الرازق لم يحاول أن يخفي شماتته في الصحافيين فقال ل(الإنتباهة) (الصحافيين يستاهلو لأنهم شغالين بنغالة ). وفسر بأن الصحافي سبب رئيس في أن يكون الحلقة الأضعف، لأنه يقبل العمل بأجر زهيد، ويتساءل :(ما المانع في أن تقيم مقدراتك، وعملك ومجهودك بما يتناسب، لماذا تعمل بأجر زهيد؟) ثم يجيب على سؤاله بنفسه فيقول إن بعضهم يعتقد أنه إذا رفض ستضيع عليه فرصة العمل، وهذا لا يؤمن بأن الأرزاق بيد الله، وآخر يريد أن يتدرب على العمل خاصة الذين هم في مدخل الخدمة، ويحاول أن يثبت نفسه للمخدم ولكن في النهاية لا يجد الإنصاف إذا نجح . إدارات التحرير متواطئة ويتهم الهميم الناشرين بالتعاون مع إدارات التحرير بأنهم يستغلون هذه الظروف، والصحافي بعدها لا يستطيع أن يطالب بزيادة راتبه ، ومتى ما امتلك الشجاعة وطالب بحقوقه، سيتم فصله عن العمل، ويفترض الهميم أن يكون الصحافي قوياً في المطالبة بحقوقه إن أراد وإلا سيظل هو الحلقة الأضعف على الدوام ولا ينتظر أحدا ليساعده أو يأخذ له حقه، لأنه عندما يتعاقد يفعل ذلك بكامل إرادته وعليه أن يعلم أن الفرص متوفرة وليس بالضرورة أن تكون الصحافة هي مصدر رزقه الوحيدة، فالصحافة الآن لم تعد مجدية بل هي سبب في فقر الكثيرين ويخاطب الصحافيين بقوله :(أنت كصحافي مهما كانت حاجتك للعمل لا تجعل ذلك ينتقص من قدرك، وعلى إدارات الصحف التحريرية أن تكون حريصة على تقييم منسوبيها بما لا ينتقص منهم). نقلنا اتهام الهميم لمدير تحرير الزميلة (الصيحة) أبو عبيدة عبدالله كممثل لإدارات التحرير المتهمة فدحض الاتهام بقوله :(أنا مع الصحافيين طبعا ويستحيل ان أقف مع الإدارة أو الناشرين ، أنا موقفي كصحافي وليس كإداري حتى لو أصبحت رئيس تحرير ولدي أسهم في الصحيفة ودائما أطالب بحقوق الصحافيين). سألت أبو عبيدة :(إذن أنت ترى الأجور الحالية مقنعة مع الظروف الاقتصادية الحالية وفاجعة رفع الدعم )؟ فأجاب (مؤسفة جدا ، نحن في الصيحة الآن تقدمنا بمقترح لزيادة الأجور وقد وعدتنا الإدارة خيرا حتى نهاية السنة في الميزانية الجديدة ستعدل الأجور لتتوافق مع الوضع الاقتصادي والتضخم الحاصل في البلد .). وإن سلمنا بحديث أبو عبيدة فالتعديلات دائما تكون مؤسفة أيضا لا تسمن ولا تغني من جوع ولكن أبوعبيدة يرى أن التعديلات في السنوات الماضية قد تكون مقبولة أحيانا وغير مقبولة في أحيان أخرى ولكن التضخم الحاصل اليوم يتطلب أن تكون الزيادات مقنعة وإلا فإن عددا كبيرا من الصحافيين سيهجرون المهنة إلى مهن أخرى كما فعل بعض الزملاء . لا أبرئ نفسي الزميل عبد الماجد عبد الحميد يرتدي طاقية الصحافي وطاقية الناشر أيضا ومن ثم كان من المناسب أن يدلي بدلوه في هذا التحقيق وبعد الاتصال به أجاب بقوله :( لا أجد عذرا لناشر يهتم بتأسيس الصحيفة ولا يهتم بالصحافيين ولا أبرئ نفسي كناشر من هذا الاتهام لأن الصحافي هو الذي يصنع الصحيفة ولأن القارئ لا يهتم بمقر الصحيفة ولكن يهتم بالمادة التي يصنعها الصحافيون وهناك ناشرون جعلوا مواقع صحفهم كالفنادق ولكنهم لا يهتمون بتوفيق أوضاع الصحافيين المادية بذات القدر، لذلك حتى مجلس الصحافة لم يضع شروطا معينة لهيئة مقر الصحيفة سوى أن تكون بيئته مناسبة للعمل بينما وضع لائحة لأجور الصحافيين تتضمن الحد الأدنى، ولكن للأسف الناشرين لم يهتموا بتنفيذها ولم يفلح الصحافيون في إلزامهم بها كما لم يفلحوا في جلب استثمار ضخم للصحافة وعوضا عن ذلك يقبلون بالعمل بأقل الأجور ). وعلى عبد الماجد نرد بقولنا إن رأس المال جبان كما يقول وحتى رؤوس الأموال الضخمة التي استقطبت للاستثمار في الصحافة لا يقبل أصحابها الخسارة لأنهم يتعاملون مع المهنة كتجارة وليس رسالة ومن ثم يفرحون بالغرامات الإدارية على الصحافيين وتسجيل الحضور والغياب ويقلبون ظهر المجن لكشوفات زيادة المرتبات دون مراعاة للظروف الاقتصادية العامة التي دائما (تطلع من حفرة تقع في دحديرة ) . أنا برئ ناشر الزميلة (السوداني الدولية) محجوب عروة قال ل(الإنتباهة) (اتفق مع الرشيد سعيد في حديثه حول عدم اهتمام الناشرين بالصحافيين وعلى مستواي الشخصي فأنا متهم من قبل الناشرين بتدليل الصحافيين والاهتمام بهم ورغم الظروف الصعبة التي مررت بها ، وفيما يتعلق بعدم تقديم الناشرين لمقترحات لمعالجة قضايا الصحف خاصة بعد جائحة كورونا فهو قصور من لجنة الناشرين التي اتفق عليها) وعلق عروة أن الصحف الآن تواجه خسارات مالية ضخمة جدا لدرجة خروج بعضها من السوق وتوقف بعضها عن الصدور لارتفاع تكلفة الطباعة والصدارة وما يترتب عليها وهذا يحتاج لتصور جديد من الناشرين، وأكد أنه في تفكير عميق لتجاوز هذه الأزمة لمصلحة الصحافيين وتعديل وضعهم أسوة بالمهن الأخرى. إيه فائدة دموعك؟ أما الأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات عبد العظيم عوض فيقر بأن الصحافيين مظلومون (دي ما دايرة ليها اتنين تلاتة ) وللأسف غياب اتحاد وغياب أي منظمة جادة تتبنى قضايا الصحافيين زاد الطين بلة، ويتأسف عبد العظيم على أن الناشرين يتعاملون مع الكتاب أفضل من الصحافيين رغم أن الصحافي هو الذي يصنع الصحيفة ولولاه لما كانت الصحيفة موجودة لأن الكتاب يكتبون من الخبر الذي يكتبه الصحافي، ويردف عبد العظيم (نحن عملنا لائحة أجور وهذه اللائحة حتى الآن تعتبر نافذة لأنها أسست بقانون 2009 وهذا القانون نافذ حتى الآن لكن للأسف الشديد مجلس الصحافة الذي كان متبنيا هذه القضية مجمد الآن ، فلا يوجد مجلس بمعنى مجلس فيه أعضاء يجتمعون ويقررون ، حتى موظفي الأمانة العامة وهم الآن مضربون وقد نفذوا وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء وإذا كانوا مظلومين فكيف يدافعون عن الصحافيين ؟) ، وحسب عبد العظيم فمن الواضح أن الحكومة ليس لديها اهتمام بمجلس الصحافة الراعي للصحافيين ، بدليل أنها لم تشكل مجلسا جديدا وبالتالي الصحافيين يعانون و(ماعارفين نفسهم تابعين لمنو) لوزارة الإعلام أم مجلس الوزراء أم مجلس السيادة ؟ بالقانون يتبعون لمجلس لكن تم تتبيعهم بقرار لمجلس الوزراء ولكن للأسف الأمور لا تسير كما ينبغي ، ويردف عبد العظيم (طالما القانون موجود واللائحة المستنبطة من القانون لم تلغ فأنا أنصح الصحافيين بالذهاب لمحكمة العمل للمطالبة بحقوقهم والمسألة ما محتاجة لغلاط كتير). إذن، فالرشيد سعيد نفسه ممثلا للحكومة أسهم بقدر كبيرفي انتهاك حقوق الصحافيين بعدم سعيه للبحث عن بديل أو تكوين مجلس جديد ولم يعط موظفي الأمانة العامة حقوقهم وكان من باب أولى أن يرفع الظلم عن الصحافيين طالما أن بيده القلم بدلا من الدموع التي ذرفها لأجلهم لأن (الدموع مابتأكل عيش)! والناشرون قد استفردوا بالصحافيين . المشكلة في القانون يعلق أبو عبيدة على ذلك بقوله :(إحدى المشاكل توجد في القانون فالصحف تخضع لقانون القطاع الخاص فهل وزارة الثقافة والإعلام أو مجلس الصحافة أو أي جهة أخرى تستطيع إلزام الصحيفة بعمل حد أدنى للأجور وإضافة الزيادة السنوية أم لا ؟ الإجابة لا توجد ،القطاع العام أموره واضحة وهنالك جهة تلزمه وأمواله معروف مصدرها ، إذا جاء ناشر مثلا وقال للصحافيين الصحيفة خسرانة أو لا توجد أرباح كما لا توجد زيادات هذا العام حاتعمل ليهو شنو يعني ؟ ما في جهة بتقول ليهو قفل ، لذلك اعتقد أن المشكلة الوحيدة في القانون واللوائح وحتى اللائحة القديمة لم تكن ملزمة ،والصحافيون كانوا مضطرين للعمل بأي أجر لأن الحياة كانت رخية ولكنهم ليسوا مضطرين الآن لأنهم يجدون أنفسهم يصرفون على الصحيفة بدلا من العكس، لذلك كثير من هذه الصحف قدرت الموقف وبالنسبة لنا في (الصيحة) أصبحنا لا نلزم الصحافيين بالحضور ويعملوا من منازلهم ويرسلوا موادهم بوسائل التواصل الاجتماعي. الانتباهة