هم كثر في بلادنا وقد ظلوا يتزايدون. و في كل مكان وزمان كانوا منتفعون. وفي كل الحكومات كانوا يصفقون. ولكل الأنظمة كانوا مؤيدون. وفي ردهات الانقاذ كانوا يهللون ويكبرون . وكل أهدافهم الأخذ دون العطاء ولا يستحيون. وقد قالوا أن الوصولية اصلا كلمة فرنسية تعني الجري أو العدو للوصول لغاية. كل همهم الترقي في المناصب وبانفسهم لا يستهينون. وهي في النهاية شكل من الأنانية القبيحة في الميدان الوظيفي ولكل المنافع يبيحون. وإن كان كل ذلك على حساب الآخرين. وللأسف فأمثال هؤلاء الشخصيات الكريهه ظلت دوما تظهر من الطيبة القدر الكبير بدرجة تجعلك تثق فيه وبسرعة قلبك يلين. ويقال ان الأسباب التي تجعل من الإنسان وصوليًّا متسلقا هي تلك التجارب المحبطة التي حدثت له في طفولته مثل القلق والخوف والحرمان من عطف الوالدين. و الوصولية تملق ونفاق وقد وصفهم القرآن و خصص لهم سورة ( المنافقون) . والوصولية اخوتي مرض خطير ومدمر للدول والمجتمعات إلى يوم الدين. . وكم من أمثلة وصوليه بامتياز نراهم ماثلون في حياتنا السياسية وقد صدق فيهم قول الشاعر : أعلمه الرماية كل يوم *** فلما اشتد ساعده رماني وكم علمته نظم القوافي *** فلما قال قافية هجاني. واذكر انه وحين كانت الضغوط الأمريكية على النظام البائد تخلص المخلوع من جميع الإسلاميين. واستعان بالكثير من الوصوليون والمتسلقين . وَان كان جميعهم مخادعين. ولعلنا اليوم امام وصولية جديدة تتمثل في بعض العسكر وبعض المدنيين. فكم نجدهم يدعون طهرا و لثورة ديسمبر نجدهم يتغنون. رغم أنهم كانوا وحتي مليونية 30 يونيو 2019 للنظام السابق يناصرون . ولعل أقرب مثال ادعاء بعض منسوبي المؤتمر الشعبي وذ النون وبعض الناشطين انهم من فجر ثورة ديسمبر وأنهم كانوا في ساحة الاعتصام من الحاضرين. وان كانت لبعضهم يد في فض الاعتصام وللثوار كانوا باسم كتائبهم الظلية والشعبية يقتلون. وهم كالشعراء في كل واد يهيمون. وهم يقولون في الإعلام ما لا يفقهون الوصولي شر مستطير يجب التخلص منه لو تعلمون. وفي التاريخ لنا أمثلة كثيرة للوصولي المتسلق وقد كان احدهم في عهد العباسيين. وكان يسمي أبو دلامة الأسدي وقد كان مولدا وحبشيا. ويروى انه كان مولا لبنى أسد . وقد شهد الرجل بعضا من عصر الدولة الأموية التي لم يكن له فيها نباهة ذكر. حيث لم يكن للموالي مكانة عند الأمويين. فلما جاءت الدولة العباسية انضمّ إليها وصار من رجال المنصور خليفة العباسيين. ويبدو أن صيته بدأ في الانتشار بالتزامن مع صعود أبي جعفر المنصور الذي اتخذه من ضمن حاشيته. فعلا شأن الرجل لفصاحته وبلاغته وتسلقه كالمنافقين. وأصبح بين عشية وضحاها ممن يشار إليهم بالبنان حتى سمى "بهلوان" الخليفة . و ذات يوم قال له الخليفة سلني حاجتك . فقال له أبو دلامة "أريد كلب صيد" فقال الخليفة أعطوه إياه، فقال أبو دلامة وأريد دابة أتصيد عليها. فقال الخليفة أعطوه إياها. فقال أبو دلامة وغلاماً يقود الكلب ويصيد به. فقال الخليفة أعطوه غلاماً. قال وجارية تصلح الصيد وتطعمنا منه. فأمر الخليفة له بجارية. فقال أبو دلامة هؤلاء يا أمير المؤمنين عبيدك فلا بد لهم من دار يسكنونها . فقال الخليفة أعطوه دارا تجمعهم. فقال أبو دلامة وإن لم يكن لهم ضيعة فمن أين يعيشون. فقال الخليفة قد أقطعتك عشر ضياع عامرة . وهكذا استغل أبو دلامة الموقف لصالحه أفضل استغلال حتى سمى بقناص الفرص . وهكذا استطاع أبو دلامة أن ينتزع من الخليفة مايريد بحلو لسانه وتزلفه له وهكذا هم المتسلقون . ولم يكن " أبو دلامة " ذلك الفصيح البليغ المتسلق يجد حرجا فى ذم نفسه إن اضطر لذلك للهروب من بعض المواقف . فقد دخل مرة على الخليفة المهدي وعنده أكابر رجال الدولة والأسرة العباسية ، مثل إسماعيل بن على وعيسى بن موسى وغيرهم من بني هاشم، فقال له المهدي " أنا أعطي الله عهدا لئن لم تهج واحدا ممن في البيت لأقطعن لسانك. فنظر إليه القوم. ففهم " ابو دلامة أنه وقع فى مأزق ولابد من تنفيذ أمر الخليفة . قال أبو دلامة فعلمت أنى قد وقعت فى مازق. فلم أر أحدا أحق بالهجاء من نفسي. فقلت : ألا أبلِغْ لديك أبا دلامه .... فلستَ من الكِرامِ ولا كرامه. جمعتَ دمامةً وجمعتَ لؤمًا ... كذاك اللؤمُ تتبعه الدمامة. فإن تكُ قد أصبتَ نعيم دنيا ... فلا تفرح فقد دَنَتِ القيامة. فضحك القوم ولم يبق منهم أحد إلا أجازه . وهكذا لم يستطع " أبو دلامة أن يهجو كبار القوم حتى وإن أمره الخليفة ونجا الرجل. وهجا نفسه وأضحك القوم وانتزع رضاهم عنه . وهكذا المتسلقون يعرفون كيف يحافظون على مصالحهم الحيوية حتى ولو بسب أنفسهم طالما ذلك يرضى أسيادهم ولو لحين.