في عشيّة عزم مَن صنعوا الثورة على الخروج لمواصلتها (وليس الإحتفال بذكراها، لأنّ أوان ذلك لم يحن بعد، حتى تحقيق كامل شعاراتها) خرج علينا المناضل/ معاش عرمان ليندّد بقرارات الكونغرس الأمريكي الرامية إلى ضمان مدنيّة الدولة بنزع صلاحيّات وإمتيازات العسكر السياسيّة والإقتصاديّة التي إستوْلوا عليها إبّان عهدهم السابق والحالي؛ على وجوب خضوع مؤسسة الجيش لسلطة مجلس الوزراء المدني وبُعده عن سلطة القضاء ورسم سياسة الدولة الداخليّة وعلاقاتها الخارجيّة.. أيْ بأن يمارس دوره الطبيعي في دولة مدنيّة بحماية حدود البلاد من العدوان الخارجي سواءً كان بالسمع أو النظر أو التأمّل في خطر المخلوقات الفضائيّة! فالمناضل/ معاش يعلم طبيعة وهويّة مَن كان يحاربهم بالأمس – برهان، كباشي وحميدتي، كما ويعلم علم اليقين بما يخطّطون له اليوم؛ منذ أن فضّوا الإعتصام، مرورا بتمسّكهم بوزراء الدفاع والداخليّة والقضاء والنائب العام، إلى تشكيلهم لمجلس الشركاء.. وقبل قليل (ظُهر اليوم 18 ديسمبر 2020) كان أحد الجنرالات يتوعّد عبر تلفزيون بي بي سي بأن الجيش لن يسكت على الفوضى التي تعمّ البلاد وفشل الحكومة وبأن الجيش سيتدخّل للحسم.. وكمان قال أن مؤسسات الجيش الإستثماريّة كانت موجودة من زمان إلا أن التدهور الإقتصادي لم يكن كما الحال هو الآن! والمناضل/ معاش يعرف أيضاً طبيعة رفاقه من الثوّار/ الكَسَبة الذين إنضمّ إليهم في "مهزلة جوبا" بعد فقدانه الطبيعي لموقعه داخل الحركة الشعبيّة/ الحلو، بعد إنفصال الجنوب، وقبلها حين فقد ظلّ الشهيد/ جون قرنق الذي كان يحتمي به (كانت من كبرى خطايا الشهيد حين حماه) وقت أن كان يتآمر على رفاقه في "الحركة" من الشماليين حسداً وغبنا.. ولنذكّره بأنّ مَن إستُشهد منهم حكوا عن ذلك، وأنّ الأحياء منهم يشهدون.. يبرّر المناضل/ معاش لشجبه تحذير الكونغرس للعسكر بأنّ: (قانون الكونغرس الأمريكي الجديد حول الانتقال الديمقراطي والمحاسبة، يمكن أن يؤدي إلى تعميق الشقة الوطنية بين مؤسسات الحكم الانتقالي وبين المدنيين والعسكريين على وجه التحديد وهي من امهات قضايا التحول والانتقال) بصرف النظر عن ركاكة الصياغة ودغمستها، الشقّة أساسا موجودة بين المدنيين (الثوّار وحكومتهم) والعسكريين الذين هم اللجنة الأمنيّة بتاعة البشير؛ والمطلوب هو أن ينصاع العسكر لشعارات الثورة لا أن يضعوا العراقيل أمامها، والإنتقال الديمقراطي (السلمي) الذي يتحدّث عنه هو مطلب الثورة – إنتقال السلطة من العسكر للمدنيين. وليثبت العسكر وطنيّتهم عليهم أن يقوموا بذلك الواجب. بعدين وضع "مؤسسات الحكم الإنتقالي" في جهة، والمدنيين والعسكريين في جهة مقابلة دي عايزة ليها تركيب فهّامة.. ده ما ياهو ذاتو كلام البرهان عندما يتحدّث عن فشل مؤسسات الحكم وكأنّه خارجٌ عنها يطلّ علينا من السماء. ما علينا، ما يعنينا أنّ المناضل المُتجّهجه عليه أن يُحدّد وجهته، مع خروج الثوّار إلى الشارع لتصحيح مسار الثورة قبل أن تتيه، أم لعب دور الجوديّة بين المتصارعيْن: ما يجينا مرّة يقول لينا (ما حكّ جلدك سوى الجماهير) ومرّة قانون الكونغرس الذي يعمّق الشقّة بينها والعسكر، فيا سيّدي الجماهير لم تخرج إلا لإقتلاعهم. حكمة الجماهير الشعبيّة بتقول: ركّاب سرجين وقّاع، ومسّاك دربين ضهّاب.. أركز.