السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    عبد الله حمدوك.. متلازمة الفشل والعمالة ..!!    بريطانيا .. (سيدى بى سيدو)    كريستيانو يقود النصر لمواجهة الهلال في نهائي الكأس    المربخ يتعادل في أولى تجاربه الإعدادية بالاسماعيلية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأطير سلام جوبا والحرب مع إثيوبيا وأهمية تشكيل المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية
سياقات ومنطلقات سلام جوبا
نشر في الراكوبة يوم 30 - 12 - 2020


حُبابة
ذكرنا في مقالنا رقم (3 – 100) من سلسلة في شأن تعضيد الاقتصاد المدني المتعلق ب "كيفية الانتقال من الكينزية العسكرية إلى الكينزية المدنية"، أنَّنا نحتاج إلى فهم طريق التطور الرأسمالي الذي يتبعُ نموذجاً محدَّداً لتطوير قواه المنتجة وبالتالي المحافظة على البقاء الآني (إشباع الحاجات) والاستراتيجي (استدامة إشباع هذه الحاجات لأكبر فترة ممكنة مع تحقيق أرباح). ويُمكن تلخيص هذا النموذج في الصيغة التالية:- "تناقص الأرباح/الكساد – الحرب – التسوية الاقتصادية الجبرية – تناقص الأرباح/الكساد من ثان – ثم الحرب من جديد، وهكذا دواليك".
وذكرنا أنَّ الحرب الظاهرة في هذا النموذج قد تمَّ الاستعاضة عنها بين الدول الرأسمالية المتقدمة، عقب الحرب العالمية الثانية بالمنافسة الاقتصادية، أي ما يُعرف بالكينزية المدنية. أما المنافسة بين الدول الرأسمالية المتقدمة في الخارج، أي على مسارح دول العالم الثالث، فقد تجنح لإشعال الحروب لتحقيق أهداف اقتصادية – ما يُعرف بالكينزية العسكرية (Cox, in Middleman (ed) 1997).
ولذلك فإنَّ ميل الأرباح للتناقص وميلها للزيادة في هذه الدول المتقدمة قد صارا مؤشرين مهمين في إطار عمل هذا النموذج، خاصةً بعد اكتشاف قوانين تناقص الغلة الصناعي والتجاري والخدمي وغيرها، إلى جوار قانون تناقص الغلة الزراعي المكتَشف منذ عهد الاقتصاديين الكلاسيك.
فمثلاً، مؤشر زيادة الأرباح في إطار دورة الأعمال (Business Cycle) في الدول الرأسمالية المتقدمة، دائماً ما يكون موسِماً لمبارزة الأحزاب السياسية لخدمة شعوبها ومن ثمَّ موسماً لإعلان الانتخابات. في حين أنَّ مؤشر ميل الأرباح للتناقص دائماً ما يتبعه إعلان حرب في دولة ما من دول العالم الثالث، خاصةً تلك الغنية بالموارد. فالرأسمالى الشَّرِه في الدول الغربية المتقدمة من الممكن أن يشعلَ حرباً ضد رأسمالي غربي آخر منافس له على مسرح دول العالم الثالث (التنافس الروسي الأمريكي على موارد السودان الآن)، لمجرد أنَّ أرباحه من المتوقع أنّْ تميل للتناقص بعد حين (كما هو شاخص بسبب جائحة كورونا في الوقت الراهن)؛ وسوف لن تتوقف تلك الحرب إلاَّ إذا أوجد تسوية اقتصادية تُغنيه عنها.
ومن المهم أن نفهم أيضاً أنَّه في هذه الحرب نفسِها لن تلتقي الجيوش الغربية لتتلاحم لتفنِي بعضها البعض كما حدث في الحربين الكونيَّتين الأولى والثانية (لن يتصارع الروس والأمريكان بجيشيهما على أرض السودان)، ولكن قد تنشأ حربٌ بالوكالة (بين دولتين جارتين أو بين أنصار الروس: حميدتي والحركات المسلحة ونخب الجيش أو ما يُسمَّى بمجلس شركاء السلام، ضد أنصار الأمريكان: د. حمدوك والثوار والكوادر الوسيطة في القوات النظامية وتلك المُحالة للمعاش) كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية، الحرب الكورية، حرب فياتنام؛ أو حرب داخلية أخرى (الغرابة ضد الجلابة) كما حدث بالأمس القريب فى السودان والصومال واليمن؛ أو حرب ذكية/بايولوجية تستخدم فيها فايروسات مميتة (أمريكا ضد الصين كما تظهره الاتهامات المتبادلة من حين إلى آخر) كالتي نحن فيها الآن.
ولقد وجدنا أنَّ هذا النموذج يعمل بهذه الكيفية منذ اقتداح الأوروبيين للحروب الدينية في القرن الخامس عشر إلى يوم النَّاس هذا. ولعل مزيج هذا النموذج من الكينزية المدنية والكينزية العسكرية قد تم استخدامه لإعادة صياغة الشعوب وفق الهوى الرأسمالي منذ ذلك التاريخ. وأعظم إفعال لإعادة صياغة العالم فى التاريخ المعاصر وفق الهوى الرأسمالي هو رسملة المعسكر الاشتراكى/الشيوعى؛ حيث ما عاد العالم الآن منقسماً بين دول رأسمالية وأُخرى شيوعية فيما بعد الحرب الباردة (Duffield 2008).
إذاً، نموذج متلازمة رأس المال/الحرب المذكور بعاليه، لم يُستخلص من مفاهيم نظرية أداتية وترف أكاديمى بحت، ولكنه مسنود بمسطورات التاريخ. وللمزيد من التأكيد على ذلك ومن واقع تحليلنا لحروب رأس المال، اتضح لنا "أنَّ الحرب العالمية الأولى سبقها تناقص أرباح/كساد حاد – كما أخبر عنه أوبراين ووِليامز عام 2007 ((O'Brien and Williams 2007 – أدى بدوره لتنافس الدول ألأوربية على المستعمرات واندلاع الحرب العالمية الأولى 1914. وقد وصل العالم بعد تلك الحرب كما هو معلوم إلى تسوية فراساى عام 1919م وإنشاء عصبة الأمم. ثم حلَّ بالعالم بعد تلك التسوية ما يُعرف بالكساد الكبير 1929م، والذى أدى بدوره إلى الحرب العالمية الثانية في العام 1939. وأعقب الحرب العالمية الثانية تسوية بريتون وودس (Bretton – Woods) عام 1945.
ومنذ بريتون وودس، فإنَّ النظام الرأسمالى قد مرَّ بعدة مراحل من الكسادات التي أدَّتْ إلى عدد من الحروب بين الدول الرأسمالية المتقدمة ولكن على مسارح دول العالم الثالث. وآخر هذه الكسادات هو كساد 2008 الذى ظل مستمراً إلى نهاية العام 2019، والذي من أجل تلافيه قامت الحرب بين السعودية وإيران وحلفائهما على مسرح اليمن (أُنظر الرابط أدناه)*، إلاَّ أنَّها لم تقضِ على ذلك الكساد، فكان أن دخل الاقتصاد الرأسمالي في الحروب الأكثر ذكاءاً بدخول جائحة فيروس كورونا على الخط منذ بداية الربع الأول من عام 2020. وهي حرب، رغم برمجتها على الحامض النووي للشعوب، وبالتالي لتقضي على المِلل (ذات الانفجار السكاني) والإثنيات الغير مرغوب فيها وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة الذين يشكلون عبئاً مالياً على حكوماتهم؛ إلاَّ أنَّها أصبحت حرباً شاملةً الآن.
وهكذا يعمل نظام التطور الرأسمالى فى إطار حلقتِهِ المُفرغة: الكساد – الحرب – التسوية – الكساد – الحرب من جديد منذ زمانٍ ليس بالقريب. عليه، يجب الانتباه إلى أنَّه بمقتضى هذه المتلازمة قد لا يكون هناك فكاك من الحروب في طريق التطور الرأسمالي. والعاقل من الحكام فى دول العالم الثالث عموماُ وفي السودان على وجه الخصوص (if any)، هو من يتجاوز الحروب بالدلوف إلى التسويات (إلى الكينزية المدنية) ليُجنِّب شعبه ويلاتها كما كان يفعل الملك عبد الله بن عبد العزيز – أبو مُتْعِب والسلطان قابوس رحمهما الله.
لذلك علينا ألاَّ نكون طرفاً في أيِّ حربٍ داخليةٍ أو في محيط إقليمنا إذا ما استطعنا لذلك سبيلا. فلنا العديد من القضايا المعلقة فيما بيننا ومع بعض الدول المجاورة لنا كإثيوبيا ومصر والسعودية وغيرها، التي يجب أن ننظر في أمرها عبر بوابة الحوار المستفيض الواعي إذا كانت متعلقة بالداخل، وعبر القانون والتحكيم الدوليَيْن والتسويات التي تصب في مصلحة السودان في المقام الأول والأخير. وعلينا ألاَّ نستجيب لأيِّ بادرة حرب من هذه الدول مهما كان من أمر. ويكفينا أن نكون دعاةَ سلامٍ حقيقيٍّ وتسوياتٍ ما بقيت التسوية بديلاً للحرب، بالرغم من أنَّ التسوية أحياناً لا تبعد شبح الحرب، وذلك حينما تكون الحرب سلعة تتحدد بالعرض والطلب والفرصة البديلة كما يقول ميشيل فوكو وهيرشليْفر (Hirshleifer 2001).
سياقات ومنطلقات سلام جوبا
تحدثنا في مقالنا السابق هنا عن الانحرافات التي طالت الثورة بسبب تنازل قوى الحرية والتغيير (خاصة رعاة الهبوط الناعم) في لا ضرورة لِطغمة البرهان الأمنية السفاحة في 11 أبريل 2019، تنازلاً تسبب في فضُّ الاعتصام؛ وفي 17 أغسطس 2019 تنازلت قحت الناعمة تنازلاً تسبب في سرقة أصل الوثيقة الدستورية واستبدالها بأُخرى مشوَّهة جعلت جنرالاً متغطرساً مثل البرهان ينسق فيما بعد مع رؤسائه في دول الجوار ويُطبع مع العدو الاسرائلي بالرغم من امتناع الدولة السودانية (لم تتم الموافقة بثلثي المجلس التشريعي)، وتحت تأثير حالة رهابه من العدالة انتزع ملف السلام من رئيس الحكومة المدنية بالرغم من أنَّه من صميم عمل رئيس الوزراء؛ وفي 2 نوفمبر 2020 تنازلت قحت الناعمة أيضاً تنازلاً يمحو الوثيقة الدستورية على علاتها من الوجود، ويُحيل هياكل السلطة الانتقالية التي يجب أن تنبثق منها إلى عدم، وذلك بالموافقة على إنشاء وزج مجلس شركاء السلام في الوثيقة الدستورية المطموسة بنودها من قبل دون موافقة ثلثي المجلس التشريعي.
وعند هذه النقطة تحديداً لو وافق مجلس الوزراء ومجلس السيادة بثلثي الأعضاء على زج بروتوكول مجلس الشركاء في الوثيقة الدستورية، يكون بذلك قد إكتمل إجرائياً انقلاب البرهان على وثيقة الثورة الدستورية تماماً وبموافقة قحت الناعمة، واستبدلها ببُرتوكول ما يسمى بمجلس شركاء السلام. وليؤكد هذا الجنرال المتغطرس انقلابه على الثورة ووثيقتها الدستورية، وبتأثير من رئيسه الحقيقي السيسي، قام باجتراح الحرب على دولة مجاورة بمعزل عن الدولة السودانية؛ رئيس الوزراء آخر من يعلم، ولم تتم الموافقة عليها بثلثي أعضاء المجلس التشريعي أيضاً (فقرار الحرب قرار دولة وليس بقرار طغمة أمنية اسمها المكون العسكري؛ هذا انقلاب بالتجزئة يا د. حمدوك وقد يكتمل لو غفلتم).
وبَقِيَ أن نشير إلى أنَّ انتزاع ملف السلام من حكومة دولة الرئيس د. عبد الله حمدوك لم يكن لدارية خاصة عينية لِطغمة البرهان الأمنية المتغطرسة بشئون السلام أكثر من حمدوك الذي أنفق جلُّ عمره وخبرته في التعاطي مع قضايا السلام في أفريقيا. فهذه الطغمة لا تعرف السلام مُطلقاً مِقدار معرفتها بالحروب وسفك الدماء التي كان آخرها ما قامت به في مجزرة الاعتصام البشعة أمام القيادة العامة وزج كوادرنا الوسيطة (إلهاءاً لهم عن مساندة الثورة والثوار) في حربٍ بالوكالة مرةً لصالح السعودية في اليمن ومرةً أخرى لصالح مصر مع الجارة الإثيوبية حول مناطق تعترف إثيوبيا بأحقيتها للسودان ومن الممكن علاجها بالطرق السلمية والتحيكم الدولي إن تعقدت الأمور. وها هِيَ ذات الطغمة تؤكد على ذات البشاعة بما فعله فصيلها المليشيوي الجنجويدي السفاح بقتل الشهيد بهاء محمد نوري تحت التعذيب.
ولذلك فإنَّ انتزاع ملف السلام من د. عبد الله حمدوك كان بسبب الخوف الشديد (الرُّهاب) من أنَّ د. حمدوك قد يُحيك ضدهم ما يُعرِّض رقابهم لحبل المشنقة بسبب علاقاته الممتازة مع الغرب الرأسمالي خاصةً أمريكا.
غير أنَّ إبعاد ممثلين فاعلين من أقاليم السودان الأخري (والزج بأهل المآرب الرخيصة التافهة وتلك الشوفونية الضحلة ليُمثلوا هذه الأقاليم) عن مفاوضات جوبا للسلام، حوَّل هذه المفاوضات إلى مفاوضات غربنة ممنهجة (كما فضحها تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي في يناير من هذا العام) ضد جلاِّبة (ذلك المصطلح الفطير المُتخيَّل في أذهان البعض) يُعتقد أنَّها السبب في مجازر غرب السودان وجنوب النيل الأزرق، التي لم يمتنع عن المشاركة في ارتكابها من أبناء غرب السودان: السفاح موسى هلال والسفاح حميدتي والسفاح أحمد هارون والسفاح كوشيب والسفاح حسبو عبد الرحمن وجميع الحركات المسلحة بلا استثناء (فهؤلاء ليسو من كرمة أو كريمة)، لأنَّها كانت حروباً تخولهم السيطرة على الثروة وتدرُّ لهم المالَ (كان الجنوبي في حرب الجنوب الآثمة حينما تأتيه الأوامر من قائده بقتل أهله، كان يقتل نفسه؛ فأين أنتم من هذا المثال الفريد).
آلآن وقد جُمِعتْ الثروة (في إطار منظومة الصراع الطويل المسلح نحو الثروة والسلطة بواسطة كل فئات ما يسمى بمجلس شركاء السلام بلا استثناء، ومعهم شرائح رأس المال – رعاة الهبوط الناعم التي ذاقت عسيلة الرِّشى الخليجية والمسئولة عن كل الانقلابات العسكرية في السودان) والمتبقي هو السلطة. ولا غرو أن يتبجح أحدهم بقوله "لا حرية ولا تغيير بعد اليوم"، وأن يُعلن البعض الاخر عن تأجيل تشكيل المجلس التشريعي وتغييب المحكمة الدستورية إلى فيراير؛ ولكن هيهات، والأيام بيننا يا مجلس الشركاء.
إذاً سلام جوبا، هو ليس بسلام؛ فأُمراء الحرب لا يفرِّخون السلام ولا يفشون السلام (قال أحد الجنجويد أول مرة أعرف أنَّ قتل الإنسان حرام بعد أن جئت إلى الخرطوم)، بل هو عبارة عن "بُقجة غبائن" من فلول النظام الحاقدين على الثورة والثوار، ومن طغمة عسكرية سادية تستولي على أكثر من 85% من ثروة السودان ولا يهمها أن يموت الشعب (كما قتلت بنيه أمام القيادة قتلاً خسيساً لا يليق بنخبة عسكرية متحرفة) لتحيا هي وحدها لا شريك لها، ومن أمراء حرب يعتقدون إعتقاداً جازماً أنَّ الذي قاتلهم هم جلابة السودان لا سيما من الولاية الشمالية. ومن عجبٍ هم الآن يتحالفون مع كل من قاتلهم داخل مجلس الشركاء (من اللهْ على الجلابة): حميدتي الذي ما انفكَّ يمزِّق أهلهم في غرب السودان إرباً حتى يوم الناس هذا، بقايا النظام السابق في كل المنظومات العسكرية، طغمة "رب الفور" الأمنية التي سيعطونها رئاسة مجلس شركاء السلام المزعوم.
وما يؤكد أنَّ سلام جوبا عبارة عن بُقجة غبائن، فانظروا للشارع في الخرطوم الآن: لا أمان لأحد داخل العاصمة القومية، الجنجويد يقتلون أبناءنا صباح مساء، المسلحون يروِّعون الأهالي في بيوتهم وفي "شوارع – الله – أكبر" نهباً وسرقةً واغتصاباً للحرائر، والحكومة ومجلس السيادة ومجلس الشركاء الزنيم لا يحركون ساكناً.
واعلموا يا أخزاكم الله أنَّ للصبر حدود. ونخشى عليكم يوماً كاليوم الذي أعقب إغتيال المناضل الجسور الشهيد د. جون قرنق بواسطة الإنقاذ، حينما بدأ أنصاره المغيَّبون يقتلون كل مندوكرو في الشوارع باعتباره يتبع للإنقاذ وهو من قتل د. قرنق. ولما لم تتدخل الحكومة لحماية الناس قام الناس لحماية أنفسهم على الوجه الأكمل، وهم الآن يستعدون لذلك لو تعلمون؛ فالدجاجةُ تدافع عن أبنائها فما بالك بمن تنعته ب "الجلابي" أيُّها القصير النظر.
ثمَّ ثانياً، لقد حكمت سلطنة الفور السودان سبعة قرونٍ طباقاً، وكانت تُتاجر في الرقيق في جميع أنحاء السودان (محمد إبراهيم نقد: 1995)، ولم نحاسب سلطنة الفور ولا أهلها الحاليين على الرق بأثر رجعي، لأنَّ الرق وقتها كان نمط إنتاج (نمط الإنتاج العبودي) وموجود في كل العالم، وهكذا نفهم حركة التاريخ. كما أننا لم نحاكم دعاة الغربنة الممنهجة الذين يريدون تصفية حكم الجلابة للأبد، على ما فعله عبد الله التعايشي بتصرفه الفردي وقيامه بسحل وقتل الجلابة في كل مكان في السودان في التاريخ القريب. والجلابة وقتها بشر من كل أجناس السودان بمن فيهم أهلنا في غرب السودان أنفسهم، وبعضهم من تكارير نايجيريا، وجلُّهم من سوريا ولبنان واليونان ومصر؛ استخدمهم المستعمر (احياناً بالقهر والجبر) لتحويل الاقتصاد المعاشي إلى اقتصاد رأسمالي كما ذكرنا في مقال سابق.
والآن مجموعة ليس من بينها رجل رشيد، تسمي نفسها مجلس الشركاء، تريد أن تسرق ثورة ديسمبر السلمية المجيدة التي غيرت سيئة الذكر الإنقاذ في بضعة أشهر؛ وهو ما عجزت عنه كل المحاولات الانقلابية في 30 سنة، وهو ما عجزت عنه كل الحركات المسلحة في 20 سنة. حقاً الطاغية/أمير الحرب لا يسمع إلاَّ صوته الداخلي، وهدير الشوارع التي تلقيه في مزبلة التاريخ/صوت الرصاصة التي تقتله، حينما يتمادى في غيِّه؛ وبيننا وبينكم الشوارع، والشوارع لا تخون.
سياقات ودوافع الحرب مع إثيوبيا
في بحثه عن الشخصية السايكوباتية (الفلسفة، علم النفس، وعلم الاجتماع) بالحوار المتمدن في 12/02/2008، يقدِّم الأستاذ جمال الشمري لهذا المقال بقوله: "كم من مختل عقلياً قاد ويقود الناس إلى الهاوية، يبدو في الظاهر بطلاً مِقداماً جريئاً حازماً ذا ثقافة وذكاء وكاريزما تسحر الناس، وهو في واقع الأمر مختل عقلياً، سفاح فاسد متوحش يفترس بني جنسه وينقض على ضحيته بأخس الأساليب، لا يهمه سوى تحقيق رغباته الغريزية". تُرى عن من يتكلم الأستاذ الشمري؟
الناظر إلى طغمة البرهان الأمنية لا يستطيع أن يجد أحداً بين هذه الزمرةِ الخسيسة خارح السياق النفسي أعلاه. لقد ورثوا من النظام السابق العديد من المقدرات الاقتصادية التي هي من صميم اقتصاد السودان المدني. وفوق ذلك ظلت الموازنة العامة تنفق على المؤسسة العسكرية السودانية ما يفوق ال 77% منها، بينما تنفق على بقية الشعب أقل من 33% منها؛ ولذلك كانت كل موازنات الإنقاذ موازنات حرب.
وبعد قيام ثورة ديسمبر المجيدة التي يدَّعون أنَّهم شركاء فيها (كيف تكون شريكاً فيها وأنت قتلتَ أبناءها أمام القيادة وألأقيتهم في النهر وأحرقتهم بالناريا سفاح، ولا يُعاقبُ بالنار إلاَّ ربُّ النار)، مازالوا يرفضون أن تتحول الموازنة إلى موازنة مدنية لتصرف ال 77% منها على الشعب وال 33% على المؤسسة العسكرية.
والحق يُقال أنَّ الصرف المدني وصل في بداية العام 2019 إلى 55% من الموازنة العامة، ولكن تنصل القائمون على الأمر من هذا الصرف لاحقاً لعجزهم من انتزاع شركات المنظومة الأمنية المعفية من كل الضرائب والرسوم والإتاوات والزكوات، والتي تعمل في الاقتصاد المدني في مجال الذهب والبترول واللحوم الحية والمذبوحة وغيرها من القطاعات. وقد كان من البديهي أن تعجز الموازنة العامة عن الإنفاق المدني والطغمة العسكرية السايكوبات تسيطر على أكثر من 85% من موارد الاقتصاد القومي السوداني، ولم يطرف لها جفن وهي تفعل ذلك وتعلم أنَّ صنيعها هذا سيجعل الكثير من الناس يموتون بعدم القدرة على الحياة بسبب المسغبة والمرض والضغوط النفسية، وذلك لأنَّها ببساطة طغمة سايكوبات وسادية تتسلَّى بموت النَّاس. وللأسف قد شاركهم في هذا الواقع د. عبد الله حمدوك بتهذيبه الجم، بل قُل الفاقع للمرارة؛ وهو بعد يقود أعظم ثورة عرفتها الإنسانية، والتي لو نادى على ثوَّارها لذهبت هذه الطغمة الفاسدة إلى مزبلة التاريخ في لمح البصر وهي نفسها تعلم ذلك.
والآن، هذه الطغمة المريضة التعيسة انضمَّت إلى خائب الرجاء مجلس شركاء بُقجة الغبائن، الذي بدأ يُحوِّل المتبقي من الموازنة العامة إلى مناطق ما يُسمى بالهامش، بالرغم من أنَّ هناك بعض الولايات هي في الحقيقة هامش الهامش (إذا استعرنا هذا المصطلح الجغرافي الفطير)؛ لاسيما ولايات البحر الأحمر والشمالية ونهر النيل. وبعد أقل من شهر من الآن، أي بعد التخويل بالصرف من الموازنة العامة في النصف الثاني من يناير 2021، ستكون ولاية الخرطوم، والجزيرة، والنيل الأبيض، وربما شمال كردفان، والقضارف، وكسلا، ولاية سنار، والبحر الأحمر، ونهر النيل، والشمالية – ولايات ما يُسمى بالجلابة بلا موارد لتغطية طلبها الكلي؛ وتلك لعمري قنبلة موقوتة وثورة مضادة من هذه الولايات قاب قوسين أو أدنى، وسوف توجه سهامها ضد شركاء بقجة الغبائن قبل نهاية يناير.
وأقول ما أقول بخاصة، بعد دخول الطغمة السايكوبات في حرب مع الجارة الحبيبة إثيوبيا من غير تخويل من الدولة السودانية حتى (لم يوافق ثلثا المجلس التشريعي عليها، بل أنَّ حمدوك آخر من يعلم) وفي لا ضرورة في ظل الضائقة المعيشية الطاحنة واقتصاد الكورونا الذي عطل أقوى اقتصادات العالم، وفي ظل إقرار إثيوبيا بتبعية الفشقة للسودان.
إذاً هذه الحرب حرب بالوكالة، أمرهم بها رئيسُهم السيسي ويدفع ثمنها شعب السودان أرواحاً بريئة وأموالاً طائلة كما دفعها في حرب اليمن وفي ليبيا. ومن عجبٍ أنَّ السيسي في نفس توقيت الحرب دعا إثيوبيا لمناقشة قضايا سد النهضة بمعزل عن السودان؛ فما أرخصها من طغمةٍ معتوهةٍ بليدة.
وثمة فوائد أخرى تعتقد الطغمة السايكوبات أنَّها ستجنيها من هذه الحرب: 1/ قطع الطريق على الحكومة المدنية والقرار الأمريكي القاضي بخروج المؤسسة العسكرية من الاقتصاد والاستثمار في السودان. 2/ إلهاء الكوادر الوسيطة في المؤسسة العسكرية المناصرة للثورة والثوار بهذه الحرب السايكوباتية البحتة، خاصةً أنَّ الذين يباشرون الحرب في الميدان هم الملازمون والنقباء والروَّاد والمقدمون والعقداء؛ رصفاء محمد صديق وحامد عثمان حامد وبقية العقد النضيد. 3/ قطع الطريق على قيام المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية باعتبار أنَّ البلد في حالة حرب؛ ويجب أن نعلم أنَّ تلك حرباً لم تأمر بها الدولة السودانية وإن حررت أرضاً محتلة. 4/ إبقاء موازنة 2021 موازنة حرب للاستمتاع بأكثر من 85% من خيرات السودان لأطول فترة ممكنة، وبالتالي عدم إرجاع شركاتنا المدنية لوزارة المالية وعدم خضوع الشركات العسكرية منها للنظام المالي والمحاسبي للدولة. 5/ تُمنِّي طغمة البرهان الأمنية نفسها بالتطبيل الذي قامت به الجبهة الإسلامية القومية للقوات المسلحة عام 1988، وبالتالي تبحث عن تفويض (لاسيما من مجلس شركاء السلام الزنيم) يجعلها تنفض يدها من الحكومة المدنية عملياً لا إجرائياً (السايكوباتيون لا يصنعون السلام).
إلى لجان المقاومة وتجمع المهنيين وشرفاء قحت وكوادر الجيش الوسيطة
يجب ألاَّ نخرج للمطالبة بقضايا فرعية ومجتزئة على الإطلاق (We should think big/think bold). فواجب الساعة هو تصحيح مسار الثورة في كافة أشكال انحرافاتها السابقة من يوم 11 ابريل إلى يوم الناس هذا، وسد الخلل لمنع كل أشكال الانحرافات اللاحقة؛ فنحن الشعب لا نطلب وإنما نأمر من فوضناهم بالقيام بما نريد، وإلاَّ فاليذهبوا كما ذهب أسلافهم غير مأسفٍ عليهم. وإن كانوا قد نسوْا فهذه تذكرتنا لهم:
1/ الثاني من يناير 2021 هو آخر موعد لقيام المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي الذي يضم أهل المصلحة الحقيقيين ولجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير الشريفة في كافة مناطق السودان، وبذات النسب الموضحة في الوثيقة الدستورية على علاَّتها، ولا يُقبل أيُّ تأجيل لقيامه مرة أُخرى تحت أيِّ مبرر من المبررات، وهو حده المخول بتعيين رئيس المحكمة الدستورية فوراً في أول جلسات انعقاده، ومن ثمَّ النظر في القضايا الملحة المتعلقة بالقضايا القانونية المعلقة وبإعادة صياغة الوثيقة الدستورية وبإكتمال هياكل السلطة المدنية الانتقالية الأخرى، وبمناقشة أطروحات إتفاق جوبا للسلام وكيفية استيعابها داخل المجلس التشريعي والحكومة المدنية، وسائر القضايا الأخرى.
2/ يصدر المجلس التشريعي قراراً فورياً بتعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيساً لمجلس السيادة وتعيين نائب له من داخل أعضاء المحكمة الدستورية، والذي يُناط به بعد التشاور مع المجلس التشريعي إكمال هياكل السلطة المدنية الانتقالية وتحديد مدتها بما تقتضيه مصلحة البلد، وتصحيح الوثيقة الدستورية أو إلغائها واستبدالها بأخرى بما يضمن مدنية الحكومة الانتقالية بالكامل، وإرجاع العسكريين إلى ثكناتهم، وتعيين وزيرين مدنيين لوزارة الدفاع والداخلية (لا سيما من العسكريين المفصولين تعسفياً).
وفي حالة أيِّ فراغ دستوري من الآن فصاعداً، يصبح رئيس المحكمة الدستورية في البلد هو رئيس الدولة تلقائياً، قاطعاً الطريق على أيِّ رغبة أُخرى لأيِّ عسكري في أن يُمنِّي نفسه أو يحلم له والده بأن يكون رئيساً للسودان أن يكون رئيساً للسودان، إلاَّ إذا انتزع البزة العسكرية وصار خادماً مدنياً لدولته شأنه شأن الخادمين المدنيين الآخرين، وقبل وقتٍ كافٍ أقله أربع سنوات، وتم انتخابه رئيساً منتخباً انتخاباً ديمقراطياً حراً ونزيهاً.
3/ البت الفوري في حكم محكمة الشهيد أحمد الخير بواسطة المحكمة الدستورية التي تؤجل عمداً لتأجيل النظر فيها وفي القضايا المشابهة، وإحالة ملف مجزرة الاعتصام إلى دوائر التحقيق الدولية بما يضمن سير العدالة وعدم التأثير في مجرياتها.
4/ إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات العامة والنقابية والتنظيمية بجميع أنواعها والمنصوص عليها في كافة المواثيق الدولية، وتحريم وتجريم الاختفاء القسري، والتعذيب بكافة أنواعه الجسدي والمعنوي، والقتل أو الضرب أو الإهانة أثناء التحقيق. وعلى الحكومة المدنية أن تستحث مؤسساتها العدلية والشرطية بالإسراع في التحقيق في مسألة اغتيال الشهيد بهاء محمد نوري وكشف الجناة وتقديمهم للعدالة؛ فليس ثمة أحد فوق القانون (أو فوق الغانون).
5/ على الحكومة والمجلس التشريعي (الدولة) حل كافة المليشيات العسكرية الموجودة بالسودان (بما فيها مليشيا الدعم السريع) وتصفيتها واستيعابها لصالح المؤسسة العسكرية السودانية بعد النظر في اتفاق جوبا، ولصالح بناء وطن خالي من الازدواج والظلم والغبن الاجتماعي على كافة المستويات.
وإنَّنا لنعوِّل تعويلاً عظيماً على المؤسسة العسكرية السودانية العريقة (جيش، شرطة، وجهاز أمن) التي أنجبت حامد عثمان حامد ومحمد صديق وبقية العقد الفريد الشريف في حل كافة المليشيات العسكرية وتصفية العقل المليشيوي وتصفية مقدراته الاقتصادية والعسكرية لصالح قومية هذه المؤسسة العسكرية العريقة، ولصالح كل السودان الخيِّر الديمقراطي المسالم (داخرنَّكم لساعة الصفر وأنتم لها).
6/ لا يجوز للسلطة التنفيذية ولا للسيادية ولا لما يُسمَّى زوراً وبهتاناً بمجلس شركاء السلام بأيِّ صفة من صفاته أن تكون لهم مقاعد في المجلس التشريعي المناط به مراقبة أداء هذه المؤسسات ومحاسبتها. بل من الممكن توسيع/تحويل ما يُسمَّى بمجلس الشركاء هذا من بُقجة غبائن إلى مجلس استشاري لكل قضايا الدولة السودانية وليس فقط لقضايا السلام (كمجلس الشيوخ/مجلس اللوردات) تستأتس به الدولة ومجلسها التشريعي متى ما احتاجا إلى ذلك.
7/ مراجعة وإلغاء كافة القوانين التي تمنع أو تُقيِّد ولاية وزارة المالية على المال العام، وإلغاء كافة الإعفاءات بكل أنواعها الممنوحة لعناصر النظام السابق وشركاته العسكرية والمدنية والمليشيوية ومنظماته الخيرية في كل القطاعات، وإرجاع كافة الشركات المخصخصة تمكيناً لصالح عناصر النظام السابق أو ولاياته أو هيئاته أو مؤسساته أو منظماته الخيرية على الصعيدين المدني والعسكري وفي سائر القطاعات الاقتصادية، وانتزاع الشركات ذات النشاط الاقتصادي المدني من قبضة القوات النظامية وإخضاع الشركات العسكرية الطابع للقوانين المالية والمحاسبية لوزارة المالية، كما يجب تفعيل قانون منع الموظف العام المدني أو العسكري من مزاولة أىِّ نشاط اقتصادي أثناء تأدية الخدمة العامة.
كما يجب على وزارة المالية وبنك السودان المركزي تحريم وتجريم ومراقبة التعامل بالعملة المحلية والنقد الأجنبي خارج النظام المصرفي، وذلك لمحاربة ظاهرة الاكتناز والمضاربة بالعملات. ويُستثني من ذلك بطبيعة الحال التعامل بالنقد المحلي والأجنبي بالبطاقات الائتمانية وغيرها للأغراض المشروعة والكميات المشروعة التي تقرها هاتان المؤسستان.
8/ تعزيز جهود لجنة إزالة التمكين الحالية بالمال والرجال والمسائل اللوجستية والمقَرَّات، وتحويلها إلى مفوضية لأزالة التمكين بكل أنواعه واسترداد أموال السودان المسروقة ومودعة بالخارج، وكل قضايا الفساد والثراء الحرام السابق والآني واللاحق منها.
9/ يقع باطلاً كل قولٍ أو إجراء أو فعلٍ قامت به طغمة البرهان الأمنية في الفترة السابقة لم يوافق عليه ثلثا المجلس التشريعي (مجلس الوزراء + مجلس السيادة) أو لم يوافق عليه المجلس التشريعي المؤجل قسراً ومكراً لاحقاً. وبالتالي الثورة السودانية ودولتها المحترمة في حل من ما قامت به طغمة البرهان الأمنية فيما يتعلق بالآتي: 1/ التطبيع مع الدولة الإسرائيلية، 2/ تكوين ما يُسمى بمجلس شركاء السلام، 3/ اجتراح الحرب بالوكالة ضد الجارة إثيوبيا لصالح مصر بالرغم من تحرير الفشقة التي كان من الممكن تحريرها بالطرق السلمية مع إقرار إثيوبيا بتبعيتها للسودان أوبالعدم بالتحكيم الدولي، دون أن نسترخص ونهدر قطرةَ دمٍ واحدة من جنودنا البواسل ودون أن ننفق فِلساً واحداً نيابة عن مصر وأهلها.
وما بال حلايب أيها الجنرال المتغطرس التي لم تقر مصر بتبعيتها للسودان، وتحتلها وتتعامل مع السودانيين فيها بأبشع أنواع العنصرية! أليست هي أولى بالتحرير؟
10/ أيُّ تنصل من تشكيل المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وبقية المطلوبات التي يُقرها تجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة وأهل المصلحة الحقيقيين وشرفاء الحرية والتغيير في الموعد المضروب، فما عليكم إلاَّ أن تملأوا الساحات بالمظاهرات الطوفانية (5% من سكان المنظقة/القرية/ المدينة التي يتواجد فيها الثوار).
خاتمة
سنبارك تحرير الفشقة يوم أن يصدر القرار بتحريرها للمؤسسة العسكرية السودانية من الدولة السودانية المحترمة بالطرق المؤسسية الصحيحة (ومن الذي مدح هذه المؤسسة أكثر منا)، لا بالأوامر من الدولة المصرية. لن نكرر تأييد وتطبيل الجبهة الإسلامية القومية للطغمة التي كانت تهندس انقلابها في الخفاء في العام 1988؛ وهيهات أن تنال منا تأييداً أو تفويضاً يا برهان يجعلك تقوم بتصفية الثورة السودانية، ولن ينطلي علينا ما تقوم به (على الثوار يا برهان)؛ وما أشبه الليل بالبارحة.
حسين أحمد حسين
[email protected]
___
* (https://firstlook.org/theintercept/2015/03/20/asked-iran-deal-potentially-slowing-military-sales-lockheed-martin-ceo-says-volatility-brings-growth/ )
في هذا التقرير وفى الفيديو المصاحب له، تتوجس البنوك الغربية وشركات الأسلحة من الوصول إلى اتفاق نووى مع إيران، الأمر الذى قد يقلِّل من مبيعات الأسلحة وبالتالى الأرباح؛ حيث أنَّ الحرب أو التهديد بالحرب هو أمر جيد لتجارة الأسلحة. ويُطمئن أحد المتحَدِّثيْنِ الآخر بقوله: "لا تبتئس، فثمة حالات مهولة من عدم الإستقرار ستحُلُّ بالمنطقة، كما تشى بذلك "بُنية الحوافز الضارة" التى هى من صميم سوق الأسلحة الدولية" (
Lee Fang"BIG BANK'S ANALYST WORRIES THAT IRAN DEAL COULD DEPRESS WEAPONS SALES" The Intercept: 20/03/2015).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.