أثارت معلومات كشف عنها عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير، كمال كرار، عن أرقام موازنة 2021م، المخاوف من استمرار الفشل الاقتصادي في العام الجديد، كما شكك كرار في أرقام دعم السلع والكهرباء والوقود ووصفها بالأرقام "المضروبة". تحدٍّ عسير الثابت ن موازنة 2021م تشكل تحدياً عسيرًا للحكومة، وهي أصعب مهمة تنتظرها، قياساً على ما شهده العام 2020 من محن وكوارث أدت لتراجع الاقتصاد العالمي ككل، وبطبيعة الحال السودان ليس استثناء، مع تبعات إرث ثقيل من الانتكاسات الاقتصادية لا تبدأ من افتقار البلاد لموارد حقيقية لتمويل هذه الموازنة، ولا تنتهي بالتدهور المتواصل للعملة الوطنية. أرقام من الموازنة وكشف كرار في تدوينة على حائطه بالفيس بوك، أن الإيرادات العامة زائدًا المنح الأجنبية في الموازنة بلغت قيمتها 899.7 مليار جنيه بزيادة 58% عن 2020، مشيراً لارتفاع الضرائب من 412.2 مليار جنيه في 2020 إلى 731.4 مليار جنيه بزيادة 77% ومعظمها على السلع والخدمات، وتوقع ارتفاع الأسعار. وأشار لعدم تضمين إيرادات الشركات العسكرية لمنظومة الصناعات الدفاعية في موازنة 2021 كما لم تضمن في ميزانية 2020م، متسائلاً عن سبب عدم أيلولتها حتى الآن لوزارة المالية. موضحاً أن مصروفات قطاع الأمن والدفاع بلغت 201.5 مليار جنيه ما يقارب ثلث الإيرادات العامة، فيما قدرت مصروفات التعليم 6.2 مليار جنيه، والصحة 42.3 مليار، لافتاً إلى أن الموازنة العسكرية تعادل (4) مرات ما يصرف على الصحة والتعليم، مضيفاً أن الإنفاق الأمني والعسكري في موازنة 2021 لا يعبر عن كامل الحقيقة، فهنالك صرف خارج الميزانية، وصرف من بند الطوارئ. وفي تفاصيل الإنفاق العسكري قال، إن وزارة الدفاع زاد نصيبها من 32.9 مليار في 2020 إلى 89.9 مليار في 2021 بنسبة قدرها 173%، والدعم السريع من 14.5 في 2020 إلى 37 مليار جنيه في 2021 بزيادة قدرها 155%، ووزارة الداخلية من 17.3 مليار في 2020 إلى 52.5 مليار في 2021 بزيادة 202%، وجهاز المخابرات العامة من 9 مليارات في 2020 إلى 22.1 مليار في 2021 بزيادة 145%. مع خفض نصيب التعليم من 14.8 مليار إلى 6.2 مليار في 2021م، مشيراً إلى أن موازنة جهاز الأمن تساوي 350% من موازنة التعليم وموازنة الدعم السريع تساوي 590% من موازنة التعليم وموازنة الدفاع تساوي 1450% من موازنة التعليم 15 مرة. وكشف كرار عن زيادة موازنة المجلس السيادي بنسبة 126%، ومجلس الوزراء نسبة الزيادة 782%. مع تخصيص الموازنة لصندوق بناء السلام مبلغ 13.3 مليار جنيه تعادل 6% من الموازنة العسكرية. موضحاً أن أرقام النازحين بدارفور تتأرجح ما بين 3- 4 ملايين نصيب المواطن منها 15 دولاراً، وقال إن هذا المبلغ "لا يبني راكوبة"، وزاد "معناها أن السلام بعيد"، وقال إن الموازنة شملت أرقاماً مضروبة عن دعم القمح والكهرباء والوقود. شكوك حول تعافي الاقتصاد وتعزز هذه الارقام، من الشكوك المتزايدة بعدم قدرة الحكومة على معالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، ورغم عدم إجازة الموازنة رسميًا، إلا أن المعلومات الصادرة من المطلعين على إعدادها، زادت المخاوف من كونها لن تختلف في شيء عن سابقتها إن لم تكن بذات السوء. وبحسب ما أكده كرار، تتجه الحكومة لإقرار موازنة يتوقع لها أن تكون "محبطة"، بعد ورود تسريبات تشير لاعتماد الحكومة تقليل الإنفاق على جميع القطاعات باستثناء الإنفاق العسكري، بحجة تدني الإيرادات واتساع العجز في المواعين الإيرادية، وما يعزز هذه الفرضية هو تأكيد وزيرة المالية بفقدان نحو 40% من الإيرادات في العام الجاري بسبب جائحة كورونا وتعميق محنة الاقتصاد السوداني. توقّعات صندوق النقد في نشرته مؤخراً، أكد استمرار الانكماش في 2021 وعدم عودة الاقتصاد للنمو قريباً، وهو ما ينعكس على جميع المؤشرات الاقتصادية خاصة معدلات التضخم والبطالة، ورأى أنه بذلك سيستمر العجز العام، لذلك فسيكون أهم التوجهات ترشيد الإنفاق الحكومي، واستمرار إصلاح دعم الوقود والكهرباء والخبز، والتعديل التدريجي لأسعار صرف الدولار، والدولار الجمركي حتى الوصول إلى السعر الحقيقي، والعمل على إيقاف تدهور الاقتصاد، ووقف تراجع الجنيه أمام العملات الأجنبية، فتراجع الجنيه يرفع معدل التضخم لقلة المنتجات السودانية، واعتماد البلاد على الاستيراد في كثير من احتياجات المواطن.
استمرار الأزمة وقطع الخبير الاقتصادي، د. عبد الله الرمادي، بأن المشكلة الاقتصادية ستستمر طالما تتجاهل الحكومة الحلول الحقيقية وتصر على تطبيق سياسات خاطئة، وقال إن الحل الاقتصادي سيتوفر حينما تتم الاستعانة بالكفاءات الحقيقية في إدارة الاقتصاد. وأوضح الرمادي في تصريح صحفي، أن الموازنة لا تشمل بشريات جديدة، حيث تراجع حجم الإنتاج المحلي وتبعاً لذلك تراجع الصادر، وتدنت نسبة الإنتاج في الزراعة والثروة الحيوانية علاوة على مشكلات الميناء. أما من ناحية السياسات، فأشار لعدم وجود إصلاح حقيقي بشأنها وما يتم هو نفس المشكلة القديمة بلا حلول.
تحديات ماثلة ويرى المحلل الاقتصادي د. محمد الناير، أن الموازنة تواجه تحديات كبيرة لجهة تراجع قيمة الإيرادات وتحصيلها بصورة كبيرة جداً، وهو ما أثر على أداء العام الجاري، وحتى الآن لم ترفع تقارير توضح حجم الأداء وتوقع أن يكون ضعيفاً للغاية في ظل تراجع الإيرادات. ويشير الناير للسياسات التي اتخذت في العام 2020م، والدولة تصر عليها وتمضي فيها، ستلقي أعباء كبيرة جدًا على الموازنة، مبيناً أن الدولة ترى أنها تحقق لها بعض الموارد لكن فيها تعقيدات كثيرة تؤدي إلى تعطيل الإنتاج بصورة كبيرة، وقطع بأن الدولة لم تدرك حتى الآن هذه التعقيدات وأثرها على الإنتاج والتحديات. الصيحة