واحدة من كوارث ديسمبر الباكرة جداً هو اختلاسها واختطافها من أيدي مفجريها.. ولك يكن الجنرال حميدتي هو فقط بصحبة البرهان من كبار مختلسي ومختطفي الثورة التي لم تكتمل للأسف الشديد، نعم نجح الشباب بقوة عزيمتهم في اقتلاع نظام البشير لكن الشباب أنفسهم تعرضوا لأكبر عملية خداع في تاريخ السياسة السودانية حين اوهمهم اليساريون أن الثورة نجحت مكانكم هنا فقط هيا انصرفوا وبالفعل انصرف الشباب لمنازلهم رغم الدماء والدموع بينما المختلسون ذهبوا بليل يتشاكسون في توزيع غنيمة لم يبذلوا فيها لا دماء ولا دموع بل جاءتهم مثل قطعة جاتوه لذيذه ملفوفة في ورقة سوليفان. هكذا صار حميدتي من مجرد عسكري لا يجرؤ أن يرفع عينيه في وجه البشير إلى نائب رئيس جمهورية السودان نعم الثورة هي من جعلت للأسف حميدتي هو نائب رئيس جمهورية السودان وتوسع نفوذه وانتشرت قواته في كل المدن وكل المواقع، والثورة هي التي انتجت ولاء البوشي وهبة ولينا وغيرهن من حناكيش العمل الثوري وجميلاته بلا كسب بينما صائدة البمبان لا احد يدري عنها شيئاً وبينما بائعات الشاي اللائي سندن شباب الثورة بالاختباء لم يجدن شيئاً حتى السكر جعله مدني المستوزر غصباً بآلاف الجنيهات عزيزاً على الشراء. نعم العشرات صاروا وزراء دون كسب ومجاملات ملأت دواوين الدولة ونساء جميلات ومعارف جاءوا بهن بحكم المعرفة وليس بحكم النضال والعمل الدؤوب ضد الكيزان وضد نظام البشير القمعي. من كان يتصور أن يكون مانيس وزير بينما الكاتب الصحفي الكبير فتحي الضو لم يؤبه به ولم تستوعبه الثورة وزيراً هو أحق بمقاعد وزاراتها، لقد كتب فتحي الضو كثيرا وكشف جرائم الكيزان وخلخلهم من الداخل وكانت لكتاباته دور كبير في إضعاف النظام وتحريك الشارع ومثله مولانا سيف الدولة حمدنا الله الذي رموا له بوظيفة صغيرة ظناً بأنهم يغرونه بقاضي في محكمة فلفظها ورفضها بقوة معروفة عنه في نضاله الممتد ولم تستفد منه الثورة كما يجب أن يكون حتى ود قلبا كان مفترضاً أن يكون له دور في هذه الثورة وتراجي مصطفى تستحق فقد كانت أقوى كلمة وشكيمة من بعض الذين اختطفوا الثورة اليوم، وهنالك الكثير من الناشطين الذين كان لهم كسبهم في تحريك الشارع عبر سنين طويلة من خارج السودان بل ومن داخل السودان في أوج سطوة النظام وجبروته والجلد يلهب ظهور الفتيات والرجال في الزنازين. أين كان الأصم ومثله من سحاسيح اليساريين. حمدوك وفيصل وهبة ومدني والبوشي والفكي سليمان والتعايشي المندهش وحبوبة عشة وغيرهم من ضعاف العمل والأداء شاركوا حميدتي في اختطاف الثورة وهم مجرد كومبارس في تمثيلية حميدتي الذي يستخدم هؤلاء في مسرحيته التي سينهيها يوماًَ قريباً بإعلانه حاكماً عاماً على السودان إن لم تصحو الثورة وتنتفض الشوارع من جديد ليذهب مختلسي الثورة والقادمين لها في اللفة الاخيرة، يجب أن تصحو الشوارع لتصحيح الثورة وتولية من يستحق فعلاً من الذين عملوا للثورة منذ أمد بعيد وليس هؤلاء الكومبارس في جوقة حميدتي التي اختطفت الثورة وأرهقت الشارع والمواطن رهقاً عنيفاً بلا رحمة.