في ظل تكالب الأزمات واحتدام حالة الرفض لسياسات الحكومة الانتقالية التي عبرت عنها لجان المقاومة، بإقامة المتاريس وحرق الإطارات بالعاصمة الخرطوم، وبينما تشهد ولايات غرب دارفور أحداث عنف حامية راحت ضحيتها عشرات الأرواح، ونجم عنها كثير من الإصابات وحالات نزوح جماعي، فضلاً عن التفلتات الأمنية التي حدثت بمدينة في ورتسودان والقضارف؛ في ظل كلِّ ذلك، تنشغل القوى السياسية هذه الأيام بصراع المناصب في التشكيلة الوزارية القادمة. وكشفت صحافة الخرطوم عن اجتماع لمجلس الشركاء، مساء أمس، بالقصر الجمهوري، خرجت عنه مصفوفة زمنية لإعلان الحكومة وأعضاء المجلس السيادي الجدد وتعيين الولاة وإعلان المجلس التشريعي، وتقرر إعلان الحكومة يوم 4 فبراير القادم، وإضافة (3) أعضاء للمجلس السيادي من قبل شركاء السلام، في ذات الموعد المحدد. كما تقرر إجراء تعديلات على أعضاء الحرية والتغيير في المجلس السيادي، وتسميتهم يوم 10 فبراير القادم، وفي يوم 15 فبراير سيتم تعيين الولاة الجدد، بينما سيتم تشكيل المجلس التشريعي يوم 25 فبراير القادم. وحول ملابسات قائمة الترشيحات التي تقدمت بها قوى الحرية والتغيير، قال الكاتب والمحلل السياسي، وائل محجوب، إنها امتداد لعقل سياسي فاق الإنقاذ نفسها في التهافت السلطوي، وتدني قيم ومعاني إدارة الدولة، في إشارة إلى اشتمال القائمة على أعضاء من لجنة ترشيحات الوزراء أنفسهم. وعاب وائل غياب معايير الاختيار ليتيحوا لأنفسهم فرصة التسلق للمنصب الوزاري، في تجاوز لقواعد أجهزة الدولة التي قال إنها تختلف عن النشاط السياسي، وتساءل: "كيف يمكن إصلاح مثل هذه العلل المستعصية لدى القوى السياسية، التي لا ترى في السلطة سوى سباق للفوز بالمقاعد الوزارية دون تقدير أو تفكير؟". وطالب وائل بإدارة المرحلة باختيار كوادر متجردة من الانتماء الحزبي، ومن العناصر الوطنية الصلبة للتصدي لمهام الثورة، وعلى رأسها تطهير جهاز الدولة من عناصر النظام المباد، منوهاً إلى أن المرحلة الحالية معقدة ولا يمكن أن تديرها القوى السياسية، وستنتهي بانتخابات فيما بينها، وتابع: "على الرغم من ذلك تدافعت القوى السياسية نحو مواقع السلطة وتفككت تحالفاتها، ومضى عام ونصف لم تنجز خلالها شيئاً ملموساً، وها هي تقاتل وتصارع للفوز بالمقاعد، بينما تتعاظم المخاطر وتحيط بالجميع". وفي سياق متصل انتقد وائل محجوب تحديد مجلس الشركاء للجدول الزمني لإعلان الحكومة، واعتبره جسماً غريباً وفضفاضاً، مؤكداً أن تكوينه يُعَدُّ مخالفة لنصوص الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا، متهماً ممثلي المجلس بتعطيل تسمية المرشحين للوزارة لأشهر، وانتقد تحديد تشكيل مؤسسات الدولة وفق جداول زمنية، بينما كل تنظيمات ممثلي المجلس تتصارع فيما بينها لنيل مواقع السلطة، وتتجاهل ما يحدث في البلاد من فتن وفوضى. وتوقع المراقبون أن يضيق الشارع عن تحايل القوى السياسية والحركات العسكرية، بتسابقها على المواقع. وأكد وائل أن الثورة لم تقم للتهافت لمواقع الحكم، إنما قامت لأهداف إهمالها لن يؤدي الا للسماح لمنسوبي العهد المباد وأعوانهم بإحداث مزيدٍ من الكوارث وإغراق البلاد في الدماء. ورهن وائل العبور بالبلاد بتجسيد شعارات الثورة وتحقيق المحاسبة والعدالة، وتطهير جهاز الدولة وإعادة تنظيمه، والتخلي عن مفاهيم الدولة المبادة، والتوافق على برنامج لإدارة المرحلة الانتقالية واعتماد معايير اختيار واضحة وليس سباق قوائم للفوز بالمنصب الوزاري، مؤكداً أن الدولة ليست جائزة يتنافس الناس لنيلها، إنما هي مسؤولية تخص ملايين البشر، ويتحتم أن يُقدَّم لها من يستحق بجدارته نيل مواقعها. وتوقع المحلل والكاتب الصحفي وائل محجوب عدم صبر الشارع على تحايل القوى السياسية والحركات العسكرية وتسابقهم الذي وصفه بالمكشوف للمواقع، وشدد على ضرورة إدارة المرحلة بتقديم من يناسبها من كوادر متخصصة، تجيد العمل في جهاز الدولة وتلم بمهاراته.