كمال كرار ** يبدو أن الأخبار غير السعيدة هي التي تتصدر المشهد في 2021، وآخرها أن السودان في طليعة قائمة الدول الفاسدة في العالم.. ومعروف أن بلادنا ظلت في هذه القائمة على عهد الإنقاذ البائدة، ولكن ما بالنا (نتمترس) في هذا الموقع بعد ثورة مشهودة كان المأمول أن تطيح بالفساد في أول أيامها..!! الإجابة بسيطة، وهي أن منظومة الفساد لم (تهبشها) الثورة حتى الآن، ولا زالت شغالة (تش)، بل تلبس طاقية الحرية والتغيير أحياناً، وتلبس الكاكي في أحيان أخرى.. وقريباً من هذا الموضوع قرأنا بالأمس خبراً يقول (فتحت محفظة السلع الاستراتيجية خطابات اعتماد لاستيراد "14" شحنة محروقات، تشمل: 9 بواخر جازولين، بحمولة كلية "360" ألف طن، بقيمة "165" مليون دولار، و5 بواخر بنزين، بحمولة كلية "200" ألف طن، بقيمة "105" ملايين دولار)، ومعناه أن (المحظوظ) صاحب هذا العطاء، أو المحظوظين طرحوا سعر 525 دولار لطن البنزين.. و458 دولار لطن الجازولين.. بناء على التصريح الذي أدلى به رئيس اللجنة التنفيذية للمحفظة.. ولأن عمك (قوقل) مطلع على أسعار النفط العالمية، فإننا نكتشف أن الأرقام أعلاه مبالغ فيها، وهذا يستدعي السؤال عن من هو المستفيد!! أو من هم المستفيدون.. والسؤال يمكن طرحه على النحو التالي – لماذا أدخلت الحكومة وسيطاً اسمه محفظة السلع الاستراتيجية؟- وما هي نسب العمولات التي تدفع لقاء استيراد هذه السلع!! والسؤال مشروع لأن المواطن هو من يدفع الثمن. والفساد في العالم لا يقاس بالنهب المباشر من المال العام.. لكن شبهة وجود المصلحة يعتبر فساداً هو الآخر، فلو أن شخصاً له مسؤولية داخل هذه المحفظة هو في نفس الوقت عضواً بمجلس إدارة بنك له ارتباط بالمحفظة، فإن هذه الشبهة تظل موجودة لارتباطها بحجم نسب الفائدة التي توضع على تمويل السلع.. وبالتقييم الموضوعي لهذه المحفظة فإنها فاشلة حتى الآن في توفير السلع بصورة منتظمة ويتهمها البعض بأنها السبب في ارتفاع أسعار الدولار في السوق الأسود. وعجيب أمر بعض الناس الذين يريدون للحكومة أن تظل متفرجة في الشأن الاقتصادي لصالح السماسرة والمضاربين.. ولأن المال الذي يدفع هو مال الشعب، فإننا ننتظر تصريحاً مماثلاً من المسؤولين حول أسعار القمح التي تورد لبلادنا، وحول العائدات من الذهب التي تلقاها البنك المركزي في العام الماضي، وحول التسهيلات والإعفاءات التي تلقتها المنظومة الاقتصادية العسكرية في مجالي التصدير والاستيراد .. وأخيراً وليس آخرا.. فإن بنك السودان ووزارة المالية مطالبان بتوضيح التصرف في عدد من أطنان الذهب التي كانت بحوزة بنك السودان، وخرجت إلى شركات خاصة دون أي تفسير.. وأي كوز مالو؟ ________ الميدان