بحسب الوثيقة الدستورية فإنه يجب تشكيل مجلس تشريعي انتقالي لا يتجاوز عدد أعضائه ال300 عضو، تختار نسبة 67% منهم قوى الحرية والتغيير والنسبة المتبقية للقوى الأخرى غير الموقعة على الإعلان ، على أن يتشكل في غضون 3 شهور من توقيع الوثيقة التي تحدد اختصاصات المجلس وسلطاته وفترته الزمنية وشروط عضويته، إلا أنه لم يتم تكوينه ولعلّ ذلك أحد الأسباب الرئيسية فيالإخفاقات التي صاحبت الحكومة الانتقالية خلال العامين الماضيينوكان ذلك مصدر إحباط لمعظم مكونات الشعب السوداني، واعترفت قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة بهذا التقصير في عدة تصريحات، ويعتبر المجلس التشريعي حائط الصد لأي تشريعأو قانون لا يوافق عليه الشعب، الآن وبعد توقيع اتفاق جوبا وتشكيل حكومة جديدة يتوقع الإعلان عنها خلال الايام القادمة برزت بعض المبادرات لتكوين مجلس تشريعي توافقي تفادياً للصراعات ولأهمية دوره في التشريع ومراقبة الحكومة. مبادرة التوافق وبحسب بعض المصادر فإن رئيس الوزراء عبدالله حمدوكوافق على مبادرة التوافق الوطني لتكوين المجلس التشريعيحيث تجري ترتيبات لوضع اللبنات الأساسية من خلال مشاورات تستهدف تجميع القوى السياسية الحية وتوحيد رؤيتها لمواجهة تحديات الانتقال للحث على الإسراع بتشكيل التشريعي بصورة توافقية لأن التوافق أعلى درجات الديمقراطية، وإن هذه الخطوة تم اتخاذها بعد عرض الأمر على رئيس الوزراء ومباركته للتوافق، حيث إن من المقرر أن يضم الاجتماع التشاوري المرتقب كل القوى السياسية المنضوية تحت تحالف قوى الحرية والتغيير، فضلاً عن المنسحبين كالحزب الشيوعي وتجمع القوى المدنية وتجمع المهنيين(السكرتارية الجديدة) بالإضافة إلى لجان المقاومة وأسر الشهداء، وإن المبادرة لن يتجاوز سقفها الثلاثةأسابيع، وان القائمين على أمر المبادرة هم أحمد الطيب زين العابدين وبروفيسور منتصر الطيب والمهندس حسن العالم ووزير الثقافة والاعلام فيصل محمد صالح. هذه المبادرة يرى بعض المراقبينأنهاإيجابية في حال تم الاتفاق والتوافق عليها وستعمل على تجويد عمل المجلس لكن هنالك احتمال بالفشل اذا كانت المبادرة تحت قيادة اتجاه سياسي محدد في محاولة للسيطرة على المجلس كما أن هنالك تخوفاً من الدخول في محاصصات تقلل من أداء المجلس بفاعلية وشفافية، وذلك بتمرير قرارات كل كتلة للأخرى أي تبادل مصالح ليس أكثر.
برلمان متخصص التخوف من المحاصصة والوقوع في ذات الأخطاء التي صاحبت عمل الحكومة السابقة جعل الكثيرين يرون أنه من الأفضل التأني في تشكيل الحكومة الجديدة بشكل عام والبرلمان بصورة خاصة حتى يتم التوافق على شخصيات متخصصة وقوية ووطنية تستطيع العمل من أجل الوطن بغض النظر عن الانتماءات الحزبية، خاصة وأنهم يرون أن اتفاق سلام جوبا قد كرَّس لهذه المحاصصة منذ البداية، هذا ما أكد عليه المحلل السياسي محمد علي فزاري ل"المواكب" بأن الاتفاقية منذ البداية كرست للمحاصصة، كما ألغت الاتفاقية الوثيقة الدستورية في كثير من المراحل فأصبحت بها ثقوب كثيرة، وغياب المجلس التشريعي خلال الفترة الماضية كان له تأثير سلبيلذلك يجب أن يكون تكوينه من أولى الأولويات، ويجب أن يخضع اختيار الشخصياتلدراسة متأنية ومتخصصة ويتم الاختيار وفق التخصصات (إعلاميين، اقتصاديين، سياسيين..) لأنه سيعالج كثيراً من القضايا اذا تم الاختيار بشكل صحيح، وحتى لا يتكرر برلمان (البصمة والصفقة) بل تكون الشخصيات الممثلة للشعب نواب مصادمين يستدعون الوزراء ورئيس الوزراء اذا اخطأواوبذلك سيحدث تغيير فعلي على مستوى البلاد وتتم معالجة كل المشاكل والإخفاقات السابقة.
توزيع إيجابي البعض يرى أن تكوين المجلس التشريعي بهذه الطريقة يصب في خانة المحاصصة لكن لا مشكلة اذا كانت يؤدي إلى التوافق والتراضي ومن ثم العمل على تحقيق متطلبات الشعب ومعالجة القضايا المصيرية. هذا ما ذهب إليه محمد الهادي، الأمين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد ل"المواكب"، بقوله::إن لكل شخص انتماء سياسي لكن في حالة العمل العام يجب أن يتجرد الجميع لصالح الوطن من أجل تحقيق المشروع الوطني وبهذا يمكن معالجة كل المشاكل عبر التوافق، كما أنالمحاصصة تخلق نوعاً من التراضي وتشمل التوجهات السياسية المختلفة، وفي الحكومة السابقة كانت الحرية والتغيير وحدها لكن الان معها الموقعين على اتفاق السلام الجبهة الثورية، والتشكيل الجديد اذا تم بالتراضي والكفاءة والتخصص لا مشكلة ، والآن توجد إيجابيات على رأسها رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب". وأضاف الأمينأنه يجب أن لا نضيِّع الفرص على شعبنا بكثرة الجدال والاختلاف، وتكوين المجلس عبر التوزيع بعدالة أفضل لأن (العدالة في الظلم عدالة) بأن يتم تقسيمه على كل قوى الثورة ليكون له دور فاعل، وهناك الكثير من المشاكل في الخرطوم وفي الولايات يجب أن نعمل على معالجتها ولا يصح إلا الصحيح، والثقة الآن متوفرة ونتمنى الأفضل للبلاد. إذن تحركات ومبادرة من قبل منظمات المجتمع المدني بالإضافة إلى أخرى من المهتمين بالمسارات السياسية بغية استعجال استكمال مؤسسات الفترة الانتقالية خاصة المجلس التشريعي والذي يُرجى منه الكثير في ظل تقاطعات على كافة الصُعد، ليبرز السؤال المهم: هل تفلح تلك الجهود في قطع الطريق أمام المحاصصات والتعيين السياسي لنواب الشعب؟!.