الباحث أو القاريء الذي لا يرمي إلى معرفة الحقيقة ويريد تلوينها واستخدام بيان سحر الكلمة نصرة لعشيرة دم أو فكرة قد لايستسيغ ما جري على الخاطر وسال به القلم على قرطاس اسفيري . وجه الشبه بينهما أنه لا دور مذكور مشهود لهما في الحدث الذي تم سواء انقلاب الإنقاذ في يونيو أو ثورة الشعب في ديسمبر . ثانيا المهمة التي جيء بهما لتنفيذها هي استعمال بصمة الابهام لتمرير قرارات أعدت سلفا غير مسموح له قراءتها سوى( موقع توقيعه وصدر تحت توقيعي بتاريخ )والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى بالنسبة للبشير ابتداء من الذين تم تنفيذ فيهم الإعدام في رمضان حيث جاء شمس الدين يحمل له قرار توقيعه وحينما أراد أن يستبطئ الأمر قيل له لقد سبق السيف العزل وتم التنفيذ ، والواقعة الثانية قيل والعهدة على الراوي ان ضابطا من أهل شندي شمله كشف التقاعد عن الجيش وحينما جاء أخوال البشير يسألونه عن الأمر قال لهم هل صحيح شمله الكشف؟ فقال كبيرهم ( قوموا يارجال كفانا وصلت الرسالة) وما قصة البيان الذي كان ينوى إلقائه في جمع بالقصر الجمهوري حيث كانت الإرهاصات والتوقعات ان يقدم فيه استقالته ، فإذا في أخر لحظة يتم استبدال الخطاب واجبر على قراءته وكانت تلاوته عسيرة عليه وما شفع له إلا قدرته البارعة في التمثيل التي أسعفته وتابع قراءة الخطاب أما بالنسبة لحمدوك فقرار تكوين لجنة فض الاعتصام غلبة الظن أن حمدوك بصم قبل أن يقرأ لذلك لم يكن متحمسا لعملها وقراراتها بل أن مشهد إعلانها يوم جاء وزير الإعلام هرعا لوكالة سونا للأنباء وهو يتهلل فرحا حتى فقد وقاره لحظتها ليعلن انه جاء بقرار تكوين اللجنة بعد أن قام حمدوك بتوقيعه قبل لحظات . ثم يأتي التشكيل الأخير لمجلس الوزراء حيث يقال والعهدة على الراوي أن حمدوك ما تجاوز الرقم الأول في قائمة الترشيحات حتى عندما ظن انه يملك الحق الخيار تراجع أمام إصرار جماعة العدل والمساواة في تبؤ الوزارة وفي استبعاد شخص بديلا لشخص قام باختياره من نفس المجموع . حكم البشير فعليا عامان خلال عمر الإنقاذ الذي امتد لثلاثة عقود خلال 28 عاما أحسنوا وفادته واعد له من الطعام ما تطيب له النفس وزوجوه من أجمل النساء وشغلوه بمزرعة وبقرة وإنتاج العنب وتفرغوا لحكم البلاد حتى حماس جعلت من شقيق البشير مسئول عن دعم القضية الفلسطينية للتمكين على طريقتها . كلاهما سار على نهج استرضاء حملة السلاح بل وصل عند حمدوك إلى التسليم بأطروحاتهم الفكرية التي لاعلاقه لها بالمظالم الجهوية وحسينيات التهميش فسار على درب الإنقاذ باعتماد سياسية التمييز الايجابي وهو أن يميز اقليم وأبناءه وطلبته وخريجه على سائر أبناء الأقاليم الأخرى وما سياسات التمييز الايجابي إلا نسخة مكررة من اتفاقية فرساي التي مهدت لحرب القادمة ولا سلام مستدام والتي قد تكون الثالثة البائنة بينونة كبرى التي لا يحللها إلا تيس مستعار . ماأشبه الليلة بالبارحة فالذين جاءوا بالبشير أصبح في خاتمة المطاف عقبة أمامهم فقد رفض كما قال الترابي البشير أن ينزع بدلته العسكرية بل زايد عليهم في الفكرة وادعى أن والده قد بايع حسن البنا- بل فعل ما فعله العباسيون عندما عزلوا القبائل العربية وقربوا الفرس والترك لينقلبوا عليهم كما انقلب الدعم السريع الذي اعد لذات المهمة . كانت الإنقاذ في أخريات أيامها وصلت لطريق مسدود فقد عجز الحزب أن يقيله وعجزه هو أن يتمرد عليهم بالكلية وكانت الحالة توصف بحالة لا حرب ولا سلام، او لا نريدك ولا نحمل براك ، يعلم راعي الضان في بادية الحمر أن قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين ليسوا على وفاق مع حمدوك ولكنهم لا يريدون بديلا عنه مما أصبح كبيضة القبان حتى بات العسكر يفضلونه على غيرهم، وما دعوة البرهان بتشكيل حكومة طوارئ برئاسة حمدوك إلا تعبيرا عن تلك الحالة. الأيام القادمة قد تشهد شد وجذب بين مجلس الشركاء وحمدوك من يقود الأخر لبيت الطاعة حمى الله سوداننا الذي أرضه رفات أجدادنا ولا نحمل ولا نطمع في جنسية سواه .