تعاني كثير من الدول العربية والأفريقية من الأزمات الاقتصادية economic crisis , ومعظم أسباب هذه الأزمات ناتجة عن سوء إدارة الموارد المادية والبشرية والتي تأتي نتيجة للتفكير داخل الصندوق وتجريب المحاولات التي تم استخدامها من قبل . وإذا نظرنا من حولنا نجد أن هنالك بعض الدول حققت نمواً اقتصادياً كبيراً وذلك لأنها بحثت عن حلول غير تقليدية . نتناول في هذا المقال فكرة لعلها تساعدنا في الخروج من الأزمات التي ساهمت في تدهور الأوضاع الاقتصادية من خلال تناول نظام ( BOT ) وهي اختصار ل Build , Operate , Transfer انشاء , تشغيل, تحويل ملكية ) والفكرة تقوم على أن يقوم القطاع الخاص أو المستثمريين بتقديم تصور لقيام مشروع يتعلق بالبنية التحتية مثل الطرق والجسور والمواني والمطارات ومحطات توليد الكهرباء .. وتقوم الفكرة على أن تقوم جهة بانشاء المشروع وادارته لفترة زمنية يتفق عليها وفي هذا الفترة تقوم الشركة الممولة للمشروع , بعد الانشاء , بادارة وتشغيل المشروع وبعد انتهاء مدة العقد يتم تحويل ملكية المشروع للحكومة. نحن في السودان وبحكم عوامل كثيرة لدينا امكانية لتحقيق مثل هذه المشاريع بشرط توفر الاستقرار السياسي والاقتصادي political and economic stability والذي يضمن للمستثمر المناخ المناسب لضخ الاموال دون التعرض للمخاطر مثل فسخ العقد والمصادرة أو أي نوع من المضايقات تحول دون اتمام مدة العقد حسب الشروط المتفق عليها . هنالك عدد من المشاريع يمكن أن نجذب الاستثمار الاجنبي والمحلي اليها ومن أهمها انشاء مطارات دولية , مواني ضخمة , مشاريع لتوليد الطاقة الكهربائية , الطرق والجسور وغيرها , بحيث تصب في التحول الاقتصادي في البلاد من خلال توفير بنية تحتية تكون اساس للنهضة والتقدم . نظام ( التشييد , التشغيل , تحويل الملكية ) يوفر على الحكومة مبالغ كبيرة قد لا تتوفر وبذلك تخفف عليها عبء التشييد , بالاضافة إلى ان هذا النظام يوفر خدمات مميزة في مجالات البنية التحتية التي ذكرناها فمثلاً يستقر الامداد الكهربائي والذي يؤثر ايجاباً في الصناعة وكثير من القطاعات الحيوية . هذا النظام يحقق للبلاد مساهمات معتبرة في مجال تدريب العمالة الوطنية في الجوانب المتعلقة بالادارة والتكنلوجيا وتكسبهم خبرات كبيرة . من عيوب هذا النظام أن هنالك شركات تبالغ في تقديرات التشييد وربما تسبب بعض العقود اضراراً بالعمالة الوطنية وخاصة اذا كانت هنالك شروط بعدم التدخل من الدولة . ولحل مثل هذه المشكلات خاصة المبالغة في التقديرات من الافضل اللجوء لقروض من بنوك دولية تتابع الاجراءات وتتأكد من سلامتها وتضمن حقوق الاطراف المختلفة وهذا النوع من القروض يعرف ب ( القروض الجماعية ) . هنالك دول استفادت من نموذج BOT واستفادت منها كثيرا في احداث تغيير في البنية التحتية infrastructure ومنها تايلاند , تركيا , باكستان , الهند , ايران , كرواتيا , ماليزيا , السعودية .. واذا حاولنا تطبيق هذه النماذج في السودان قد نجد صعوبة في الوقت الحالي لعدم توفر الشروط التي تؤدي إلى النجاح و أهمها الاستقرار السياسي والاقتصادي بالاضافة إلى القوانين والتشريعات التي تمهد إلى هذا الانتقال . يمكن تطبيق النموذج في تشييد مطار دولي و تطوير المواني البحرية حيث تتوافر مقومات نجاحه والتي تتمثل في موقع السودان الجغرافي ومن الممكن أن يكون السودان محطة دولية ونقطة تجمع كبيرة ستساهم في ربط القارة الافريقية والعديد من الدول . كما أن قيام مشروع السكة الحديد القاري سيعود على السودان بفوائد كبيرة في مجال التصدير والاستيراد . احمد عبد المنعم همت رابعة هندسة مدنية / جامعة ظفار