* منظمة (هيومن رايتس) تطالب الحكومة الإنتقالية بردع قوات المليشيا التابعة لنائب مجلس السيادة في السودان (حميدتي)؛ بحسب أخبار صحيفة المواكب الصادرة يوم الإثنين. * لو المنظمة دققت قليلاً ربما غيَّرت صيغة خطابها؛ وطالبت الشعب السوداني بردع الحكومة الإنتقالية ذاتها.. فهى التي لا تبالي بأفعال المليشيا؛ بل تتجاوزها؛ لسبب بسيط يُوضع بين قوسى (العلاقات العامة)! أي العلاقات بين عسكر المجلس السيادي وبين قادة المليشيا وبين القوى المدنية في الحكومة والمليشيا من ناحية أخرى. * العلاقات العامة هي آفة السودان القديمة المتجددة بالمصالح الشخصية والشُللية؛ كان حصادنا منها في النظامين البالي والحالي هو كسر العدالة وتسفيهها بل و(تسفيفها) التراب..! العلاقات هي التي جعلت المكون المدني الذي آلت إليه شراكة السلطة عقب الثورة أن يحني ظهره لفوضى هذه القوات؛ رغم أنها مُشرعنة من قبل (مجرم حرب محترف) ولص منحرف؛ كان القانون بالنسبة له (إحتيال) يدعم به تسلطه.. وكان له موردان مهمان ضمن موارد أخرى لتثبيت أركان دولته الخاصة: (المرتزقة من علماء السلطان؛ وكذلك القوات الخاصة به). * عن المليشيات؛ كتبنا عشرات المقالات باكراً بتواريخ مختلفة منشورة في بعض الصحف الورقية والانترنت.. وفي أول المقالات عن هذه الكائنات الجديدة بعنوان (مناهضة الجنجويد) بتاريخ 18 مايو 2014م؛ قلتُ: إن كتاب بعينهم يروجون لاسم جديد؛ عِوَضاً عن الإسم ذي الدلالة السيئة (جنجويد) ونعني به تلك القوات الهمجية التي استبانت تبعيتها لجهاز الأمن.. وتُجرى محاولة عرضها بالديباجة الجديدة في إطار يهدف إلى إنتشالها من جُب القبائح إلى رحاب ذاكرة سريعة النسيان تقبلها كقوات سودانية (طبيعية) باسم آخر مهضوم. * والآن السفلة من قوى الحرية والتغيير (تموا الناقصة)؛ ليس بالترويج للاسم المخادع فحسب؛ بل بتدعيم جهير للضباط المزيفين المنتمين لهذه المليشيا المنبوذة المبنية على باطل (الكيزان). (2) * الفقرات التالية المُرَقَّمَة من واحد لثلاثة؛ جاءت في تقرير منظمة (هيومن رايتس) بشأن انتهاكات الجنجويد.. ولأنني (لستُ مِهَنياً مع الباطل) فلا أستطيع تسمية هذه القوات البربرية بالإسم الذي ورد في التقرير؛ وقد صُبِغت به بُهتاناً من قبل بواسطة السفاحين في جهاز أمن البشير إمعاناً في شرعنتها. * الجنجويد لا ينبغي مناداتهم بخلاف اسمهم (الأصلي)! كما لا ينبغي أن يكون لهم وجود في سودان ما بعد الثورة إلّا داخل السجون؛ لكن بعض السفلة من قوى الحرية والتغيير أسهموا في تقوية ظهر هذه المليشيا؛ بالإعتراف بها باكراً من خلال التعامل إزائها بجبن ولا مبالاة؛ والنظر لقادتها وكأنهم ينتمون لقوات نظامية وطنية. قالت المنظمة باختصار: 1 هذه القوات تكتسب سلطات إضافية دون سند قانوني.. واعتقلت عشرات المدنيين خلال العام 2020م في ظروف تشمل إخفاءً قسرياً. 2 دعت المنظمة السلطات السودانية لإتخاذ خطوات عاجلة لضمان توقف هذه المليشيا عن العمل خارج القانون والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين. 3 قالت مديرة القرن الإفريقي في المنظمة "ليتسيا بادر": (إذا كانت الحكومة الإنتقالية ملتزمة بالقطيعة مع ماضي البلاد الحافل بالإنتهاكات فعليها ضمان أن يكون عمل القوات ضمن القانون). * لعل الإشارة الأخيرة تستبطن خيراً في الحكومة والمليشيات معاً؛ بالنظر إلى إمكانية أن يكون عمل مليشيات أساسها (لا قانوني) ضمن القانون؛ بدلاً عن الإشارة إلى تاريخها السييء الذي لم تغيره الحوادث وضرورة محاكمة قادتها؛ إذا استصحبنا (الرتب) غير القانونية التي تزين كتوف ضباط المليشيا وقائدها. * تقرير المنظمة لا نعوّل عليه للفت المجتمع الدولي ليفعل شيئاً تجاه الجنجويد؛ فالتعويل يظل على الداخل؛ بالنظر إلى تجربتنا مع النظام القمعي الذي (لقَّط) المليشيات لحماية رؤوسه الإجرامية؛ ثم أصبحت الرؤوس (في خبر كان) تحت ضغط ثورة ديسمبر.. أما الحكومة الإنتقالية المُخاطبة بأمر ردع المليشيات؛ فهي التي بحاجة إلى (ردع ثوري) إذا استمرت في سفلها؛ متغافلة عن تمددٍ خطير للقوة الشريرة وللرأسمالية الطفيلية؛ مُمثلةً في قادتها. أعوذ بالله المواكب