أوائل سني النظام البائد، راج في الشمالية التعبير المرير الساخر ( التلت للٍإسبير والتلت للزبيروالتلت للطير، والمزارع فاعل خير ).للظلم الذي أحس به المزارعون من أخذ الحكومة إنتاجهم بالقوة، أما في مشروع حلفا الجديدة وفي ظل نفس السياسة ،فقد كان مزارع من أهلي الحلفاويين في انتظار الحصاد مستاءً من نفس المصير . وقبل الحاصدة أتت مجموعة من السيارات إحداها للشرطة .بعدها مباشرة ظهرت سيارة لمدنيين مسلحين وقبل له أنها سيارة الأمن. فقال عندها ( أصلو الحواشة حيطلع قمح وللا منشورات !!!؟). في الموسم الماضي كان المزارعون على استعداد تام في خضم الشعور الثوري لتوريد إنتاجهم من القمح للحكومة بعد تحديد السعر المجزي المتفق عليه. ولعل الكل يذكر أن فلول النظام السابق قد قد رفعوا السعر للمضاربة في القمح . ورغم وقوف المزارعين ضد الفكرة في البداية ، إلا أن الإخفاق الحكومي كان بيناً ، ما أدى في النهاية إلى خروج القمح من يد الحكومة.فلا يكفي أن تعلن الحكومة سعر تركيز مجز لتضمن دخول القمح إلى مخازن البنك الزراعي . وما لم يختلف تعامل الحكومة مع هذا الملف عن العام السابق ، فلنستعد لدخول الأموال المزورة في المضاربة في محصول القمح. لا سيما وأن الظروف تساعد على ذلك كثيراً . فقد ضُيق المجال على العملات المزورة في تجارة الدولار بعد السياسات المالية الجديدة. وموسم القمح محدد بفترة زمنية وجيزة ويتم الحصاد لكل النمرة في اليوم الواحد مما يوجب الاستعداد للتعامل مع هذه الظروف. إن عوامل فشل الحكومة في العام الماضي متعددة .ليس في شراء المحصول فقط ، بل حتى أخذ المديونية قمحاً وهي : عدم تمويل الإدارة الزراعية من قبل الدولة . وهذا يضطر الإدارة الزراعية إلى السماح بدفع المديونية نقداً لمقابلة التزاماتها أمام عمليات الحصاد من وقود وخلافه.والتجار هنا جاهزون بأموالهم . والعام الماضي مررت بتجربة شخصية . فقد كان موظف المخازن يلح على لبيع القمح للتاجر ليريح نفسه من عناء النقل. وكانت شاحنة المديونية خالية وشاحنات التجار ملأى .وعمال الشحن للحكومة يتذمرون . عقم الإجراء الحكومي في الشراء مقابل مرونة التجار .فلك أن تتخيل حسب ما تم في مشروع حلفا في العام السابق ، أن على المزارع الذي يريد بيع القمح للحكومة ترحيل القمح لمخازن البنك الزراعي والانتظار يوماً كاملاً مع صفوف الشاحنات للتفريغ. فقد كان لهذه السياسة أثران سالبان . أولهما أن شراء التجار للمحصول في الحواشة يجعل المزارع مفضلاً ذلك عوض التلتلة المصاحبة للترحيل وتكاليفه التي قد لا تكون متوفرة لديه. أما الثاني فهو عزوف الشاحنات عن الشحن للمزارعين لتفادي إضاعة زمنهم. عليه نرجو أن تكون اللجنة المكونة للحصاد قد وضعت ذلك في الاعتبار. ونقول أن أي سياسة حكومية لشراء القمح لا تحمل عن المزارع عبء الترحيل بتوفير الشاحنات وموظفي البنك الزراعي في موقع الحصاد لتسليم الإيصالات في الموقع لا تعني ضياع القمح من الحكومة فقط ، بل يزيد من احتمال دخول الأموال المزورة في المضاربة ما يفقد الحكومة القمح والمزارع المسكين تعب موسمه.