سلط تحليل نشر على موقع مجلس العلاقات الخارجية الضوء على الدور الذي تلعبه روسيا في جمهورية أفريقيا الوسطى، من خلال مجموعة ""فاغنر" العسكرية، مستغلة حالة "عدم الاستقرار" هناك في بلد مليء بالموارد الطبيعية. وقال التحليل إن روسيا وثقت علاقتها بالرئيس فوستان آرشانج تواديرا الذي لا يكاد يسيطر سوى على العاصمة بانغي، بينما تستحوذ الجماعات المتمردة المسلحة على نحو ثلثي البلاد. وفي ظل "انعدام الأمن والتنافس على السلطة" في بلد شهد أربعة انقلابات ناجحة وانقلابين فاشلين منذ عام 1979، دخلت روسيا في شراكة مع تواديرا ولكن "على حساب البلاد". وتعود جذور تلك العلاقة إلى ديسمبر 2017، عندما سمحت الأممالمتحدةلروسيا بتزويد نظام تواديرا بأسلحة خفيفة لاستعادة السيطرة على مناطق استحوذت عليها جماعات متمردة. وسرعان ما تعمقت العلاقات بين الطرفين، و بحلول مارس 2018، أصبح فاليري زاخاروف، المسؤول السابق في GRU، ذراع الاستخبارات العسكرية الروسية، مستشارا للأمن القومي لتواديرا. وبعد أشهر، ظهر تواديرا علنا وسط أفراد حماية روس يُعتقد أنهم جزء من "مجموعة فاغنر" التي يديرها يفغيني بريغوزين، الذي يعتبر ضمن الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وذكرت تقارير سابقة أن "فاغنر" لديها آلاف المرتزقة في ليبيا وسوريا وفنزويلا والسودان وغيرها من البلدان. ودعمت هذه المجموعة قائد قوات شرق ليبيا، خليفة حفتر، الذي قاتلت قواته ضد حكومة الوفاق الوطني. وبريغوجين أيضا هو مؤسس وكالة أبحاث الإنترنت الروسية سيئة السمعة "ترول فارم" التي أدرجتها هيئة محلفين أميركية كبرى ضمن الجهات المتهمة بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016. ويشير تقرير مجلس العلاقات الخارجية إلى أن رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى استعان بهذه المجموعة لتدريب قوات الجيش من أجل توفير ما سماه التقرير "مقاومة ضد الانقلابات". ومقابل الحماية، منح الرئيس شركة تعدين تسمى Lobaye Invest ، وهي مملوكة لبريغوزين، حقوق الاستكشاف لسبعة مناجم للذهب والألماس. ويعكس هذا الأمر بحسب التحليل مدى الاهتمام الروسي بالحصول على الموارد الطبيعية في الخارج، لأن اقتصادها يعتمد بشكل كبير على هذه الموارد، ونظرا للتكلفة المرتفعة لإنشاء بنية تحتية في سيبيريا الشاسعة، فقد يكون التوسع العسكري في جمهورية أفريقيا الوسطى ودول أخرى جزءا من استراتيجيتها لتأمين الموارد خارج حدودها. وتسعى روسيا إلى "تكرار تجربة فاغنر الناجحة" في سوريا، حيث ساعدت هذه المجموعة نظام بشار الأسد، الذي منحها حقوق تشغيل قاعدة حميميم الجوية السورية على البحر المتوسط واستكشاف احتياطيات النفط البحرية. وتسيطر "فاغنر"، التي قال التحليل إن لديها ما يقدر بنحو 1500 جندي في البلاد، وشركة أخرى مرتبطة بروسيا تسمى "سيوا" على ثلاثة مطارات تقع في مواقع استراتيجية تسمح بتصدير الموارد الطبيعية المستخرجة من مواقع التعدين والمشتراة من السوق السوداء. ويقول التقرير إن الصفقة آتت أكلها بالفعل لرئيس البلاد فقد وفر التدخل الروسي الحماية له من محاولة انقلابية قام بها الرئيس السابق، فرانسوا بوزيزي، في ديسمبر 2020، بالتعاون مع جماعات متمردة. واستجابة لنداءات تواديرا، أرسلت روسيا 300 مدرب عسكري من "فاغنر" ومروحيات، ساعدت بالتعاون القوات الرواندية، وبعثة الأممالمتحدة (MINUSCA) في استعادة ثلاث مدن وطرق رئيسية بالقرب من العاصمة، ونجحت في صد الانقلاب والسماح للانتخابات بالمضي قدما، حتى أعلن فوزه في الانتخابات. ويشير التحليل إلى أن روسيا ستركز جهودها في المستقبل على تعزيز وجودها في أفريقيا من خلال متعاقدين من القطاع الخاص وذلك في بلدان "تمزقها حالة عدم الاستقرار السياسي ولديها موارد طبيعية وفيرة".