(نحن ناس دارفور أهل رفاهٍ وطربْ) هي جملة ظلت تتردّد على أسماعنا، كلما سنحت لنا جلسات الأنس والمحبة، لمؤانسة بعضنا بالتثَاقُف، ونحن في حضرة الأخ، آدم عبد الكريم دقاش- أبُو الدُقْش- مثلما يحلو لي أن أكنّيه، صاحب برنامجي: الكشَمْبيرَا، وتَبرِيكْ ورَمْبايْ، وغيرهما من البرامج، في إذاعة نيالا، و(الكَشَمْبيرَا) هي ما تتم صناعتها من العيدان الرفيعة في شكل حدَبة ليتم وضع الملابس من فوقها، ومن تحتها يتم وضع مخبر الصندل أو الأعواد الزكية، وجمْرات من النيران، لتنعكس رائحتها على تلك الملابس، أما (التَبرِيكْ) فهو المكان المُجهز لمياه المواشي، والتي يتم حملها بالرَمْبايْ هو إناء مصنوع من الجلد وبعض العيدان، يتوسطهما حبل طويل، لإنتشال المياه من أعماق الآبار وإراقتها في التبريك، حتى ترْوي المواشي عطشها وظمأها منه، وأبو الدُقْش هو المهتم والباحث في التراث والأمثال الشعبية، بصورة عامة ودارفور بصفة خاصة، وقد ظل عزيزي مُمارسًا لسلطته الثقافية، مُنقبًا للتراث والحكم، عبر كتابه المعنون: (التراث الشعبي بين التلقائية والتقنين)، الذي ظل حبيسًا بين الأدْراج والجُدران، بسبب: (قلة الحيلة، والإيد القصيرة)، بيْد أنه لم يستكِن لهما، بل ظل صادحًا بصوته الجهور، ثم ناثرًا لبَوْحِه الثقافي والمعرفي، ورافعًا لعقيرته التوعوية، ومُدركًا لدوره كقائد للرأي، تُجاه مجتمعه، سيما مجتمعه الذي أنهكته الحروب والنزاعات، وظل يعمل من خلال برامجه ومثاقفاته على تعزيز قيم الفضيلة والعودة بأهل دارفور إلي زمان الإلفة والقيم الجميلة، ممّا ستُسهم في تجْسير الهُوّة بين التباينات الزمانية والمناطقية والإجتماعية، ويأمل أهل دارفور العودة بأنفسهم إلى ساحات (المَدِى) أي ساحات الرقص والطرب والجمال، وهي مساحات ندعو من خلالها إلي ضرورة الإهتمام والتوثيق لمعارفنا وحمل مكنوزاتهم وحفظها بين الصدور حتى لا تموت.