* ليس كل مُشتهَى متاح ما لم نسعى في دروبه حتى لو تقرّحت أرجلنا بالمشي.. وثوار السودان أتاحوا فرصة أن نكون أمة جديدة بثورة ديسمبر.. ولم تتقرح أرجلهم فحسب بل فقدناها بإستشهادهم.. فقدنا وجوههم التي كانت تشرق بالأمل فتُلهِم الآخرين.. فقدنا كل شيء جميل فيهم.. والفقد عظيم..! * إذا كان بعض المدنيين في قوى الحرية والتغيير قد قبضوا ثمن تنازلاتهم عن الثورة برمتها وشهدائها؛ فلا يأس مع ذلك؛ إنما كل اليأس يتحقق بالنسيان والكتمان.. فعلينا ألا نترك القاتل هانئاً فوق كرسيه؛ يعوِّلعلى تداخل الأزمنة والأحداث ظاناً أن يكون التداخل مُنجياً له مما يخشى. * لم يفرط الثوار في ثورتهم؛ بل خبأ نورها بالخديعة والتجاوز؛ واعتلاء سفلة الفيافي والمنافي للمشهد؛ فكان البيع الرخيص للثورة من شرذمة مدنيين كاد أن يقتلهم الظمأ للمناصب..! ثم جاء البيع (التقيل) بالمحاولة الجارية على قدم وساق لطمس قضية فض الإعتصام وتشتيت سيرتها بتكاثف أحداث أخرى بعضها مصنوع؛ وأيضاً طمسها بأفعال لجنة (مكشوفة الحال) أرى أنها أضرت بالقضية حتى الآن؛ بافتعالات تنبيك بأنها عن عمد.. مع كل ذلك ستكون تبعات صمتنا على مجزرة القيادة مدفوعة لاحقاً؛ وربما بثمن أكبر من المدفوع سلفاً. * محاسبة المشرفين والمنفذين في جريمة فض الإعتصام هي الحد الفاصل بين الدولة والفوضى وبين المستقبل و(اللا مستقبل)! وإن كان من دروس تركتها الثورة يمكن أن تفيدنا للزمن القادم فهي كثيرة؛ منها (درس التهاون)! أي تراخينا جميعاً في الثورة كخلاصة نضال سنوات.. أما الإعتصام التاريخي كتتويج لتلك النضالات؛ فقد كانت البطولة فيه حاضرة ميدانياً ومشتعلة وجدانياً.. لكن الخوف على المزايا المسروقة من عظام الشعب دفع السفلة لإرتكاب (الإبادة) أملاً في سحق الثورة.. وبالفعل تغلّب سلاح العسكر والجنجويد على الثوار العُزَّل إلّا من هتافاتهم. * كانت فرصة عظيمة للثوار بأن يزدادوا تماسكاً ويفرضوا شروطهم (من ميدان الإعتصام) لتشكيل الحكومة التي تمثلهم؛ بدلاًعن هذه السلطة المعتلة بالقتلة.. لكنه الغدر؛ يتغلب أحياناً على الحق لنكون أكثر حكمة ووعياً في ما سيأتي من فرص.. وفي منحى الفرص صدق البارودي؛ حين أشعر باكراً: بادر الفرصةَ؛ واحذر فوتها فبلوغ العز في نيل الفُرَص واغتنم عمرك إبّان الصبا فهو إن زاد مع الشيب نقص إنما الدنيا خيالٌ عارض قلّما يبقى؛ وأخبارٌ تُقص تارة تدجو؛ وطوراً تنجلي عادة الظل سجا؛ ثم قلَص فابتدر مسعاك؛ واعلم أن من بادر الصيد مع الفجر قنص * بين حين وآخر؛ بمناسبة وبدون مناسبة؛ سنتذكر مجزرة القيادة؛ ومن قنصوا أرواح الشهداء؛ وهي ذكري تؤلمنا؛ وتفرِح عسكر السلطة وجنجويدها (حاملي نياشين الخديعة) لأن قتل المواطن بالنسبة لهم هو (النصر الوحيد) الذي تعلموه واعتادوا عليه. أعوذ بالله عثمان شبونة