أعادت مشاهد العثور على الشهيد قصي حمدتو المفقود منذ فض الاعتصام ، اعادت الاحزان للشارع و فجرت غضب كثيف مكتوم في دواخل عدد كبير من الثوار و أعادت إلى الواجهة بقوة سؤال: من الذي فض الاعتصام ؟ و لماذا لم يتم القبض عليه حتى الآن؟ و لماذا لم يحاسب و يقتص منه ؟ لم تمر على السودان في تاريخه القريب لحظة عصيبة و مدمرة كالتي حدثت يوم فض الاعتصام، لا يمكن التسامح اطلاقا و لو لحظة واحدة مع كل يد اثيمة شاركت في الفض او أمرت به او أطلقت النار او اعتدت بالعصي او القول على ثوار عزل لم يقترفوا اي تعدي على حقوق الغير ، و لا يمكن مهما تقادم التاريخ ان يتنازل السودانيين عن دماء شهداء فض الاعتصام . جميعنا يعلم ان المخلوع البشير حاول بكل الطرق ان يفض اعتصام القيادة العامة و لكن ثبات صغار ضباط الجيش بقيادة حامد و محمد صديق و غيرهما كان عظيما و مهيبا و بالمرصاد لكل الامنجية و اذنابهم مما أعاد للجيش هيبته في نظر الشعب بعد اتهامات طالته أيام الثورة ، و قدم شرفاء القوات المسلحة في ملاحم الدفاع عن الاعتصام شهداء سطروا اسماءهم بأحرف من نور بجوار عبد الفضيل الماظ و رفاقه الأشاوس. لم يحدث فض الاعتصام في عهد المخلوع و لكنه حدث في عهد المجلس العسكري ، لو حدث فض الاعتصام في عهد المخلوع لتمت محاكمته على أبشع مجزرة في تاريخ السودان الحديث ، و بالتالي و بما ان المجزرة تمت في عهد المجلس العسكري فعلى لجنة التحقيق التي كونها رئيس الوزراء ان تستدعي جميع أعضاء المجلس العسكري فردا فردا و التحقيق معهم ، فالحقيقة تقول ان إنكار المجلس العسكري لقيامه بفض الاعتصام تحوم حوله حقائق مانعة متعددة، اذ ان الانكار كان يمكن أن يكون مقبولا لو ان المجلس العسكري بعد أن علم بتخطي قياداته الميدانية للتعليمات أمرهم فورا بالتوقف او ارسل من يتعامل معهم من جنود و ضباط القوات المسلحة المنتشرين في العاصمة ، و لكن المجلس العسكري لم يفعل ذلك!! ، بل قامت نفس القوات التي فضت الاعتصام باستباحة العاصمة لأكثر من 24 ساعة لم ير فيها اي مواطن طعم الأمن و الأمان في الشارع او في داخل منزله ، و لم نسمع اي رد فعل من المجلس العسكري أذاء ذلك ، بل تمددت الجريمة في ذلك الوقت لتشمل فص اعتصام كل الاعتصامات الموجودة في بقية الولايات ، فهل تم ذلك أيضا بمعزل عن المجلس العسكري ؟!! ذكر المجلس العسكري أن لواءا و معه آخرون هم من فضول الاعتصام ، فأين هم ؟ و ما اسماؤهم؟ و لماذا لم يحاكموا حتى الآن؟! جريمة فض الاعتصام ليست جريمة عسكرية و أنما جريمة مدنية و مجزرة دولية بكل المقاييس لا يمكن القبول بتحويلها إلى مجرد جريمة عصيان اوامر من ضباط و محاكمتهم بذلك أمام حكومات عسكرية لا يعلم عنها الشعب و أسر الشهداء شيئا !! لن ينسى الشعب فض الاعتصام، و لن يغفر لمن شارك في ذلك ، و الطريقة الوحيدة للنجاة من غضب الشعب هي مثول كل متهم في نظر الشعب امام لجنة التحقيق و على رأسهم جميع الجنود و الضباط الذين اظهرت الصور و المقاطع مشاركتهم في هذه الجريمة البشعة ، و على لجنة التحقيق كذلك ان تستمع إلى كل الثوار شهود العيان و أن تستخدم كل الأدلة و الوثائق من صور و فيديوهات كبينات على الجريمة . لم يجرح الشعب في تاريخه القريب في كبرياءه و شرفه كما جرح يوم فض الاعتصام ، فإن صبر الشعب الآن فهو إنما يعطي لجان التحقيق الفرصة ، فإن اقتصت للشهداء شكرها و إن عجزت فإن الشعب قادر على الاقتصاص من كل مجرم ، و قادر على استعادة حق جميع الشهداء ، لن يروح ابدا دم شهيد قدم روحه فداءا للوطن و الحرية . يوسف السندي