ربما هي السذاجة , أو عمى البصيرة ما دفع قادة الحراك المدني لتصديق أن جيش عقيدته القتالية و مشواره الطويل تخصص فقط في قتل مواطنيه , قد يصبح بين ليلة وضحاها حملا وديعا ينزع من جلده أشواك القنفذ و ينام معك كشريك على فراش السلطة وقد خلع أسنان الأفعى السامة … او ربما تلهفهم للسلطة … لكن حقيقة فض إفطار أسر الشهداء بذات العنف الدموي , الموغل في البشاعة , يُحدّثنا عن أن أكبر مخاوف قادة الجيش هو أن يجتمع الشعب أمام أبوابه من جديد , مما يعني عدم قبولهم بفلول لجنة البشير الأمنية التي يترأسها البرهان و ينوبه فيها حميدتي … أسر الشهداء التي حسمت أي جدل دون خوف أو مواربة و اتهمت حميدتي و البرهان و عبد الرحيم دقلو بفض إعتصام القيادة العامة و ارتكاب تلك المجزرة بعد أن قنعت تماما من أي خير قد تأتي به لجنة نبيل أديب , أعقب ذلك التصريح الذي من شأنه إعادة الثورة لمربعها الأول تصرف طائش جديد يزيد من تورط المكون العسكري في تلك المجزرة التي لن يزيل أثرها من نفوس السودانيين شيء سواء تعليق قادة العسكر في المشانق , وهو نداء استيقاظ للحالمين بشراكة حقيقية بين القتلة و ذويهم , فمن خرجوا اليوم جعلوا المكون العسكري بلا سلطة و كشفوا عن أنه هو المكون الأضعف و الأخس و الأجبن في هذه المعادلة المختلة , و أنه لولا غطاء المدنيين لهبّ ابناء القوات المسلحة الشرفاء و اطاحوا بالبرهان و المجرمين اعضاء مجلسه العسكري . فمن أطلق النار على العزل ليس بسوداني او شريف من شرفاء القوات المسلحة , بل هو قاتل , تلقى أوامره من قاتل , وهذا القتل رغما عن احاديث رئيس الوزراء الباردة , و الثقيلة الوقع على الآذان من شدة رتابتها , و خوائها من أي قوة او عزيمة , رغما عن إصطفاف الشعب من خلفه , ستمنح القتلة مزيدا من الجرأة في سفك مزيد من الدماء , مادام المقابل مجرد احاديث جوفاء و شعارات مستهلكة , وليس هنالك نفرة و ثورة حقيقية من رئيس الوزراء الذي ترك أمر الشهداء لفاسد متآمر مثل تاج السر الحبر المرتمي في أحضان لجنة البشير الأمنية … ما لم يستيقظ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك Abdalla Hamdok من غيبوبته المعنوية السخيفة , ويفهم أن الشعب السوداني قد يأكل الأرض قبل أن تُهان كرامته و يُسلب حقه , فسيأتي وقت يضعه في مواجهة مع نفس هذا الشعب الذي طالبه بالقصاص لأبنائه … و إن لم يفعل ذلك بأسرع ما يمكن , فسيصبح في نظرنا هو المتآمر على الشعب بكل بساطة … و أنه من يمنح الشرعية لشرذمة مارقة من بعض العسكر الذين اختطفوا القوات المسلحة بمعية ابنهم غير الشرعي الدعم السريع . لم يعد مهما من أنت أو أي زي ترتدي ما لم تقف الآن و تدين هذا التجاوز و القتل وسفك الدماء الذي يأتي عبر فوهات بنادق يدفع ثمنها الشعب , ورصاص عوضا عن أن يتم استعماله في استرداد حلايب و شلاتين , و الفشقة , يقتل به شباب و مستقبل السودان . الآن أنت إما معنا أو ضدنا .. هكذا قالت أسر الشهداء .. و لا مبرر لقتل أعزل .. و لا يرتضي القتل إلا متآمر .. هكذا .. ببساطة